داخل صفقة بريكست .. السيادة على حساب الاقتصاد
بنهاية مفاوضات بريكست كان 437 مسؤولا بريطانيا من 25 وزارة ووكالة حكومية قد شاركوا في نحو ألف جلسة تفاوض. لكن جولات المفاوضات التجارية القليلة الأولى في ربيع وأوائل صيف 2020 كانت عقيمة إلى حد كبير. يقول مسؤول بريطاني: "كنا في الأساس نصرخ على بعضنا بعضا". الطموحات التي تم التعبير عنها في "الإعلان السياسي" المشترك في 2019 للعلاقات المستقبلية تم تخفيفها من قبل لندن حيث ركز رئيس الوزراء، بوريس جونسون، على التحرر من فلك الاتحاد الأوروبي. لكن على الرغم من أن المملكة المتحدة تتبع رسميا أجندة "كندا فقط"، فقد شعرت بروكسل بالإحباط لأن بريطانيا لا تزال تحاول الحفاظ على بعض مزايا السوق الموحدة تحت ستار السعي إلى اتفاقية تجارية أساسية.
ميشيل بارنييه، كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي بشأن بريكست، انتقد أمثلة لما اعتبره "الاختيار حسب المزاج" من المملكة المتحدة، مثل طموحات بريطانيا لمقدمي الخدمات بما في ذلك المحامون والمهندسون المعماريون للاحتفاظ بحقوق العمل في جميع أنحاء السوق الموحدة. كانت الأهداف الأخرى هي جهود المملكة المتحدة لحماية موقعها مركزا تصنيعيا للاتحاد الأوروبي، للبضائع المجمعة باستخدام مكونات من جميع أنحاء العالم، إضافة إلى هدفها المتمثل في تأمين حقوق وصول مستقرة للحي المالي في لندن.
جائحة كوفيد - 19 جعلت المفاوضات أكثر تعقيدا، حيث توقف كبار المفاوضين من الجانبين بعد وقت قصير من بدء المحادثات بسبب الفيروس. الجلسات التي لا نهاية لها على الإنترنت، التي يتخللها أحيانا صوت بكاء الأطفال في الخلفية، تعني أن المسؤولين شاهدوا جوانب من الحياة الشخصية لنظرائهم المقابلين أكثر بكثير مما توقعوا أو حتى أرادوا، بدءا من غرفة بها قبعات غريبة وقفص للطيور إلى مجموعة رائعة من سكاكين المطبخ.
يقول أحد المسؤولين إن الكليشيهات المتكررة من المملكة المتحدة لحاجة الجانبين إلى احترام بعضهما بعضا باعتبارهما "متساويين في السيادة" بدأت تثير أعصاب الاتحاد الأوروبي. من جانبه، كان الاتحاد الأوروبي حريصا على عدم إيجاد سوابق سخية بشكل مفرط من شأنها أن تفتح الباب أمام دعوات لإعادة التفاوض من قبل الشركاء التجاريين الآخرين. كانت هناك أيضا حاجة إلى أن يثبت للدول الأعضاء أن مغادرة الكتلة لها ثمن. يقول أحد كبار الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي: "كان هناك فرق بين أن تكون داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه. لم تكن الفكرة قط أن تتصرف بشكل عقابي لبيان ذلك، لكن لا يمكننا إعطاء شيء يتناقض مع ذلك".
في الوقت الذي كان فيه ديفيد فروست، كبير المفاوضين البريطانيين، يعطي لفريقه التعليمات حول فن عقد صفقة، لجأ إلى مقارنات غريبة مثل شبكة من أربعة أنواع من المفاوضين: المراهق، والدبابة، والفأر، والقائد. وقال إن الاتحاد الأوروبي يغلب عليه أن يكون أول اثنين، في حين أن المملكة المتحدة في أحيان كثيرة فوق الحد كانت فأرة. وحث مفاوضيه على أن يكونوا القائد في الغرفة.
من أجل الترويح عن أنفسهم بعد الساعات الشاقة في بروكسل، كان فروست وفريقه المرهق يقضون بعض الوقت في مقر إقامة السفير البريطاني. يقول أحد المسؤولين البريطانيين: "ذات ليلة كنا نناقش فيها أفضل ممثل أدى دور باتمان – لم يكن بإمكان فروست سوى التفكير في آدم وست".
