القري يخالف هيئة المحاسبة ويدعو إلى التساهل في هياكل الصكوك
سوق السندات الإسلامية تستهل السنة الميلادية الجديدة بتكهنات انبثاق فجر جديد من الصكوك المهجنة الثانوية ومطالب "بالتسهيل والتيسير" على هياكل الصكوك الخليجية عندما تتم صياغتها من أجل تقديم "دفعة" لها في خضم أزمة الائتمان العالمية.
كشفت مصادر في صناعة المال الإسلامية لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أنه من المرجح أن تشهد سوق الصكوك العالمية ارتفاعا في التعامل مع سندات دين ذات أحقية سداد ثانوية subordinated debt خلال الأشهر القليلة المقبلة.
يقول أرشد إسماعيل، رئيس قسم الصكوك العالمية في بنك HSBC: "أعتقد أن المستوى المقبل بالنسبة لسوق الصكوك سيكون نوعاً مهجناً من السندات، أو الدين الثانوي، وهي أدوات ستساعد المؤسسات المالية الإسلامية على إنشاء هياكل رأسمالية ذات كفاءة".
وتلزِم الأجهزة التنظيمية عدداً متزايداً من البنوك الإسلامية بالاحتفاظ بحد أدنى من رأس المال، كما هي الحال مع البنوك التقليدية، كنوع من الوقاية ضد الأحداث السيئة. وتعد السندات الثانوية، التي تأتي في مرتبة أدنى من السندات الممتازة، أرخص أنواع رأس المال البنكي. ففي السوق التقليدية، يغلب على المستثمرين الارتياح للاستثمار في الأوراق المالية التي من هذا القبيل، لأن "الدين الثانوي" يعني أن بإمكانهم الحصول على عائد إضافي مقابل قدر يسير نسبياً من المخاطرة الإضافية.
الصكوك الميسرة
وكانت سوق الصكوك قد تراجعت بشكل حاد في عام 2008 نتيجة للفوضى التي عمت الأسواق العالمية، وجفاف السيولة، واتساع نطاق الفروق في الفائدة على السندات، وموقف المستثمرين الذي يقوم على مبدأ الانتظار والترقب، إلى جانب تأثير الجدل الفقهي الذي دار حول عدم تقيد بعض الصكوك بأحكام الشريعة الإسلامية بسبب عدم مشروعية اتفاقية إعادة الشراء من قبل المُصدر .
يعلق على ذلك الفقيه السعودي العالمي محمد القري بقوله: "لا شك أن الجدل الفقهي الذي رافق مسيرة الصكوك أثر في مستقبلها وأدى إلى تخوف الناس من المستقبل، نحن اليوم أكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى التسهيل والتيسير ولا سيما في ظل الأزمة المالية الحالية".
ومن المعلوم أن المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة المالية الإسلامية أصدر في السنة الماضية إرشادات تصويبية لهياكل الصكوك. واعتبر مراقبون تحدثوا لـ "الاقتصادية" في حينها أن من شأن تلك القرارات أن تزيد من تكاليف إصدارات الصكوك، مؤكدين أن الفقهاء بقراراتهم الستة سنوا شروطا" أشد من ذي قبل" على مبيعات الصكوك بعد أن ذكروا أن معظم إصدارات الأوراق المالية ربما لا تكون ملتزمة تماماً بالأحكام الشرعية. بينما وصفت وكالة موديز تلك القرارات "بالمتشددة" في نظر مستثمريها.
السعودية ومعيار التميز
وكشف أستاذ الاقتصاد الإسلامي في جامعة الملك عبد العزيز أن أحد البنوك السعودية تمكن للمرة الأولى على مستوى الشرق الأوسط أن يصدر صكوكا ليس فيها تعهد بالشراء، مما يعني أن صناعة الصكوك السعودية وضعت لنفسها معيارا عاليا سيحاول الجميع تقليده خلال الأشهر المقبلة.
معلوم أن البنك السعودي الهولندي نجح في تغطية إصدارات صكوك تقدر بـ 775 مليون ريال في يوم واحد فقط. يعلق القري على ذلك بقوله: "هو منتج بسيط جداً لكنه فاعل، وهو تطوير نوعي بلا شك، فهي صكوك مضاربة يشارك حامل الصك في أرباح العمليات المصرفية الإسلامية فقط وليس كل عمليات البنك، إذاً هو رب مال ويعد البنك مضاربا بأمواله، ويقتسم الطرفان الأرباح".
من جانبه، أكد لـ "الاقتصادية" طاهر الدباغ الرئيس التنفيذي لشركة السعودي الهولندي المالية أن هذه الصكوك تعد أول صكوك تصدر لدعم رأس المال من الشريحة الثانية في السوق الخليجية، حيث إن هذه الصكوك تهدف لاستقطاب الأموال، الأمر الذي يؤهلها لأن تكون سابقة جيدة تمثل مرجعية ومعيارا للبنوك الأخرى.