غياب التشريعات والآليات ونقص السيولة أبرز تحديات التمويل العقاري في الخليج
قدر مختصون في قطاع التمويل العقاري حجم سوق التمويل العقارية في منطقة مجلس التعاون الخليجي بنحو 1.3 تريليون دولار تحوز الإمارات العربية المتحدة وحدها أكثر من 800 مليار دولار . ورغم ضخامة المبلغ نسبيا إلا أن المختصين يعتقدون أن التمويل لم يساير النهضة العقارية في الخليج حتى قبل الانتكاسة التي تعرض لها القطاع نتيجة التأثر بالتداعيات السلبية لأزمة الائتمان العالمية.
ويرى خبراء ومطورون عقاريون أن أبرز التحديات والصعوبات التي تعانيها سوق التمويل العقارية في دول الخليج العربي تتمثل في غياب التشريعات القانونية والشفافية، وعدم وجود آليات داعمة كالرهن العقاري ، ونقص السيولة، وفقر البرامج التمويلية، وكذلك تكرارها.
ويبدو التمويل العقاري أكثر أهمية في هذه المرحلة، خاصة وأن دول الخليج العربية تواصل حراكها العقاري الملحوظ إلى أن بات العقار يسهم بنسبة كبيرة في الناتج المحلي للدول.
ويلفت مطورون إلى أن بداية التمويل العقاري الفعلي قبل نحو خمس سنوات كانت قوية، حيث ظهرت إلى النور شركات متخصصة مع بوادر الطفرة العقارية أرسل إشارات إيجابية للجميع بأن قطار هذا القطاع سيواكب قطار العقار ويدعمه، لكنه سرعان ما توقف في أولى محطاته. ومع تسجيل سوق العقار أرقاما خيالية، لم تشهد سوق التمويل ولادة شركات أخرى ولا حتى ضخ السيولة المطلوبة في الشركتين القائمتين" ويقصد شركتيّ أملاك وتمويل في الإمارات.
ومع وجود فرص كثيرة في قطاع التمويل العقاري بدأت بعض البنوك بالتحرك صوب هذه السوق وهي التي كانت تحجم حتى وقت قريب عن الدخول في مضمارها وبدأت بالتسابق فيما بينها لكن في إطارات محدودة للغاية.
ويعود إلى عدم وضوح القوانين الاستثمارية، الأمر الذي يردع أيضا شركات التمويل العالمية عن الاستثمار في هذا المجال، والأمر نفسه بالنسبة للشركات والبنوك المحلية التي تتحفظ في حالات عدة على عملية منح القرض لضبابية التشريع.
ويحذر المختصون من الآثار السلبية لنقص التمويل العقاري بالنسبة للباحثين عنه، وهذه الآثار ستسهم في ركود يصيب السوق العقارية في القريب المنظور. ولا تستطيع شركات التمويل العقاري المتخصصة والبنوك التي تمنح قروضا عقارية في الخليج عامة والإمارات خاصة سد الحاجة المتنامية إلى التمويل العقاري وهناك هوة واسعة بين حجم ما يعطى كقروض عقارية وما يتم طرحه من وحدات عقارية.
ويقدر حجم المشاريع العقارية في الإمارات وفقا لأرقام غير رسمية يقدرها مراقبون بـ 1.7 تريليون درهم يتركز أغلبها في إمارتي دبي و أبو ظبي. ويمكن للتمويل العقاري بشركاته وبنوكه وبرامجه القائمة تغطية نحو 7 في المائة فقط من الحاجة إليه، في حين تتوقع مصادر القطاع أن تصل الحاجة إلى التمويل السكني فقط إلى 200 مليار درهم خلال ثلاث سنوات.
وفي السعودية أكبر أسواق المنطقة ، سجل التمويل العقاري عام 2006 نحو 30 مليار ريال، فيما كان حجم مشروع واحد وهو مشروع مدينة الملك عبدالله الاقتصادية 100 مليار ريال.
ويرى متابعون أن هذا يعكس ضعف نظام التمويل العقاري، وعدم سن القوانين والتشريعات الناظم ما أصاب سوق التمويل العقارية بالشلل ،وبطَّأ حركتها.