الافتقار إلى التقدم كان له ثمنه، ولم يترك سوى القليل من الوقت للتفاوض. وفي الوقت الذي كان فيه كوفيد - 19 يعيث فسادا في الاقتصاد العالمي، أصبح كثير من مسؤولي الاتحاد الأوروبي مقتنعين بأن جونسون سيسعى إلى تمديد الفترة الانتقالية لما بعد بريكست، التي انقضت في نهاية 2020. اعتقد كبار المسؤولين أن لندن ستطلب على الأقل إطالة مشروطة لمدة ستة أشهر أو 12 شهرا ـ طالب كثير من قادة الأعمال البريطانيين بمزيد من الوقت.
لكن جونسون أصر على تحديد موعد نهائي صارم هو نهاية العام، وهو موقف دافع عنه بقوة حتى عندما كان يتعافى من نوبة فيروس كورونا في منتجعه الريفي. يقول أحد حلفائه: "كان يرسل رسائل نصية من مقر إقامته قائلا إننا لن نمدد".
جاء الصيف وذهب. حاول بارنييه فتح المحادثات من خلال عرض إلغاء أي دور لمحكمة العدل الأوروبية في العلاقة المستقبلية. كان هذا أبغض شيء بالنسبة للمحافظين، لكنه شعر أنه لم يحصل على شيء يذكر في المقابل. يقول المسؤولون البريطانيون إن إحباطاته كانت تظهر في كثير من الأحيان: "كان حدثا متكررا بالنسبة له أن يصرخ في وجوهنا ويقول، ’أنا هادئ!‘" لكن كانت هناك لحظات أكثر ودية، مثل عندما تناول فروست وبارنييه العشاء في مقر إقامة الجنرال شارل ديجول في زمن الحرب في كارلتون جاردنز في لندن.
يرى الأشخاص المقربون من المحادثات من جانب الاتحاد الأوروبي أن الصيف هو اللحظة التي ارتكبت فيها بريطانيا خطأ فادحا من خلال إلزام نفسها باستراتيجية ترمي إلى فصل قضية حقوق الصيد بعد بريكست عن المحادثات الأوسع. كانت الفكرة أن هذه ستكون آخر قضية مفتوحة وسيتعين على الاتحاد الأوروبي أن يتراجع.
يقول أحد الأشخاص المعنيين: "فكرة أننا في النهاية سنتنازل عن مصائد الأسماك للحصول على شراكة اقتصادية لم تكن واقعية". يعترف المسؤولون البريطانيون سرا بأنهم لم يدركوا تماما مدى صعوبة حل مشكلة مصائد الأسماك. في هذه الأثناء، كان جونسون مشتتا بسبب كوفيد - 19 وسمح إلى حد كبير لفروست بمتابعة المفاوضات.
بحلول أواخر الصيف، كان من الواضح أن بريطانيا تتجه نحو صفقة تجارية أساسية للغاية وأن الحي المالي في لندن، الذي يسهم بـ132 مليار جنيه في اقتصاد البلاد، لن يكون مستفيدا. رفضت بروكسل، جنبا إلى جنب مع قادة الاتحاد الأوروبي مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جهود المملكة المتحدة لتأمين أذونات الوصول إلى السوق للحي المالي وتكريس التعاون المستقبلي بشأن القواعد المالية في الاتفاقية.
اعترف جونسون بأن اتفاق الاتحاد الأوروبي "لا يذهب إلى المدى الذي نرغب فيه" فيما يتعلق بالخدمات المالية، التي توظف أكثر من مليون شخص وتشكل نحو7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي البريطاني. في الواقع، يقول كثير من المديرين التنفيذيين في الحي المالي إن الموضوع بالنسبة إليهم هو بريكست "بلا صفقة" من الناحية العملية – وهي مشكلة متوقعة على نطاق واسع أدت إلى قيام الشركات بنقل الموظفين ورأس المال من لندن إلى مراكز الاتحاد الأوروبي على مدى الأعوام القليلة الماضية للحفاظ على الوصول إلى الأسواق الأوروبية.
