تراجع النفط سيدعم الانتعاش الاقتصادي .. والموردون يرغبون في عوائد لا تضر بنموهم

تراجع النفط سيدعم الانتعاش الاقتصادي .. والموردون يرغبون في عوائد لا تضر بنموهم

أكد المهندس علي بن إبراهيم النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية أمام مؤتمر بتروتك في نيودلهي أمس أن الانخفاض الحاد في أسعار النفط في الأشهر الأخيرة سيسهم في تحقيق الانتعاش الاقتصادي، وأن المنتجين يريدون عوائد معقولة دون الإضرار بالنمو.
وقال النعيمي أمام المؤتمر المنعقد في العاصمة الهندية إن سعر النفط انخفض في الأشهر الأخيرة بما يتجاوز 70 في المائة منذ ارتفع إلى مستوى قياسي في تموز (يوليو) الماضي، وأن هذا الانخفاض سيلعب دورا رئيسا في دعم الانتعاش الاقتصادي. وشهدت أسعار النفط انخفاضا شديدا منذ بلغت مستوى قياسيا أعلى من 147 دولارا للبرميل في تموز (يوليو) وتأرجح السعر اليوم حول 39 دولارا للبرميل مع استمرار الحديث في (أوبك) عن خفض الإنتاج.
وقال النعيمي إن اجتماعا للمنتجين والمستهلكين عقد في جدة في حزيران (يونيو) الماضي أسهم في اعتدال أسعار النفط إلى حد ما. وأضاف "هذا التعاون واقترانه بسياسة السعر المعتدل التي تنتهجها المملكة دعما اعتدال الأسعار لفترة قصيرة. ومع ذلك وبسبب الركود الاقتصادي والمالي العالمي الحالي تراجعت الأسعار إلى مستويات لا تعكس أساسيات السوق".
ويوم الثلاثاء قال النعيمي في نيودلهي إن السعودية ستخفض إنتاج النفط
الشهر المقبل لأقل من المستوى المستهدف وفق اتفاقات أوبك وإنها مستعدة لخفضه أكثر لوقف انخفاض الأسعار الذي تجاوز 100 دولار. وقال النعيمي إن السعودية ملتزمة منذ فترة بتلبية احتياجات السوق الآسيوية المتنامية. وأضاف "اليوم أكرر التزامنا تجاه الأسواق الآسيوية في إطار الجهد التعاوني العالمي لتحقيق أمن الطاقة". وقال إن منتجي النفط يريدون عوائد معقولة دون الإضرار بالنمو الاقتصادي.

وأكد المهندس النعيمي أن الطاقة عنصر أساس لدفع عجلات الاقتصاد العالمي وتوافر كميات كافية من الطاقة في المستقبل بأسعار في متناول الجميع، أمر يزداد أهمية لجميع اقتصادات العالم وخاصة الدول الناهضة مثل الهند التي تتخذ خطواتها الرامية إلى الخروج من مستنقع الركود الاقتصادي.
وأضاف "إن أسعار النفط المنخفضة تمثل محفزات مهمة للانتعاش الاقتصادي حيث تتمخض عن زيادة القدرة الشرائية بما يبلغ بلايين وربما تريليونات الدولارات للدول والأفراد أي ما يعد في الأساس ضخ سيولة في جيوب المستهلكين ومن الواضح أن هذه الآثار الإيجابية يمكنها أن تسرع وتيرة الانتعاش في الاقتصادات الناهضة".
وركز على العلاقة بين السعودية والهند معيدا الأذهان إلى ما أكده في الجلسة الخاصة لبتروتك عام 2007 بالتزام المملكة على نحو خاص بتلبية احتياجات السوق الآسيوية المتنامية والتزامها بتوفير الطاقة للأسواق العالمية وبصورة خاصة للدول النامية وهو الالتزام الذي تدعمه خطط وإجراءات محددة وتخصيص أكبر من 80 مليار دولار لمشاريع رأسمالية ترمي إلى زيادة إمدادات الطاقة إلى الأسواق العالمية والحد من نقاط القصور في البنية التحتية، مبينا أنه ليس من قبيل الصدفة أن يتم استيراد جزء كبير من المعدات ومواد البناء والأيدي العاملة لبرامج التوسع غير المسبوقة هذه من قارة آسيا.
