البيانات المنذرة بالسوء وأوضاع البنوك تهوي بالمزاج العام في أسواق المال
مرت أسواق الأسهم والسندات بأسبوع مؤلم، في حين أن الهبوط الكبير في الين هيمن على تداولات العملات الأجنبية، وتراجع الذهب بصورة حادة عن مستوى الألف دولار للأونصة.
مرة أخرى هوى المزاج العام إلى الأدنى بفعل المخاوف حول سلامة وقوة النظام البنكي، وعملت المخاوف حول احتمال تأميم بعض البنوك على دفع مؤشر ستاندارد آند بورز 500 إلى أدنى مستوى له منذ عام 1997.
ووجد المستثمرون أنفسهم وجهاً لوجه أمام سلسلة من البيانات الاقتصادية السيئة تماماً، التي توجت يوم الجمعة بالأنباء التي جاءت كالصدمة والقائلة إن الاقتصاد الأمريكي في الربع الرابع من عام 2008 تقلص بنسبة 6.2 في المائة (بالمعدل السنوي). وهذا الرقم يعتبر أدنى القراءات منذ الربع الأول من عام 1982، وجاء في أعقاب التقدير الأصلي بنسبة 3.8 في المائة في الشهر الماضي.
وقالت شركة الاستشارات المالية والاقتصادية آر دي كيو إيكونومكس RDQ Economics: "للأسف، نحن نرى أنفسنا الآن وجهاً لوجه أمام كساد اقتصادي، سيكون في حكم المؤكد أنه أطول كساد، ومن المرجح تماماً أنه سيكون أعمق كساد، منذ الحرب العالمية الثانية".
النغمة التي سادت التقرير دفعت بالأسهم في الولايات المتحدة وأوروبا إلى الأدنى يوم الجمعة، في حين أن المخاوف حول النظام المالي العالمي لم يطرأ عليها أي تحسن بفعل قيام الحكومة الأمريكية بالتأميم الجزئي لبنك سيتي جروب.
ولفترة وجيزة هبط مؤشر ستاندارد آند بورز إلى ما دون الحاجز النفسي المهم عند 740 نقطة في التداولات المبكرة. ويحذر المحللون من أن هذا الحاجز، الذي صمد في وقت مبكر من هذا الأسبوع، سيفتح الباب أمام مزيد من الضعف في الأسهم.
وقال وليم سترازولو Strazzullo، كبير المحللين الاستراتيجيين للسوق لدى مؤسسة بيل كيرف تريدنج Bell Curve Trading: "ربما نكون مرة أخرى عرضة لخيبة أمل مريرة في أسواق الأسهم. هناك إجراءات على مستوى البنوك لتخفيف نسبة المديونية إلى حقوق الملكية، ومن الشركات إلى المستهلكين. مشكلة الديون التي نواجهها الآن خُلِقت على مدى فترة طويلة من الزمن، ويرجح لها أن تستغرق وقتاً طويلاً في طريق الحل".
والبيانات الاقتصادية هذا الأسبوع أكدت أن عدداً من الاقتصادات الكبيرة تعاني الآن حالة هبوط مؤلم.
وكشفت ألمانيا النقاب عن أن الاقتصاد الألماني، وهو أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، تقلص بنسبة قياسية هي 2.1 في المائة (مقيسة خلال الفترة نفسها من سنة لسنة) خلال الربع الرابع من عام 2008، ويعود معظم السبب في ذلك إلى الهبوط في الصادرات.
وفي كانون الثاني (يناير) عانت الصادرات اليابانية أكبر هبوط لها (خلال الفترة نفسها من سنة لسنة)، منذ أن بدأ العمل بالسجلات في كانون الثاني (يناير) عام 1957، في حين أن الإنتاج الصناعي لكانون الثاني (يناير) هبط بنسبة 10 في المائة (خلال الفترة نفسها من سنة لسنة)، وهبط بنسبة 30.8 في المائة بالمعدل السنوي.
والوضع المؤلم والمنذر بالسوء في سوق الإسكان في الولايات المتحدة، وهو الوضع الذي أشعل فتيل الأزمة المالية في عام 2007، تعمق أكثر من ذي قبل بفعل الهبوط الكبير في مبيعات المساكن الجديدة والقائمة.
بن برنانكي رئيس مجلس البنك المركزي الأمريكي، سادت في حديثه نغمة تشاؤمية في بيانه أمام الكونجرس، حيث قال إن الاقتصاد الأمريكي يمر الآن في مرحلة "من التقلص الحاد"، وأضاف أن عام 2010 "سيكون سنة تتسم بالتعافي"، إذا عملت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأمريكية على تثبيت استقرار الأسواق المالية.