يقول أحد كبار التنفيذيين في الحي المالي: "حزب المحافظين يسيطر عليه أشخاص يتمسكون بمبادئ محددة سمح لهم بتحديد ما يعنيه بريكست. فقد أصبح يعني وجهة نظر تقليدية للغاية بشأن السيادة على حساب الاقتصاد". ويقول مسؤول تنفيذي بارز آخر في أحد البنوك: "نحن في مرتبة أدنى من الأسماك ونعرف ذلك. إنها حقيقة من حقائق الحياة".
في إعلان سياسي حول العلاقات المستقبلية صدر في تشرين الأول (أكتوبر) 2019، اتفقت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي على أنه بحلول حزيران (يونيو) 2020 ينبغي لهما وضع أساس جديد لمهنة الخدمات المالية – بناء على تقييم "تكافؤ" لوائح كل منهما. يصر المسؤولون البريطانيون على أنهم حاولوا الحصول على صفقة أفضل لكن الاتحاد الأوروبي ترك بريطانيا معلقة.
في تشرين الأول (أكتوبر) 2020 قالت بروكسل إنها بحاجة إلى مزيد من الوضوح بشأن النوايا التنظيمية للمملكة المتحدة، على الرغم من أن الحكومة قدمت قبل ذلك 2500 صفحة من الإجابات. يقول أحد المسؤولين البريطانيين المشاركين في المحادثات: "أصبح واضحا في حزيران (يونيو) أو تموز (يوليو) أنهم سيتجاهلون عملية التكافؤ. لقد أرادوا أن يعاملوا الحي المالي بخشونة إلى حد ما".
بحلول كانون الثاني (يناير) 2021، الترتيبات اللازمة لتسهيل عمل شركات الخدمات المالية في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في أسواق الجانبين لم تكن قائمة، وبدأت بعض الأعمال – كما تنبأ ماكرون – في التسرب من لندن، مثلما رأى ديفيد هوسون، رئيس Cboe Europe، إحدى أكبر البورصات في لندن، عند عودته إلى العمل بعد العام الجديد. إيفان روجرز، سفير بريطانيا السابق في الاتحاد الأوروبي، يصف الصفقة بأنها "خيبة أمل كبيرة"، من شأنها أن تضر بالشركات الأصغر على نحو أكبر من الشركات متعددة الجنسيات. يقول: "ستجد الشركات الأكبر حجما من الأسهل الاعتماد على الأسواق التي تريدها أو إنشاء وجود تجاري فيها".
في اتفاقية "التجارة والتعاون" التي تقع في 1246 صفحة، ظهرت كلمة "سمك" 368 مرة، مقارنة بـ90 إشارة إلى الخدمات المالية. مع ذلك، يمثل صيد الأسماك 0.1 في المائة من اقتصاد المملكة المتحدة ومع ذلك انتهى المطاف بأن يدعي القطاع أنه "تعرض للخيانة" على يد جونسون.
خلال الخريف، نشر جونسون ما وصفه مساعدوه باستراتيجية "المجنون" لإعادة المحادثات إلى الحياة، حين هدد بخرق القانون الدولي فيما يتعلق ببروتوكول أيرلندا الشمالية، المضمن في معاهدة بريكست، وأشار إلى أنه يمكنه الانسحاب من المحادثات تماما.
يقول أحد مسؤولي الاتحاد الأوروبي: "لا أعتقد أن استراتيجية الرجل المجنون كانت ضمانة للنجاح. لم أشعر قط أن الناس يرتجفون أو يتأثرون". ويضيف أن وجهة النظر خلال مناقشة بين قادة الاتحاد الأوروبي في تشرين الأول (أكتوبر) كانت "إذا كان لا بد من عدم التوصل إلى اتفاق، فليكن".
مع اقتراب المحادثات من الموعد النهائي، كانت بريطانيا تتجه نحو ما سماه السفير روجرز "مصيدة الفيل"، حيث تنتزع بروكسل التنازلات مع اقتراب الوقت من عدم التوصل إلى اتفاق – وهي نتيجة ستكون أكثر إيلاما لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
كانت القضايا الرئيسة العالقة هي الأسماك – عرضت بريطانيا في النهاية على الاتحاد الأوروبي تسوية أكثر سخاء مما كانت تنوي – وقواعد الحفاظ على "تكافؤ الفرص" للمنافسة التجارية العادلة.