وقال "إن الهند والسعودية تجمع بينهما علاقات تقارب جغرافي وأواصر تجارية تعود إلى قرون بعيدة كما تربط بينهما جوانب ثقافية مشتركة وقد تعززت هذه الأواصر والروابط وازدادت تماسكاً بفضل العلاقة الاستراتيجية التي تمت تنميتها فيما بين الدولتين منذ زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز إلى الهند في عام 2006.
وأوضح النعيمي أن البترول يمثل أكبر صادرات المملكة إلى الهند في حين تستورد منها البضائع المصنعة عالية الجودة والمعدات، إضافة إلى ذلك يتواصل التغيير في استراتيجية شراء المواد في أرامكو السعودية باتجاه الأسواق الناهضة وأهمها الهند، مشيرا إلى وجود أكثر من 1.5 مليون مواطن هندي يعملون في المملكة ويسهمون في تنمية الاقتصاد السعودي وبالتالي يحولون أموالهم إلى الهند لتستفيد منها أسرهم وعده استثمارا متبادلا يخدم مصالح الدولتين معاً.
وعن علاقة المملكة والهند في مجال الطاقة رأى أنها مهيأة بصورة خاصة لتحقيق المزيد من التعاون معبرا عن فخر المملكة بأنها توفر نحو ربع الاحتياجات النفطية للهند التي تعد رابع شريك تجاري للمملكة حيث تمد سوقها المتنامية بنحو 500 ألف برميل في اليوم من النفط وتتمتع الهند بواحد من أعلى معدلات استهلاك الطاقة في العالم بفضل اقتصادها المتنامي والارتفاع المستمر في مستويات الرفاهية الفردية.
ولفت النظر إلى توقعات وكالة الطاقة الدولية بأن يتضاعف الطلب الهندي على النفط المستورد ثلاث مرات بحلول عام 2030 مما سيجعل الهند ثالث أكبر دولة مستوردة للبترول في العالم.
وأضاف "إن الهند تستجيب لهذه الزيادة في احتياجات الطاقة عن طريق تطوير بنيتها التحتية والعمل على التخلص من مواضع القصور وتعزيز علاقاتها الاستراتيجية وغرس ثقافة الإبداع ومن أمثلة النجاح الهندي النقلة التي حققتها الهند من خلال زيادة طاقتها التكريرية لتتحول من دولة مستوردة فقط للنفط الخام إلى واحدة من أبرز مصدري المنتجات البترولية. إضافة إلى أن جهودها الرامية لتحقيق أمن الطاقة ترتكز على إنفاق استثمارات كبيرة في قطاع التكرير والمعالجة والتسويق بما ينطوي عليه ذلك من آثار كبيرة لمستقبل الهند بوصفها مركزا عالميا لتكرير البترول وتصدير المنتجات المكررة، فعلى سبيل المثال فقد عمد قطاع النفط الهندي إلى زيادة طاقة التكرير في مصفاة "بانيبات" لتتمكن من تكرير أنواع النفط الخام الثقيلة ذات المحتوى الكبريتي العالمي كما يحقق مثل هذا المشروع القيمة المضافة من خلال مجمع بتروكيماويات متكامل ويقوم بوضع خطط لمجمع للتكرير والبتروكيماويات في باراديب".