كذلك أكد برنانكي عزم وتصميم صانعي السياسة على عدم تأميم البنوك بشكل مكشوف. وهم يعقدون الآمال بدلاً من ذلك على مساعدة البنوك في جمع رأس المال على مدى الأشهر المقبلة بعد الانتهاء من "اختبارات الإجهاد".
وفي بريطانيا، أعلنت الحكومة مخططها الرامي إلى حماية الموجودات، الذي يتوقع أن يقوم بالتأمين على أكثر من 500 مليار جنيه استرليني من الموجودات السامة في البنوك. جاء هذا الإعلان بعد أن أعلن رويال بانك أوف اسكتلاند Royal Bank of Scotland أكبر خسارة في تاريخ الشركات البريطانية. وسيتلقى البنك مبالغ إضافية من رأس المال من الحكومة البريطانية يمكن أن تصل إلى 25.5 مليار جنيه استرليني.
من جانب آخر، أعلن البنك الدولي، والبنك الأوروبي للتنمية والإعمار، وبنك الاستثمار الأوروبي، وسط مخاوف حول الوضع الهش للبنوك في أوروبا الوسطى وأوروبا الشرقية، أن هذه البنوك ستقدم قروضاً إلى المنطقة تصل إلى نحو 24.5 مليار يورو.
في حين أن بعض أسواق الأسهم الآسيوية اندفعت بقوة يوم الجمعة، إلا أن أوروبا والولايات المتحدة واصلتا خسائرهما. ارتفع مؤشر نيكاي 225 بمقدار 1.5 في المائة خلال أسبوع كاد أن يسجل فيه أدنى مستوى له منذ 26 سنة.
وسجل مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 هبوطاً بنسبة 2.5 في المائة على مدى الأسبوع، حيث هبط إلى أدنى مستوى له منذ عام 2003. وفي لندن هبط مؤشر فاينانشيال تايمز 100 بمقدار 1.5 في المائة، واقترب من مستوياته الدنيا التي سجلها في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. عند منتصف اليوم في نيويورك كان مؤشر ستاندارد آند بورز 500 في سبيله إلى تسجيل معدل هبوط خلال الأسبوع مقداره 3.3 في المائة، عند 748.74 نقطة، وهو مستوى قريب من أدنى مستوى له منذ 12 سنة.
ويوم الجمعة سجل مؤشر بنك مورجان ستانلي المركب للأسواق الناشئة MSCI emerging markets index أدنى مستوى له منذ أوائل كانون الأول (ديسمبر).
وفي أسواق العملات، هبط الين بأكثر من 5 في المائة، وسجل أدنى مستوى له أمام الدولار منذ ثلاثة أشهر، وهو أسوأ أداء شهري له منذ آب (أغسطس) 1995. بصورة عامة تلقى الدولار المساندة من عمليات تحول العملات.
وارتفعت العائدات على السندات الحكومية طويلة الأجل أثناء معظم الأسبوع. تضررت سندات الخزانة الأمريكية على اعتبار أنها امتصت إصدارات جديدة مقدارها 94 مليار دولار. ومن المتوقع أن تسجل الميزانية الأمريكية عن السنة المالية 2009 عجزاً مقداره 1750 مليار دولار، وهذا ساعد على دفع العوائد على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات إلى الارتفاع بنسبة 24 نقطة أساس، لتصل إلى 3.03 في المائة.
وكذلك ارتفع العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل عشر سنوات بمقدار 20 نقطة أساس ليصل إلى 3.61 في المائة، في حين أن سندات الخزانة الألمانية لأجل عشر سنوات ارتفعت بمقدار 9 نقاط أساس لتصل إلى 3.10 في المائة.
وفي أسواق العملات، كانت أسعار النفط الأمريكي متقلبة، وبعد أن سجلت مستوى متدنياً عند 37.65 دولار للبرميل يوم الثلاثاء، اندفعت إلى أعلى وسجلت سعر 43.71 دولار للبرميل يوم الجمعة.
ويوم الإثنين أخفق الذهب في التداول فوق مستوى ألف دولار للأونصة، وبحلول يوم الخميس سجل الذهب مستوى متدنياً عند 932.20 دولار للأونصة. ولكنه عاد فارتفع إلى ما فوق 950 دولاراً للأونصة يوم الجمعة مع هبوط أسعار الأسهم.