كيف نحمي صناعتنا المحلية؟
تعد التجارة جزءا لا يتجزأ من النشاط الاقتصادي للسعودية، ومن المفهوم على نطاق واسع أن اقتصاد المملكة اقتصاد منفتح على كثير من الدول. ومع "رؤية 2030" وسياسة تطوير القطاع الخاص، تعد السعودية شريكا تجاريا مهما لعدد من الدول المتقدمة والصناعية، وتلعب التجارة دورا أساسيا في النمو الاقتصادي، حيث تهتم الرؤية بدعم القطاع الخاص وزيادة مشاركته في الاقتصاد، وكان هناك عديد من المبادرات لدعم قطاعات الأعمال في إطار الجهود المبذولة لتعزيز التجارة الخارجية السعودية، وحل التحديات الاستثمارية الدولية، وفق رؤية المملكة 2030. وتبين وجود تأثير إيجابي للانفتاح، وتوصلت دراسة أعدتها إدارة الأبحاث في مؤسسة النقد العربي السعودي، إلى وجود تأثير إيجابي ذي دلالة معنوية لعينة إحصائية للتجارة الخارجية، كتأثير في النمو الاقتصادي السعودي.
واهتمت الرؤية بتمكين نفاذ الصادرات من السلع غير النفطية والخدمات والاستثمارات الوطنية إلى الأسواق الدولية، وتوفير الحماية للمنتجات والخدمات السعودية من الممارسات الضارة في التجارة الدولية، لتعزيز القدرة التنافسية للصناعة الوطنية في مواجهة تلك الظروف، وتعزيز قدرة الصناعة المحلية على المنافسة ومتابعة التزاماتها في المنظمات الدولية والإقليمية.
وركزت "رؤية 2030" على القطاع الصناعي، حيث يعد برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، أحد أهم برامج الرؤية، الذي يهدف إلى تحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة ومنصة لوجستية دولية، في عدد من المجالات الواعدة "مع التركيز على تطبيق تقنيات الجيل الرابع للصناعة"، وذلك على نحو يسهم في توليد فرص عمل وافرة للكوادر السعودية، ويعزز الميزان التجاري، ويعظم المحتوى المحلي.
وعلى الرغم من سياسة الانفتاح التجاري، فإن كثيرا من الدول سن قوانين لحماية الصناعات المحلية مع وجود الانفتاح وتحرير التجارة، أمام المزاحمة وأسعار السلع المستوردة المنخفضة. واهتمت السعودية بتبني إجراءات تعمل على حماية السلع الوطنية ودعم الصناعة، فتم تكوين اللجنة الوطنية المحلية لحماية المنتجات من المنافسة غير العادلة، باستخدام إجراءات فنية وتنظيمية وقانونية يمكن تطبيقها وتفعيلها على المنتجات المستهدفة بالحماية كبداية، حيث تم تحديد عشر صناعات وطنية مستهدفة بالحماية واستبدال نظائرها المستوردة بها، لتحقيق منافسة عادلة، وتوطينها بما يحقق متطلبات السوق المحلية، مع مراعاة اتفاقيات منظمة التجارة العالمية والتجارة الحرة، وتم تحديد أربعة معايير لدى اللجنة الوطنية لاختيار المنتجات المستهدفة بالحماية، يتمثل الأول في اختيار المنتجات حسب حجم الواردات إلى المملكة وما يقابلها من الصناعات الوطنية، وكذلك تحديد القيمة المضافة للاقتصاد الوطني جراء اختيار هذه المنتجات، إضافة إلى حجم الفرص الوظيفية التي يمكن أن يوفرها أو يحميها اختيار هذه المنتجات، وأخيرا ألا يؤثر اختيار هذه المنتجات في المصلحة العامة والمستهلك من الناحية الاقتصادية.
إن اللجنة الوطنية لحماية المنتجات المحلية من المنافسة غير العادلة، أطلقت بمبادرة مشتركة ما بين الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة والقطاعات ذات العلاقة من الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص، وترتكز في أهدافها على أحد المحاور الرئيسة لرؤية المملكة 2030، لتتوافق مع هدف رفع إسهام القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي إلى 65 في المائة، وتحفيز نمو الصناعة الوطنية وتعزيز قدرتها التنافسية في الأسواق الوطنية. إن تحقيق هذه المنظومة "تشريعية، فنية، رقابية" يحقق المنافسة العادلة للمنتجات الوطنية، وتخطط لتوطين الصناعة ونموها بما يحقق توفير متطلبات السوق المحلية ويعزز فرص التصدير، ومتابعة تنفيذ الخطط، لزيادة فرص المنافسة العادلة للمنتجات الوطنية وتمكينها لتسهم في زيادة الناتج المحلي، مع الاستمرار في دراسة جميع القطاعات والمنتجات المتضررة من المنافسة غير العادلة وتطبيق أدوات الحماية عليها حسب مصفوفة الإجراءات الخاصة فيها، ومتابعة أثر تطبيق هذه الأدوات وقياس فاعليتها.
تحتاج الصناعة إلى مزيد من الجهد تجاه حماية الأسواق من السلع المستوردة ومكافحة الممارسات الضارة في التجارة الدولية، لما ينطوي على ذلك من آثار سلبية في اقتصادنا، وما تشكله من تهديد حقيقي لصناعاتنا الوطنية، حين تعجز عن منافسة واردات منخفضة، منخفضة السعر والنوع. كما أن حماية الأسواق والصناعات الوطنية، تعد أحد معايير القياس المهمة لجذب الاستثمار الأجنبي، لأنه من الأهمية بمكان للمستثمر الأجنبي الاطمئنان إلى أن الأسواق التي يستثمرون فيها هي أسواق مستقرة ولديها الأدوات والتطبيقات المناسبة لمواجهة كل ما يمكن أن يتسبب في انخفاض الطلب على السلع المحلية، ما يجعل منها بيئة غير مشجعة على الاستثمار في الصناعة.
عضو مجلس الشورى
رئيس جمعية الاقتصاد السعودية