كوفيد ١٩ يفاقم نقاط الضعف الهيكلية في الشركات وأسواق رأس المال
فاقمت جائحة كوفيد - 19 نقاط الضعف الهيكلية الحالية في قطاع الشركات وأسواق رأس المال.
ووفقا لتقرير حديث لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، سيرتفع عدد الشركات، التي تعاني نقصا في رأس المال وسيظل الأداء المنخفض مرتفعا، وسيتم تقييد كمية متزايدة من الموارد الإنتاجية في الشركات غير القابلة للحياة، ما يؤدي إلى تراجع الاستثمار والنمو الاقتصادي.
ويقول التقرير الصادر تحت عنوان "مستقبل حوكمة الشركات في أسواق رأس المال بعد أزمة كوفيد - 19 - 138 صفحة - "ستكون هناك حاجة إلى موارد مالية كبيرة للاستثمار لدعم التعافي من الأزمة وزيادة تعزيز المرونة في مواجهة الصدمات المستقبلية المحتملة. وإن تعزيز سياسات وأطر حوكمة الشركات القائمة والجديدة سيساعد على الوصول إلى رأس المال، الذي تحتاج إليه".
ويسلط التقرير الضوء على مدى تأثير مبادئ مجموعة العشرين ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي لحوكمة الشركات في تطوير أطر العمل على مستوى العالم. على سبيل المثال، منذ آخر تحديث للمبادئ في 2015، قامت 90 في المائة من 50 سلطة قضائية، ضمنها جميع أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي ومجموعة العشرين ومجلس الاستقرار المالي، بتعديل قوانينها الخاصة بالشركات أو قوانين الأوراق المالية أو كلتيهما.
ويعرض التقرير مؤشرات وتحليلات لهياكل رأس المال، وأداء الشركات، واستخدام التمويل المستند إلى السوق، وهياكل ملكية الشركات، وسياسات الدفع على مدى العقدين الماضيين. ويستعرض تدابير الدعم التنظيمي والمالي المتعلقة بأزمة كوفيد - 19 في مجالات حوكمة الشركات وتمويل الشركات.
كما يعرض استخدام قطاع الشركات غير المالية للأسهم العامة وأسواق سندات الشركات خلال 2020. ويستعرض سياسات المصرف المركزي المتعلقة بأسواق سندات الشركات، كما يركز على الدور، الذي يمكن أن تلعبه أسواق رأس المال في طريق الانتعاش والمرونة، ويحدد القضايا الرئيسة لسياسة حوكمة الشركات في فترة ما بعد الأزمة.
من جهته، قال ماتياس كورمان، الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، عند إطلاق التقرير "تلعب الحوكمة الجيدة للشركات وأسواق رأس المال دورا حاسما في دعم تعافي الاقتصادات الخارجة من أزمة كوفيد - 19، وجعل قطاع الأعمال أكثر حيوية وتنافسية ومرونة في مواجهة الصدمات المستقبلية المحتملة. وسيكون الوصول العالمي لمبادئ مجموعة العشرين/ منظمة التعاون الاقتصادي بشأن حوكمة الشركات مهما في تحقيق هذه الأهداف".
ويسلط التقرير الضوء على عدة أولويات لواضعي السياسات لحوكمة الشركات وأسواق رأس المال كأمر ضروري لمواجهة التحديات، التي طرحتها الأزمة الصحية العالمية.
دعم الانتعاش
يمنح التقرير أهمية كبرى لأسواق الأسهم كلاعب رئيس في تزويد الشركات برأسمال الأسهم الذي يمنحها المرونة المالية للتغلب على الانكماش المؤقت، مع الوفاء بالتزاماتها تجاه الموظفين والدائنين والموردين.
ويقول "في 2020، قدمت سوق الأوراق المالية مبالغ قياسية من الأموال الرأسمالية للشركات غير المالية قدرها 626 مليار دولار من الأسهم الجديدة، إلا أنها لم تقدم دعما كافيا للشركات الجديدة". منذ 2005، شطبت أكثر من 30 ألف شركة من أسواق الأسهم على مستوى العالم، أي ما يعادل 75 في المائة من جميع الشركات المدرجة اليوم. ولم تتم مطابقة عمليات الشطب هذه مع إدراجات جديدة، ما أدى إلى انخفاض كبير في الشركات المدرجة. هذا يعني أن جزءا كبيرا من الأموال، التي تم جمعها في 2020 ذهب اليوم إلى شركات أقل عددا لكنها أكبر حجما، تستفيد من أسواق الأسهم العامة بشكل مباشر وبتكلفة منخفضة نسبيا.
وتؤكد الذراع الاستشارية لمجموعة العشرين أن هذه الاتجاهات أثارت مخاوف بشأن نقاط الضعف الهيكلية في نظم أسواق الأوراق المالية، أولا، أدى التحول من الاستثمارات المباشرة للأفراد إلى المستثمرين الكبار إلى إيجاد انحياز نحو الشركات المدرجة الكبيرة، ليصبح متوسط حصة الملكية في الشركات المدرجة الكبيرة أعلى بكثير من ملكيتها في الشركات الأصغر.
ثانيا، هيكل النشاط المصرفي الاستثماري هذا كان عاملا مهما وراء ارتفاع تكاليف الإدراج، حيث إن رسوم الاكتتاب المرتفعة والخصومات على أسعار الأسهم ثبطت الشركات الأصغر عن طرح أسهمها للاكتتاب العام. والاستحواذ المنتظم على شركات النمو الأصغر - خاصة من قبل شركات التقنية الكبيرة - أسهم في تجفيف خط أنابيب الاكتتاب العام للشركات المستقلة الأصغر، التي يمكن أن تزيد المنافسة وتحدي الوضع الراهن.
