عودة قطاع الأسمنت للنمو
كنت قد كتبت مقالة في أواخر 2017 قلت فيها، إن شركات الأسمنت تموت ببطء، وللتذكير فقد كانت نتائج الشركات في ذلك العام سيئة جدا، حيث انخفضت أرباح أسمنت اليمامة بمقدار 71.48 في المائة، وانخفضت أرباح أسمنت القصيم بمعدل 41.80 في المائة، وأرباح أسمنت المدينة انخفضت 59.24 في المائة، وبالمثل انخفضت أرباح أسمنت الشمالية 69.38 في المائة، وكذلك انخفضت أرباح أسمنت ينبع وحائل بنسب بلغت 47.16 و85.23 في المائة على التوالي، وسارت شركة أسمنت الجنوبية على الخط نفسه وانخفضت أرباحها بمعدل 64.58 في المائة، ومثلها أسمنت السعودية التي انخفضت أرباحها 51.56 في المائة، ولم يقتصر الأمر في شركات القطاع في ذلك العام على انخفاض الأرباح بنسب ضخمة فقط، بل بدأ بعض الشركات تتحول للخسائر الصافية في نتائجها مثل أسمنت نجران التي حققت خسارة بقيمة عشرة ملايين مقابل أرباح بلغت 110 ملايين للفترة نفسها من العام الماضي - أي 2016.
وذكرت في المقال نفسه أن قطاع الأسمنت وشركاته أحد قطاعات الاقتصاد وسوق المال السعودية المهمة، ويوظف عددا جيدا من المواطنين ولا يجب الوقوف والتفرج على القطاع ينزف ويموت ببطء دون تدخل من قبل وزارة التجارة لإنقاذ القطاع وشركاته بفتح الباب أمام الشركات للتصدير بلا قيد أو شرط، وحث وزارة الإسكان على تسريع عملها وتحريك نشاط البناء والتشييد المتوقف، بسبب غلاء الأراضي غير المبرر في المدن الرئيسة.
هذا الأسبوع نشرت "الاقتصادية" خبرا إيجابيا عن قطاع الأسمنت، فوفقا لوحدة التقارير الاقتصادية في الصحيفة فقد قفزت أرباح شركات الأسمنت المدرجة في "تداول" 62 في المائة في الربع الأول من هذا العام، محققة أرباحا مجتمعة بلغت 1.05 مليار ريال.
وفي تفاصيل التقرير، فإن شركات القطاع تحقق نموا كبيرا ومتواصلا للربع الثالث على التوالي، وللمثال حققت "أسمنت الجوف" أعلى نسبة نمو من حيث صافي الأرباح بنحو 918 في المائة، تلاها "أسمنت تبوك" بصافي أرباح بلغت نسبتها 696 في المائة، ثم "أسمنت المدينة" بنمو 562 في المائة.
في حين كانت أقل نسبة نمو من نصيب شركة أسمنت السعودية التي زادت بنحو 11 في المائة ليبلغ صافي ربحها 147.6 مليون ريال، مشكلة 14 في المائة من صافي ربح القطاع، تلاها "أسمنت العربية" بنمو 22 في المائة، ثم أسمنت ينبع بـ 27 في المائة.
ومن حيث حجم المبيعات حققت شركات الأسمنت المدرجة إيرادات خلال الربع الأول من 2020 بلغت نحو 2.98 مليار ريال، مقابل نحو 2.33 مليار ريال للفترة المماثلة من العام الماضي، حيث نمت الإيرادات بنحو 27.9 في المائة، فيما زادت الإيرادات بنحو 5 في المائة، مقارنة بالربع السابق له (الربع الرابع 2019).
وحققت ثلاث شركات ارتفاعا في مبيعاتها بأكثر من 50 في المائة على أساس سنوي، وهي كل من "أسمنت حائل" بنمو 74 في المائة كأعلى الشركات زيادة في مبيعات الربع الأول وبقيمة 119 مليون ريال، مقارنة بنحو 69 مليون ريال، ثم "أسمنت القصيم" بنمو 71 في المائة لتبلغ المبيعات 262 مليون ريال مشكلة 8.8 في المائة من مبيعات القطاع، وأخيرا، "أسمنت أم القرى" بمبيعات بلغت 96 مليون ريال ونمو بلغ 52 في المائة.
والخلاصة، إن عودة شركات قطاع الأسمنت للنمو أمر جيد للاقتصاد، وتدل على نمو جيد في تنفيذ المشاريع السكنية ومشاريع البنية التحتية، كما أن القطاع حيوي في توظيف السعوديين، وكل نمو يحققه يعني زيادة في الطلب على توظيف السعوديين، إلا أن هذا يجب ألا ينسينا ما طالبنا به في مقالات سابقة من ضرورة اندماج بعض شركات قطاع الأسمنت لتخفيض التكاليف التشغيلية والاستفادة من اقتصادات الحجم، ومحاولة النفاذ إلى أسواق جديدة لمنتجاتها، فالاعتماد على سوق واحدة ليس مجديا كثيرا للشركات ولا بد لها أن تتطور وتسوق منتجها في الخارج، لضمان استمرارية وديمومة النمو في أرباحها ومبيعاتها.