ويلفت خبراء إلى تفرد بعض البنوك بمنح قروض عقارية بأسعار فائدة مرتفعة للغاية على فترات تقسيط غير مرنة وهذا من شأنه إجهاض سوق التمويل وتأخير حركة نموها.
وهذه المعضلة تطرح أهمية سن التشريعات اللازمة، ودعم نظام الرهن العقاري، ومنح التراخيص للشركات.
وتقدر بعض الدراسات حول التمويل العقاري أن 55 في المائة من السعوديين لا يستطيعون تملك منازلهم دون مساعدة مالية، و نصفهم يقطنون مساكن مستأجرة، علما أن أكثر من 75 في المائة من المجتمع هم من فئة الشباب أقل من 30 عاما.
وفي قطر هناك بنك عقاري واحد(بنك بروة العقاري) لذلك تتعالى الأصوات المطالبة بفتح باب التمويل العقاري من خلال إنشاء بنوك عدة للمساهمة في دفع القطاع العقاري، والذي بات من أهم القطاعات الحيوية الآخذة بالنمو بشكل قياسي.
ويؤكد الخبراء أن وجود بنـك عقاري واحد لا يفي بمتطلبات التمويل المرتفعـة.
ويرى مراقبون أن قطر على خلاف الإمارات والمملكة ستطلق مزيدا من الشركات المتخصصة في قطاع التمويل على ضوء الاستفادة من تجارب المنطقة وتجاوز سلبياتها في قطاع التمويل.
وفي البحرين تعمل شركتان متخصصتان في قطاع التمويل الإسكاني هما شركتا "ريف" و "سكنة" ، ويعطيهما صغر حجم السوق العقارية نوعا من الثقة والمقدرة على تغطية طلبات التمويل المقدمة من المواطنين والوافدين، التي يتوزع جزء منها على البنوك ووزارة الإسكان.
و تقدر حاجة مملكة البحرين إلى التمويل العقاري. بما يعادل خمسة مليارات دولار حتى السنوات الخمس المقبلة.
ويتفق الخبراء والمطورون العقاريون والجهات التمويلية على أن حجم الصفقات والقروض التي تستوعبها سوق التمويل العقارية الخليجية لن يقل عن 250 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، لذلك يطالبون، من أجل تطوير هذه السوق المصرفية الواعدة، بقوانين واضحة تمكنها من مواكبة طفرة العقار في المنطقة وتزيد من مساهمتها عبر الاستثمار وتمويل المشاريع والأفراد، وهذا يتطلب منها طرح خدمات جديدة أكثر تطوراً وأكثر مرونة، لدفع قطاع العقار.
و رغم أن أسواق دول مجلس التعاون الخليجية لم تتأثر بشكل مباشر بأزمة الرهن العقاري الأمريكية، لكن لا يستبعد مطورون ظهور مشكلة مماثلة في أسواق المنطقة خلال السنوات المقبلة. ويرى مختصون أن أسبابا عدة منعت تأثر سوق العقارات بالمنطقة بشكل مباشر بالأزمة العالمية منها عدم ارتباط سوق العقارات المحلية بالسوق العالمية، ووفرة السيولة لدى البنوك المملوكة بنسب كبيرة للحكومات، وفرض شركات التمويل شروطا حذرة على الإقراض العقاري.
ويؤكد خبراء القطاع أن على المعنيين في منطقة الخليج وخاصة في قطاع التمويل العقاري النامي التعلم من الأزمة القائمة فالمرحلة المقبلة تتطلب مزيدا من التشريعات والضوابط في منح القروض شرط ألا تحد من مرونتها، كما أن على البنوك المركزية أن تواصل دورها الرقابي، وعلى الأفراد أن يستزيدوا معرفةً وثقافةً بالقروض قبل أن يوقعوا على عقود مع الجهات المقرضة. ويطالب المطورون العقاريون بضرورة دعم سوق الإقراض والإعلان عن شركات تمويل جديدة لأهميتها في دعم السوق العقارية.