د.سعد العباد: التفكير السلبي سلاح للدمار .. والإيجابيون يعتمدون على القوة
أكد الدكتور سعد العباد أن التفكير السلبي مثل سلاح الدمار الشامل ينتشر ويتعدى ضرره وخطره أعضاء الجسم كله، موضحا أن الإنسان السلبي يعتمد على ذاته وقوته الشخصية فقط فإذا فشل تحطمت معنوياته،أما الإنسان الإيجابي فإنه يعتقد أن هناك الله تعالى وهو القوة العظمى ويرى أنه فقير ويحتاج إلى العون والمدد منه سبحانه وتعالى. جاء ذلك في محاضرته التي قدمها في ثلاثية با محسون الأخيرة بعنوان (حياتنا نتيجة أفكارنا).
ودعا الدكتور سعد العباد إلى النظر من الزاوية الإيجابية إلى ما حدث من قتل ودمار وخراب ومصائب في أحداث غزة، خاصة مع المكاسب التي تحققت للفلسطينيين من إحياء لروح الجهاد في نفوسهم، وتوحيد الصفوف الداخلية لأهل فلسطين وأهل غزة على وجه الخصوص، وكشف الخائنين والمنافقين، وإحياء سنة القيام والدعاء والصيام، مبينا أن الحصر الأخير كشف الوجه الحقيقي لليهود، وحطم الناحية النفسية والأمنية لهم في مقابل ازدياد قوة الفلسطينيين المعنوية.
وأكد العباد أن من أهم النواحي الإيجابية توحيد كلمة الصف العربي والإسلامي، والتفاعل مع القضية على جميع الأصعدة، ووقوع الصراعات الكبيرة في دولة الاحتلال اليهودية بين أحزابهم، وازدياد الكراهية لليهود في قلوب المسلمين خاصة والعالم بشكل عام، كما أن تعاضد الشارع العربي والإسلامي في جميع بقاع العالم، وصدور الخطابات الدولية المنددة بالدولة اليهودية وانتفاضة الروح الإسلامية وظهور صور رائعة للتكافل الإسلامي.
وأشار الدكتور سعد العباد إلى أن التفكير السلبي في القضية جعلنا نرى أنها محنة وآلام وأشلاء ودماء، مما يجعلنا نعيش في ضعف وتوتر نفسي ونقتنع بالذل والهوان، مع أن هذه المحنة أصبحت منحة عندما نفكر بشكل إيجابي تجاه القضية، ونحتسب قتلى القضية شهداء في سبيل الله.
وبين المحاضر أننا من خلال التفكير الإيجابي نستطيع أن نبرمج حياتنا وعقولنا وتتفاعل معها مشاعرنا وأحاسيسنا، فالتفكير السلبي يجعلنا نعيش داخل المشكلة وبالتالي ينحصر التفكير في تلك المشكلة، وبالتالي تنقطع أواصر الحلول، ويعيش داخل صندوق ضيق.
وأوضح الدكتور العباد أن الإنسان السلبي ينظر إلى أن الأمر بيده، أما الإنسان الإيجابي فيرى أن الأمر بيد الله عز وجل وهذا ما يدعوه إلى بذل الأسباب وترك النتائج على الله سبحان وتعالى، مبينا أن الإنسان السلبي ضعيف الإيمان بالقدروإذا أصابته مشكلة يتشكى ويتشاغل عن الحل بالنواح، لأنه قد عطل ركنا من أركان الإيمان وهو الإيمان بالقضاء خيره وشره.
وبين الدكتور سعد العباد أن فقدان الثقة في النفس أهم أسباب الأمراض النفسية، وينعكس هذا على علاقة الشخص بزملائه في العمل وأبنائه وبيته وحياته الخاصة، موضحا أن الثقة بالنفس مدار التفكير الإيجابي والصحة النفسية، ليكون الإنسان راضيا عن نفسه ولتتشكل الثقة درعا واقيا ومفتاحا للسعادة، وفقدان الثقة غالبا يؤدي إلى القلق والاضطراب والشعور بالإحباط والنقص ويبدأ الشخص يقارن نفسه بالناس "والناس أحسن مني وأغنى مني وأجمل مني" ويدخل في المقارنات العجيبة التي هو في غنى عنها عندما تكون لديه الثقة بنفسه.
وكشف الدكتور العباد أن الأبحاث تؤكد أن 85 في المائة من الرسائل التي نرسلها لأنفسنا هي رسائل سلبية وهو يعود غالبا لقلة الثقة بالنفس، مبينا أن هناك ارتباطا بين الرسائل السلبية والثقة بالنفس، أي أننا "نصبح ما نفكر به" كما يبين العالم إمرسون، أي أننا نتيجة لأفكارنا وبناء على جودة أفكارنا تكون جودة حياتنا.
وطرح المحاضر مقارنة بين من يفكر سلبيا ومن يفكر التفكير الإيجابي، ووجد أن المتشائم غالبا يرى المعاناة في المشكلة، بينما الذي يفكر تفكيرا إيجابيا ينظر إلى المكاسب من المشكلة، كما أن السلبي دائما ما يبحث عن أسباب المشكلة، أما الإيجابي فيبحث عن حلول المشكلة.
وأشار الدكتور العباد إلى أن خضوع الإنسان للهواجس قد يدمر حياة الإنسان، والسبب أن هذه الهواجس تهمش الإنسان وتقلل من قيمته وشأنه، حتى يجعل هذا الشخص لا قيمة له في الحياة، كأن يقول الإنسان لنفسه : "أنت لا تعرف" أو "غيرك أحسن منك"، وتفتح هذه الهواجس خطايا الماضي حتى يثبت للإنسان أنه فاشل، ويأتيه بالهفوات والزلات التي ربما مضى عليها عقود، ويتجاهل الإنجازات والنجاحات.
وذكر الدكتور العباد أن الناقد الداخلي يرسخ لدى الإنسان أفكارا مثالية فإما النجاح 100 في المائة وإما التوقف عن أداء العمل، مبينا أن من صور الناقد الداخلي تضخيم نقاط الضعف وتقليل نقاط القوة لدى الإنسان، ولذلك نحذر من هذا العدو الذي يعيش في داخلنا.
وقال المحاضر إن من عوامل بناء الثقة بالنفس توسيع دوائر القدر والابتلاء وحسن الظن بالله ومعرفة نقاط القوة والضعف والإقبال على النفس مهما كان فيها من تقصير ومحاولة التغيير، والنظر إلى النفس نظرة شرعية وتعلم أننا غير مسؤولين عن النتائج، بل إننا مطالبون بالعمل.
وفي مداخلة للدكتور عبد الله التطاوي المستشار الثقافي في السفارة المصرية أشار إلى مسألة السياق والبعد المجتمعي وتأثيرها في الثقة بالنفس، وجاء رد الدكتور سعد العباد بأن المحور الاجتماعي مهم جدا والذي يرى أنه ضحية المجتمع سوف يفكر بفكر الضحية ولن يترك بصمة ولن يكون له دور، مبينا أن التأقلم مع المشكلة والتحمد والتشكر في الأزمات هو سبيل الخروج منها، مع العمل على الإيجابيات.