وأضاف الوزير "إن الفعاليات النفطية المختلفة مثل بتروتك تسهم في إيجاد طريق حرير حديث سمته الازدهار والانتعاش عن طريق إيجاد منبر للحوار حول التعاون في مجال الطاقة، وتأمين إمدادات كافية والاستثمار في الموارد التقنية والبشرية ومواصلة تخفيف الآثار البيئية لأعمالنا ومنتجاتنا، وبوجه خاص خفض الأثر الكربوني لوقود وتقنيات النقل القائمة على البترول. كما أن الصناعة تدرك جيدا أن طبيعة التقلبات الدورية لسوق البترول إنما هي أمر لا يمكن تجنبه تماما غير أنه بإمكاننا التعاون للحد من أثر ما نواجهه من تحديات وتقلبات، وهنا أعتقد أن من المهم التركيز على هدفنا المتمثل في إيجاد سوق نفنطية مستقرة وتوازن في العرض والطلب مع وجود مقدار معقول من الطاقة الإنتاجة الفائضة على المدى القريب والبعيد فالاستقرار يعني ثبات أسعار النفط عند مستويات تشجع الاستثمار وتساعد في إيجاد مناخ ملائم لتطوير جميع مصادر الطاقة المجدية اقتصاديا والاستقرار يعني أيضا وجود مستوى يوفر عوائد معقولة للدول المنتجة ولا يضر بالاقتصاد العالمي وبوجه خاص لا يعوق تطلعات الدول النامية وآمالها".
وأكد وزير البترول والثروة المعدنية أن القدرة على توقع الأسعار المستقبلية عامل أساس في نجاح سوق وصناعة الطاقة وأفضل السبل لترسيخ هذه القدرة هو مراعاة المنتجين والمستهلكين على حد سواء للوضوح والشفافية فيما يقدمونه من معلومات وما ينتهجونه من سياسات معربا عن ثقته التامة بقدرة الأطراف المعنية على التعاون لتحقيق الاستقرار وإيجاد القدرة على توقع الأسعار المستقبلية لصالح صناعة الطاقة ونمو الدول المستهلكة والمنتجة وخاصة الدول النامية.
وكان المهندس النعيمي قد استهل كلمته بالحديث عن طريق الحرير الجديد مبينا أنه عبارة عن ممرات مجازية وفعلية يقول المحللون الاقتصاديون ومحللو الأعمال أنها لا تمثل انفتاحاً للتجارة بين الدول الناهضة فحسب وإنما تشير أيضا إلى استقطاب التجارة والاستثمارات العالمية بما يوحي بوجود نقله جديدة في القوة والنفوذ الاقتصاديين باتجاه الشرق.
وقال "من الواضح أن طريق الحرير الجديد ما هو إلا تعبير مجازي يعبر عما شهدته قارة آسيا من نمو مذهل وما تتمتع به من إمكانات نمو مرتفعة وما يترتب على ذلك من آثار واسعة النطاق تتمثل في احتلال الدول النامية المكانة اللائقة بها في العالم وتمتع شعوبها بما يأتي به النمو الاقتصادي من فرص أكبر ومستويات رفاهية أعلى. وفي إطار تناولنا لأهمية التعاون العالمي في تحقيق أمن الطاقة اسمحوا لي بأن أطبق هذا التعبير المجازي على الهند التي تمثل علامة رئيسة على طريقي الحرير القديم والجديد فقد كان الحرير وخشب الصندل والتوابل مكانتها التي كانت تتمتع بها في التجارة القديمة لتبرز الهند الحديثة كاقتصاد قائم على المعرفة ومركز لتقنيات المعلومات ولتحتل الهند بفضل ما تتمتع به من ريادة في العلوم والتكنولوجيا المرتبة الثانية في العالم من حيث عدد العلماء والمهندسين".
وأشار إلى ظهور الآثار السلبية للركود الاقتصادي الذي بدأ في الغرب في مختلف أنحاء العالم حيث أدت هذه الأزمة إلى تناقص الأموال المتوافرة للإقراض والاستثمار وتراجع أسواق الأسهم بصورة حادة ومن أبرز نتائج هذه التطورات جفاف منابع السيولة النقدية المتوافرة لتمويل المشاريع وغيرها من الاستثمارات التي يقوم عليها النمو الاقتصادي في الدول الناهضة.

الأكثر قراءة