معروف الرصافي أحد الأوتار الخمسة للشعر العربي المعاصر
وصف الكاتب المخضرم عبد الفتاح أبومدين شاعر العراق المشهور"معروف الرصافي" بأنه أحد أوتار الشعر العربي المعاصر الخمسة، مبينا أن هذه المنزلة أدركها الرصافي ومعه أربعة من رفاقه الأدباء: شوقي وحافظ ومطران والزهاوي.
وذكر أبو مدين في محاضرته التي ألقاها في خميسية الجاسر الأخيرة قصة قديمة مفادها أن الدكتور بدوي طبانة طلب من محمد رضا الشبيبي أن يكتب مقدمة لكتابه عن الشاعر "معروف الرصافي" فأطنب الشبيبي بتسجيل إعجابه بقدرات الرصافي الشعرية ونثره الأدبي، لكنه ما لبث أن بين أن الرصافي أيضا تخطى الحدود في نقده وسخريته وهجوه, فضلا عن إسرافه في المجون ومقارفة المعاصي التي لها في الشريعة حكم آخر، وهو ممن خلط عملا صالحا وآخر سيئا كما وصفه.
وأوضح أبو مدين في محاضرته التي جاءت تحت عنوان "بين الرصافي والشبيبي" أن حديث الشبيبي عن الرصافي لم يمر مرورا عابرا في الأوساط الثقافية العراقية آنذاك، بل أحدث ضجة في العراق ومصر لكن المكانة الدينية للشبيبي دفعت خصومه إلى انتقاده بالتي هي أحسن.
و ذكر الأستاذ أبو مدين في بداية المحاضرة نبذة عن الشاعرين معروف الرصافي ومحمد رضا الشبيبي موردا أن الشاعر معروف الرصافي ولد في بغداد سنة 1877 م ونشأ بها، وتلقى دروسه الابتدائية بالمدرسة الرشدية العسكرية، متتلمذا علي يد محمود شكري الألوسي في علوم العربية وغيرها قريبا من عشر سنوات، واشتغل بالتعليم ونظم أروع قصائده في الاجتماع والثورة على الظلم, وانتخب نائبا في مجلس المبعوثين العثماني، لينتقل بعد الحرب العالمية الأولى إلى دمشق.
وذكر أبو مدين أن الرصافي عين أستاذا للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس فترة من الزمن, ثم عاد إلى بغداد شاغلا عددا من الوظائف الحكومية، وانتخب في مجلس النواب خمس مرات وتوفي في بيته ببغداد سنة 1945 م.
وعن زميله الشاعر محمد الشبيبي قال أبو مدين إنه اشتهر في دوائر الخاصة دون العامة، لأن وقاره الديني ومركزه العلمي كانا عاملين على تواضع شهرته بالنسبة لصاحبه المشهور بشعر المجون والهجاء، وقد ولد الشبيبي في النجف سنة 1889 م وانتخب رئيسا لمجلس النواب ثم رئيسا لمجلس الأعيان سنة 1937م ، وبعد ثورة 1958 م انقطع لرئاسة المجمع العلمي العراقي إلى أن توفي عام 1965 م.
وكرر أبو مدين ما أورده مصطفى علي في كتابه عن الرصافي المسمى "أدب الرصافي" والذي نقض فيه كل ما قاله الشبيبي دفاعا عن الرصافي لكنه كان محاميا في دفاعه لا قاضيا، والحق أن الرصافي اقتصر على الدعوة إلى النهوض والتحلل من التعصب المذهبي، والدعوة إلى سفور المرأة، وهو ما أوجد ثورة عليه ,مع أن هناك من قام بالدعوة إلى هذه الأشياء دون أن يرموا بالكفر و الخروج عن الدين.
وأوضح أبو مدين أن الرصافي تورط في هذه القضايا دون أن تكون له دراسة عقلية، ولكنها كانت شذوذا فكريا بغيضا, مبينا أن الشبيبي كان على حق فيما أخذه على الرصافي من الشذوذ الديني و أتباع الملاحدة الأتراك في دعواهم إلى العلمانية التي تنكر الأديان.
وفي رده على المداخلات بعد نهاية المحاضرة أوضح عبدالفتاح أبو مدين أن الشاعر معروف الرصافي ممن خلطوا عملا صالحا بآخر سيئا وحسابه على الله، موضحا أنه لم يقرأ كتاب "الشخصية المحمدية" لمعروف الرصافي ليحكم عليه وليس هذا دوره في الحقيقة، لكنه ذكر أن الرصافي تحول من طالب عند عالم سلفي مثل الألوسي إلى الانحراف الديني والانتقال من اليمين إلى اليسار، وهو أمر حدث عند عدد من المثقفين.