العالم وسباق الطاقة البديلة

يبدو أن القرارات التي توصلت إليها الاجتماعات الوزارية لمجموعة دول العشرين التي عقدت في الرياض خلال الفترة ستغير من الطلب العالمي على موارد الطاقة، حيث إن الطلب على الطاقة المتجددة سيطرح نفسه بقوة في السوق العالمية أكثر من أي وقت مضى.
كما أن الطاقة الشمسية والطاقة النووية وطاقة الرياح تظل في مقدمة موارد الطاقة البديلة التي يمكن تحويلها إلى موارد مهمة للطاقة، لكن جنبا إلى جنب مع مورد البترول على الأقل في الأمد المنظور.
وقبل أن أنتقل إلى الحديث عن الطاقة الشمسية وهو موضوع هذا المقال، أود أن أطمئن المواطن السعودي أن عمليات استخراج النفط والغاز الصخري من الأراضي السعودية يتقدم بخطى حثيثة، وتستخدم أرامكو في عمليات التنقيب أحدث التقنيات وفق خطط مدروسة ومبرمجة مستقبليا، لأن البحث عن النفط والغاز الصخري يعد من بين الخيارات المطروحة في قائمة البحث عن الموارد الجديدة والمتجددة، وهي موارد نظيفة لا تلوث المناخ، بمعنى أن المملكة تستشعر أهمية استخراج النفط والغاز الصخري من أراضيها تماما كما تستشعر أهمية البحث عن الموارد البديلة الأخرى.
والجميل أن المملكة كانت تدرك منذ وقت مبكر أهمية البحث عن الموارد البديلة للبترول، ولذلك قررت الحكومة السعودية منذ نصف قرن تقريبا تأسيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية للبحث عن موارد نظيفة وبديلة للطاقة.
وأزعم أن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية قامت ببناء ما كان يعرف بالمجمع الشمسي لإنتاج الطاقة الكهربائية في القرية الشمسية التي أقيمت في محيط ثلاث قرى هي العيينة والجبيلة والهجرة التي كانت تقع شمالي العاصمة الرياض، لكنها الآن أصبحت جزءا لا يتجزأ من العاصمة الكبرى الرياض.
ويومذاك اضطلعت مدينة الملك عبدالعزيز بتنظيم ندوة عالمية في قرية العيينة إحدى القرى الثلاث التي يتكون منها المجمع الشمسي، وكان الهدف من الندوة العالمية هو تقييم نتائج التجربة السعودية في مجال استخدامات الطاقة الشمسية، وحضر الندوة كبار العلماء من كل أنحاء العالم، ولقد أجمع العلماء الذين حضروا من أوروبا وأمريكا على أن النظام الذي توصلت إليه المملكة في القرية الشمسية يعد من أوائل الأنظمة الشمسية على مستوى العالم، وأكدوا خلال الندوة أنه لم يتم إنشاء مشروع يماثل هذه القرية من حيث الحجم والنوعية التي ترقى إلى مستوى ما وصل إليه الغرب من تقدم في مجال الطاقة الشمسية.
وإذا كانت خلايا الطاقة الشمسية في الماضي باهظة الثمن وكان من الصعب الحصول عليها، إلا أنه الآن كثر إنتاج الخلايا وحدثت ابتكارات جديدة وحديثة، ما أدى إلى انخفاض أسعارها وأدى إلى التوسع في استخدامها سواء في الاتصالات اللاسلكية أو إنتاج الطاقة الكهربائية لتزويد القرى النائية، كما استخدمت الطاقة الشمسية في الساعات والآلات الحاسبة، وهناك في حياتنا العادية توسع كبير في استخدام الطاقة الشمسية، وبالذات في إنتاج الماء والكهرباء.
ولقد ثبت من البحوث التي أجرتها الجامعات السعودية أخيرا أن الطاقة الشمسية من أفضل أنواع الطاقة على وجه الأرض لعدة اعتبارات فهي طاقة نظيفة لا تحدث تلويثا عند استخدامها، وهي طاقة مستمرة وباقية ما دامت الحياة، وهي طاقة مجانية ومتوافرة في جميع الأراضي التي تسقط عليها أشعة الشمس، كما أنها طاقة عالية الحرارة.
ومن نعم الله علينا أن مخزون السعودية من الطاقة الشمسية يفوق مخزون أي دولة أخرى في العالم، ولهذا يمكننا التأكيد على أن الطاقة الشمسية هي إحدى الثروات الطبيعية التي أغنى بها الله سبحانه وتعالى هذه البلاد الخيرة.
وهذا يعني أن المملكة كانت تتحسس منذ زمن بعيد التهديدات التي كانت تتهدد البترول، وأنها اتخذت الخطوات الإيجابية باتجاه البحث عن بدائل للطاقة.
صحيح أننا في ذلك الوقت لم نكن متعجلين ونشطين بالقدر الكافي إزاء البحث عن موارد متجددة للطاقة، إلا أن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أعطت للمملكة الفرصة لإنتاج الموارد البديلة في الوقت المناسب، وخطوات إيجابية متقدمة ستعوضنا على ما فاتنا من وقت.
إن السعودية أعدت خطة مفصلة لتوليد الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية ستضع البلاد عام 2032 في مصاف أكبر خمس دول منتجة للطاقة الشمسية في العالم.
ومقارنة بألمانيا التي تعد إحدى الدول المتقدمة في استخدام الطاقة الشمسية، فإن معدل الإشعاع العادي المباشر يوميا يصل إلى 3,39 كيلوواط ساعة لكل متر مربع، بينما معدل الإشعاع العادي المباشر في الرياض يبلغ 6,68 كيلوواط ساعة، ويصل إلى 8,60 كيلوواط ساعة في جدة على ساحل البحر الأحمر.
وأتصور أن الظروف الآن لاستغلال الطاقة الشمسية وتطويرها أفضل مما كانت عليه قبل أكثر من 50 عاما، إذ إن العلم حقق تقدما مذهلا في مجالات الحاسبات وتوصل إلى معجزة الاتصالات عبر الإنترنت والفضائيات بكل أشكالها وألوانها التي يمكن أن تقدم لأبحاث الطاقة الشمسية مزيدا من المساهمات في مجالات التنمية المستدامة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي