تويتر يشعر بالضغط من قبضة الهند على منصات التواصل

تويتر يشعر بالضغط من قبضة الهند على منصات التواصل
احتجاجات المزارعين في الهند.

شودري سوكرام سينج ياداف، عضو البرلمان من الجيل الثاني عن حزب ساماجوادي المعارض في الهند، لديه حضور محدود إلى حد ما على الإنترنت. يضم حسابه على منصة تويتر، الذي تم إنشاؤه في شباط (فبراير) الماضي، أقل من 250 متابعا.
لكن تعليق حسابه الأسبوع الماضي عكس المعضلة التي يواجهها "تويتر" وهو يخوض مواجهة متفاقمة مع نيودلهي.
كان حساب ياداف واحدا من مئات الحسابات التي حظرتها المنصة بناء على طلب من الحكومة الهندية بعد أن استخدم وسما مثيرا للجدل لدعم احتجاجات المزارعين واسعة النطاق في البلاد.
إلا أن "تويتر" رفض الامتثال لجميع طلبات الحكومة بمراقبة حسابات المتظاهرين الذين يناقشون قضيتهم، مشيرا في بعض الحالات إلى قوانين حرية التعبير في البلاد - وهو الموقف الذي أدى إلى توتر العلاقة مع نيودلهي.
قال خبراء إن المعركة من المرجح أن تستمر لأشهر، خاصة وأن الحكومة الهندية تتطلع إلى تشديد الرقابة على المنصات الاجتماعية الرئيسة.
أبار جوبتا، المؤسس المشارك لمؤسسة حرية الإنترنت: لاحظ أن "هناك تحركا واضحا نحو إنشاء حواجز أمام شركات التواصل الاجتماعي الكبيرة في الهند، الأمر الذي لا ينبثق عن مصالح اقتصادية فحسب، بل أيضا رغبة في زيادة السيطرة السياسية".
كوبي جولدبيرج، محلل في مركز دراسات الدفاع المتقدمة، أشار إلى أن المواجهة يمكن أن تشكل سابقة خطيرة لكيفية تعامل الحكومات الديمقراطية الأخرى مع المعارضة عبر الإنترنت. قال: "قد تتشجع كثير من الدول الأخرى على تقديم الإنذار نفسه إلى تويتر"، ضيفا: "إما أن تسن قوانين لتعديل المحتوى بناء على السياسات الوطنية، وإما أن تواجه خطر فقدان الوصول إلى السوق".
تأتي المواجهة مع السلطات الهندية بعد أقل من عام من حظر نيودلهي "تيك توك" وأكثر من 100 تطبيق صيني آخر انتقاما لمقتل 21 جنديا هنديا في نزاع حدودي مع القوات الصينية.
اندلعت التوترات بين نيودلهي و"تويتر" الشهر الماضي، بعد أن تحولت احتجاجات المزارعين المستمرة منذ فترة طويلة ضد إصلاحات السوق الزراعية إلى أعمال عنف، مع اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة في قلب العاصمة.
في وقت لاحق، أمرت الحكومة الهندية "تويتر" بحظر الحسابات التي اتهمتها بمحاولة "تأجيج الوضع". امتثل "تويتر" جزئيا فقط، ما عرضه إلى توبيخ قاس عبرت فيه نيودلهي عن "خيبة أملها العميقة" في المنصة.
تأتي الأزمة أيضا في الوقت الذي يقمع فيه حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم الانتقادات العامة، بحجب الإنترنت واستخدام قوانين الحقبة الاستعمارية لتثبيط المعارضة.
في هذا المناخ المحموم، من المرجح أن تشتد رقابة نيودلهي على محتوى وسائل التواصل الاجتماعي - وسياسات تعديل المحتوى - إلى جانب دعم المنصات التكنولوجية المحلية.
قال جوبتا: "سيصبح الوضع أصعب بالنسبة لجميع شركات وسائل التواصل الاجتماعي - وليس تويتر فقط. سيتم توجيه كميات كبيرة من التعليقات الاجتماعية ضدها، ما يعبر عن مشاعر قومية من أجل نظام بيئي تكنولوجي أكثر اكتفاء ذاتيا واعتمادا على الذات، فيه تشغل الشركات الهندية، مع رواد أعمال من الهند، المنصات".
بالنسبة إلى "تويتر"، فإن سوقا ضخمة وسريعة النمو من المستخدمين المحتملين معرضة للخطر. من المتوقع أن ينمو عدد السكان المتصلين بالإنترنت في الهند من 600 مليون العام الماضي إلى 850 مليونا بنهاية 2022، وفقا لـ "كاونتربوينت ريسيرتش".
على الرغم من أنه تم تنزيل التطبيق 90 مليون مرة فقط من متجري التطبيقات "جوجل بلاي" و"أبل آب" الهندية، وفقا لـ "سنسور تاور"، مقارنة بـ1.4 مليار عملية تنزيل لتطبيق واتساب، إلا أنه لا يزال منتدى مهما للمؤثرين ووسائل الإعلام ومجتمعات الأعمال.
أصبحت حكومة ناريندرا مودي تنتقد بشكل متزايد المحتوى عبر الإنترنت. قدمت السلطات الهندية 2800 طلب إلى "تويتر" لإزالة أو حجب الوصول إلى المحتوى في النصف الأول من 2020، أعلى 254 في المائة عن النصف الثاني من 2019، وخامس أعلى معدل على مستوى العالم، وفقا لأحدث تقرير شفافية صادر عن تويتر.
امتثلت الشركة لما يقل قليلا عن 14 في المائة من تلك الطلبات، مقارنة بأكثر من 36 في المائة في النصف الثاني من 2019.
قال أودهاف تيواري، مستشار السياسة العامة في مجموعة موزيلا غير الربحية: "من المؤكد أن الأمور بدأت تسير نحو الأسوأ عندما يتعلق الأمر بحرية الإنترنت في الهند".
خارج الهند، "تويتر" محظور في عدد من الدول بما في ذلك إيران وكوريا الشمالية وتركمانستان وأوغندا والصين.
في الهند، يعتقد جوبتا إنه من "الحتمي" أن يواجه "تويتر" ووساط الإعلام الرقمية الأجنبية الأخرى أنظمة أكثر صرامة وزيادة مطردة في المطالبات بحجب المحتوى. قال: "إنها مسألة وقت فقط قبل أن يتم إصدار اللوائح التي تجعل عملياتها أصعب من خلال زيادة سيطرة الحكومة". أضاف: "ستكون هناك زيادة في كل من طلبات إزالة محتوى المستخدم وطلبات الحصول على معلومات المستخدم".
تجري معارك مماثلة في أماكن أخرى في آسيا، حيث تسعى الدول إلى زيادة السيطرة على المحتوى عبر الإنترنت، ما يضغط على الشركات لانتهاك معايير حرية التعبير الخاصة بها لمواصلة العمل هناك.
فرضت "فيسبوك" رقابة على محتوى المعارضين الفيتناميين والتايلانديين بناء على طلب الحكومتين، بينما واجهت "جوجل" انتقادات لتقييدها حرية التعبير في فيتنام. توقع ضياء كيالي، المدير المساعد للمناصرة في منظمة منيمونيك Mnemonic لحقوق الإنسان الرقمية، تصاعد مثل هذه الضغوط.
قال: "سنرى - على المستويين الوطني والدولي - مجموعة متنوعة من الطرق لمحاولة إجبار المنصات على تحمل مزيد من المسؤولية، بل أيضا لمحاولة إجبار المنصات على فعل ما تريد الحكومات منها أن تفعله".
تروج السلطات الهندية أيضا لمنافسي "تويتر" المحليين مثل "كوو" Koo، وهو تطبيق تدوين صغير ناشئ يعمل بثماني لغات هندية تم تنزيله 3.3 مليون مرة.
نظرا لجدال السلطات علنا مع "تويتر"، روج كثير من الوزراء والإدارات الحكومية في الهند لحساباتهم على "كوو"، ما ساعد على زيادة التنزيلات 215 في المائة خلال الأسبوع الماضي، وفقا لبيانات "سنسور تاور".
لكن نيل شاه، محلل في "كانتوربوينت"، قال إن إنشاء منافس محلي ناجح لتطبيق عالمي عالي الجودة أمر نادر الحدوث. بعد زيادة أولية في عدد المستخدمين لتطبيقات الفيديو القصيرة الهندية عقب حظر "تيك توك"، انتقل كثير منهم ببساطة إلى "إنستجرام".
من بين الذين راهنوا على "كوو" كان مهانداس باي، الرئيس التنفيذي السابق وعضو مجلس إدارة في شركة إنفوسيس الهندية العملاقة لتكنولوجيا المعلومات ومستثمر في المنصة الناشئة.
قال باي إن عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي العالمية أضروا بصدقيتهم من خلال الانحياز إلى أطراف سياسية في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، وستواجه تدقيقا تنظيميا متزايدا في الهند مع تزايد الانزعاج من سلطاتها الاحتكارية.
قال باي لفاينانشيال تايمز: "نحن لسنا الصين. لن نبني أبدا جدارا ناريا عظيما لقمع الآخرين. لكن سيتعين على جميع منصات التواصل الاجتماعي هذه الامتثال للقانون. في هذا الصدد، لن يكون هناك حل وسط".

الأكثر قراءة