يشير دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي إلى أنه من خلال الانتظار طويلا لإعطاء الأولوية للاتحاد الأوروبي بشأن المصالح الأساسية للكتلة، دفعت بريطانيا بروكسل إلى موقف متشدد بشأن الوصول إلى الأسواق – فقد تضررت الثقة بسبب تهديد جونسون بخرق القانون الدولي. في النهاية، وافقت المملكة المتحدة على تضمين فكرة "إجراءات إعادة التوازن" في الصفقة بحيث إذا تباعد أحد الطرفين بشكل كبير عن قواعد الطرف الآخر، فقد يتعرض لعقوبات في شكل رسوم جمركية.
تم خوض معركة مكثفة حول تصميم الآلية. أطلق جونسون على النسخة النهائية اسم "شرط الحرية" – لأنه سمح لبريطانيا بالتباين بشأن اللوائح مقابل ثمن – لكنه لم يعجبه. يقول أحد كبار الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي عن الأشهر الأولى: "من الواضح بالنسبة لي أنه إذا كانت المملكة المتحدة في وضع يسمح لها بقبول تكافؤ فرص (يستمر) بمرور الوقت، لكان بإمكان الاتحاد الأوروبي تقديم أشياء أكبر بكثير (...) كان الضغط سيكون مختلفا تماما. كان يمكن أن تكون مفاوضات أخرى، لكنهم كانوا عالقين في قضية السيادة هذه".
كان يبدو أن الحالة المزاجية تحسنت بشكل ملموس بمجرد إعادة مشاركة فرق التفاوض في بروكسل في كانون الأول (ديسمبر)، حتى لو وصف أحد المسؤولين البريطانيين الجو في مبنى بورشيت في الاتحاد الأوروبي بأنه "مثل التفاوض في ساحة انتظار سيارات في السبعينيات". كان مكان المحادثات في لندن – مركز مؤتمرات كئيب في الطابق السفلي من وزارة الأعمال – أسوأ حتى من ذلك. يقول أحد المفاوضين: "لم يكن هناك ضوء، كان الأمر مربكا".
مع اقتراب عيد الميلاد، دخل بعض المرح والطيش في العلاقة الباردة بين جونسون وفون دير لاين. يقول أحد المسؤولين البريطانيين: "كانت تتعلم التدرب تدريجيا لتفهم متى كان يمزح". في مرحلة ما، كان الزعيمان يتجادلان حول حجم خفض حصة الأسماك التي يجب أن يتم فرضها على قوارب الاتحاد الأوروبي بعد بريكست، حيث عرضت فون دير لاين 22 في المائة وجونسون 28 في المائة. ثم قال جونسون: "ماذا عن 45 في المائة؟". بعد دقيقة من الصمت، ساد الضحك في بروكسل.
في المكالمة الأخيرة عشية عيد الميلاد لإبرام الصفقة، كاد المزاج أن يكون بهيجا. جونسون، في حديثه إلى فون دير لاين من داونينج ستريت، أشاد بالفرق المنهكة بقيادة بارنييه وفروست. وسألها: "أين هو ديفيد؟" قالت فون دير لاين، وهي تدير الكاميرا لتظهر للمفاوض البريطاني: "هو موجود هنا". كانت الصورة اللاحقة لجونسون المبتهج، التي ظهرت في جميع أنحاء العالم للإشارة إلى إتمام الصفقة – هي في الواقع فرحة رئيس الوزراء لرؤية فروست.
الصفقة أبعد ما تكون عن المادة النهائية: ستستمر بريطانيا والاتحاد الأوروبي في الحديث لأشهر أو أعوام لسد الثغرات في المعاهدة، بما في ذلك الخدمات المالية والقواعد للسماح للمهنيين بالعمل عبر الحدود. لكن جونسون ظهر مدعيا أنه أبرم "معاهدة أفضل كعكة" – في إشارة إلى اعتقاده أنه من الممكن أن يحصل المرء على كعكة ويأكلها: السيادة والوصول إلى أسواق الاتحاد الأوروبي.