أطر حوكمة الشركات
مع منع أزمة كوفيد - 19 عديدا من الشركات من الوفاء ببعض الالتزامات القانونية والتنظيمية، اتخذت الحكومات في جميع أنحاء العالم خطوات لتعديل هذه المتطلبات. على الرغم من أن بعض التعديلات تعد مؤقتة، إلا أنه قد يكون لها تأثير دائم في كيفية إدارة الشركات وهيكل رأسمالها وهيكل ملكيتها وكيفية إدارتها علاقتها مع المساهمين، هذا الأمر يتطلب تكييف سياسات ولوائح حوكمة الشركات في حقبة ما بعد كوفيد - 19.
تتطلب التجارب من الوباء إجراء تحسينات في أطر إدارة المخاطر والأزمات، وتحسين جودة التدقيق في أسعار الأسهم، وتعزيز أو توضيح الأطر التنظيمية للمشاركة عن بعد في اجتماعات المساهمين، وتعديل شروط مكافآت التنفيذيين عقب الأزمة، والتدقيق مجددا في شروط وإجراءات تحديد الأجور والإشراف عليها، وضمان انسيابية سلسلة التوريد، وتطوير قوانين الإعسار بطريقة تضمن التعافي والمرونة. وتسهيل وصول الأعمال التجارية السليمة إلى أسواق الأسهم سيساعد على تقوية الميزانيات العمومية للشركات وظهور نماذج أعمال جديدة ضرورية للتعافي المستدام والمرونة طويلة الأجل.
زيادة تركيز الملكية في الشركة
شخصت المنظمة أن المستثمرين المؤسسين للشركات زادوا من أصولهم الخاضعة للإدارة بشكل كبير على مدار الـ15 عاما الماضية، بينما انخفض عدد الشركات المدرجة في عديد من أسواق الأسهم المتقدمة.
وتقول "إن هذه الاتجاهات المتعارضة أدت إلى تخصيص مبلغ متزايد من الأموال لعدد متناقص من الشركات، ما نتج عن ذلك إعادة تركيز للملكية في أيدي مستثمرين مؤسسيين كبار. على سبيل المثال، يمتلك أكبر ثلاثة مستثمرين مؤسسيين في الولايات المتحدة الآن متوسطا مجمعا يبلغ 23.5 في المائة من الأسهم في الشركات المدرجة".
يعكس تركيز الملكية في بعض الأسواق الأخرى قوة هياكل مجموعة الشركات. على سبيل المثال، تملك الشركات الخاصة والشركات القابضة في عديد من الاقتصادات الآسيوية أكثر من 30 في المائة من إجمالي رأسمال الأسهم في الشركات المدرجة، وفي بعض الأحيان، تعزى الزيادة في تركيز الملكية إلى وجود ملكية القطاع العام.
وعلى الصعيد العالمي، يمتلك القطاع العام، بما في ذلك الحكومات المركزية وصناديق الثروة السيادية 10.7 تريليون دولار من الأسهم المدرجة، تمثل 10 في المائة من رسملة السوق العالمية.
المخاطر البيئية والاجتماعية والحوكمة
بدافع قوي من كوفيد - 19، أخذ عديد من المستثمرين يولي اهتماما أكبر لاعتبارات البيئة عند اتخاذ قراراتهم الاستثمارية والتصويتية. ويحتاج صانعو السياسات والمنظمون إلى ضمان وصول المستثمرين إلى معلومات مادية موثوقة متسقة وقابلة للمقارنة، ولا سيما المعلومات المتعلقة بالمناخ عند إدارة مدخراتهم وأصولهم. من شأن ذلك أن يساعد قطاع الشركات على تلبية التوقعات المتزايدة ويسهم في نجاح الشركات على المدى الطويل.
قطاع الشركات غير المالية
لم تتأثر جميع الشركات بالقدر نفسه بأزمة كوفيد - 19، حيث يرتبط هذا جزئيا بالاختلافات في السلامة المالية أثناء دخول الأزمة، من جهة، وارتفاع مستويات المديونية، التي تجعل بعض الشركات أكثر عرضة للخطر.
في أعقاب الأزمة المالية 2008، شهدت أسواق سندات الشركات العالمية زيادة كبيرة ودائمة في الإصدارات، حيث تضاعفت من متوسط سنوي 890 مليار دولار بين 2000 و2007 إلى 1.87 تريليون دولار بين 2008 و2020. أبرز كوفيد - 19 هذا الاتجاه وسجل 2020 ذروة تاريخية بلغت 2.9 تريليون دولار في إصدارات الشركات، ما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق 14.8 تريليون دولار في سندات الشركات القائمة.
حتى قبل أن تضرب أزمة كوفيد - 19، أدى انخفاض المخزون القائم من سندات الشركات وزيادة اقتراض الشركات ذات التصنيف الائتماني المنخفض، إلى إثارة مخاوف واسعة النطاق بشأن الإفراط في المخاطرة في بعض أجزاء قطاع الشركات. من الأمثلة على ذلك استخدام أسواق سندات الشركات لتمويل عمليات إعادة شراء الأسهم من قبل الشركات عالية المخاطر وغير الاستثمارية. منذ 2000، زادت حصة سندات الشركات في عمليات إعادة شراء الأسهم أو توزيعات الأرباح من 2 إلى 11 في المائة.
وحسب التقرير، استمرت سوق السندات كمصدر مهم لرأس المال للشركات غير المالية عقب اندلاع الأزمة. وفي 2020، أصدرت الشركات غير المالية مبلغا تاريخيا 2.9 تريليون دولار من سندات الشركات. نتيجة لذلك، وصل حجم ديون سندات الشركات غير المسددة إلى أعلى مستوى له على الإطلاق بالقيمة الحقيقية لنحو 15 تريليون دولار في نهاية 2020.