المقبلات المنسية
ترفع المقبلات معنوياتك، تدفعك بحماس للتأهب، والوثوب بثقة إلى ما هو قادم، عندما تكون خفيفة وشهية ستفتح شهيتك للطبق الرئيس. إذا لم تنل قبولك ستتراجع رغبتك عن تناول الوجبة الأساسية.
المقبلات لا ترتبط بالطعام فحسب، وإنما بكل مناحي الحياة، حينما نهمل مقبلات الكلام، نخسر الحوار برمته، في تقديري أن نظرية المقبلات جديرة بأن نعتني بها في تعاملنا، وأن نطبقها في جميع معاملاتنا.
نستهل أي لقاء أو حوار أو نقاش، بكلمات تشبه المقبلات، فتفتح نفسك وروحك للمزيد، الكلمات الاستهلالية اللطيفة لها مفعول السحر في تحسين مزاجنا والتحليق بأرواحنا. تلك المقبلات اللذيذة لا يصح أن نقدمها للبعيدين فقط، وإنما يجب أن نمنحها للقريبين أيضا. الجميع يتلهف للكلمة التي تروي ظمأه، وتطفئ جوعه، وتفتح شهيته. منذ عدة شهور، اعتاد أحد الأصدقاء على أن يرسل يوميا، جملة حلوة لثلاثة من أقرب الناس إليه، أمه وأبيه وزوجته.
تلك الرسالة اليومية تمده بالابتسامة، وتساعده على إدارة يومه الشاق. أسر لي أنه نسي أكثر من مرة إرسال تلك المقبلات اليومية، فلقي عاصفة من العتب من أحبته الذين اعتادوا على تناولها.
كتبت له أمه في أحد الأيام الحالكة التي لم يتمكن فيها من مشاركة طبق الكلمات الشهية معها: "يومي بات ناقصا دون كلماتك، أرجوك لا تفعلها مرة أخرى. لا طعم للساعات التي لا تجلب فيها حروفك المطمئنة والحنونة. تصدق، أحس أني متعبة بسبب غياب رسالتك". عكست تلك الرسالة قيمة الكلمات التي تغذي الروح والبدن.
نظن أنها مجرد كلمات عابرة، لكنها ترسخ في الوجدان، وتؤثر في الأبدان، افتتح لقاءاتك وحواراتك بالمقبلات. احترس من الاندفاع إلى صلب الموضوع دون تمهيد يعبد الطريق ويوطئه للنقاش.
بعض الكلمات مثل العصير البارد في عز ظهيرة حارة، تنعشك وترسم الابتسامة على محياك، أسعدوا من أمامكم بكلماتكم، فلا تعلمون ما يمرون به من تحديات وهموم.
تذكر دائما مقبلات الكلام، لتمنحك والآخرين أجواء السعادة، وتهبكم مشاعر الارتياح والطمأنينة.