مع ذلك، الروتين والبيروقراطية التجارية التي حاولت تيريزا ماي إزالتها بصفقتها "المفصلة" كانت واضحة بشكل مؤلم: يجب ملء 215 مليون أنموذج استيراد وتصدير كل عام، بتكلفة 7.5 مليار جنيه وفقا لمصلحة الدخل والجمارك. تم وضع الحواجز أمام التجارة ليس فقط بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكن أيضا بين البر الرئيس وأيرلندا الشمالية.
يقول شين برينان، الرئيس التنفيذي لاتحاد سلسلة التبريد، الذي يمثل صناعة النقل واللوجستيات التي يتم التحكم بدرجة حرارتها: "تعمل شركات التجارة خلال مراحل مختلفة من الحزن. بعضهم غاضب حقا، وبعض آخر في حالة إنكار على أمل أنه لا يزال من الممكن المساومة لإزالة أسوأ الحواجز. الأشخاص الذين هم في أفضل حال هم الذين قبلوا أن التجارة الأبطأ والأكثر تكلفة والأقل مرونة هي فقط الصورة التي ستكون عليها الأمور".
كذلك لم يكن جونسون قادرا حتى الآن على توضيح ما ينوي فعله بالسيادة والحرية التنظيمية التي حصل عليها بهذه التكلفة. يقول تنفيذي في أحد البنوك في الحي المالي: "لم يكن لديهم علم بأي شيء". تحدث وزير المالية ريشي سوناك عن نظام تنظيمي جديد للحي المالي، مع قواعد جديدة لتطوير أسواق مبتكرة مثل السندات الخضراء وتعزيز شركات التكنولوجيا الناشئة. في مكالمة هاتفية عبر زووم في السادس من كانون الثاني (يناير)، طلب جونسون من 250 من قادة الأعمال اقتراح طرق يمكن لبريطانيا من خلالها استغلال حريتها الجديدة.
لكن بالنظر إلى أن جونسون وزملاءه من مؤيدي بريكست كان لديهم نحو خمسة أعوام لإعداد تفاصيل مثل هذه الأجندة، فإن الخطط لا تزال سطحية بشكل مدهش: طلب رئيس الوزراء الآن من سوناك قيادة "لجنة تنظيم أفضل" للتوصل إلى أفكار. يصر جونسون على أن بريطانيا يمكن أن تكون "أكثر ذكاء" في تنظيم القطاعات الجديدة. ادعى الوزراء أن بريكست سمح للمملكة المتحدة بالموافقة على لقاح كوفيد بشكل أسرع من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى – وهو ادعاء رفضه المنظم الطبي البريطاني نفسه. صفقات التجارة الحرة حول العالم قد تعوض بعضا من التجارة المفقودة مع الاتحاد الأوروبي.
يقول جافين بارويل، كبير موظفي تيريزا ماي السابق، إن الصفقة كانت ممكنة لأنها حققت أهداف كلا الجانبين: السيادة لجونسون ودخول الاتحاد الأوروبي من دون رسوم جمركية إلى المملكة المتحدة مع استمرار فرض ضريبة اقتصادية على بريطانيا. "لهذا السبب انتهى بنا الأمر بهذه الصفقة الهزيلة".
على النقيض من ذلك، قال بيل كاش، عضو البرلمان المحافظ المناهض للتكامل الأوروبي، بابتهاج، لمجلس العموم إن جونسون كان يسير على خطى ونستون تشرشل ومارجريت تاتشر وأحد أبطال رئيس الوزراء الكلاسيكيين: "مثل الإسكندر الأكبر، استطاع بوريس حل مشكلة معقدة للغاية".
في غضون ذلك، تتصالح الشركات في جميع أنحاء بريطانيا ببطء مع حقيقة بريكست. إيان بيركس، الذي صوت لمصلحة المغادرة "من أجل استعادة السيطرة" على مخزون الأسماك في بريطانيا، ينظر إلى رصيف الميناء في بريكسهام ويفكر في الانهيار المحتمل لشركته التي تعمل في تصدير الأسماك والمحار منذ 44 عاما. يقول: "جاء بوريس إلى هنا ووعدنا بالتجارة الحرة – لكن هذه ليست تجارة حرة. أمامنا أسبوعان في العام الجديد وسنفلس".