"الصحة الرقمية" تجذب المستثمرين .. 185 مليار دولار سوق الطب عن بعد بحلول 2026
الكفاءة، والتوفير في التكاليف، والعدد المتزايد من رضى المرضى - جعل من رقمنة قطاع الرعاية الصحية فرصة كبيرة للشركات لتلج إلى المستقبل وتخطو خطوات واسعة مع التقنيات المبتكرة، ولا سيما أن "الصحة الرقمية" تجذب مزيدا ومزيدا من المستثمرين، لهذا القطاع المزدهر بالفعل، في مجرد بداية لمرحلة نمو حيوية للغاية.
دفعت أزمة كوفيد - 19، قطاع الرعاية الصحية لأن يستخدم بشكل متزايد التقنيات الجديدة، سواء كانت استشارات عن بعد، أو بيانات طبية يمكن تحليلها رقميا في الوقت الحقيقي.
وأدى الوباء إلى تسريع التحول نحو "الرقمنة" وأحدث تطورات مبتكرة، وهكذا دخلت التطبيقات الجديدة مثل الحوسبة السحابية أو الاتصال عن بعد أو الذكاء الاصطناعي أو تحليل البيانات الضخمة إلى قطاع الرعاية الصحية، وأصبحت أجهزة الجراحة بمساعدة الروبوت التي يتم إدارتها عن بعد توفر مجموعة متزايدة من الفرص ما أدى إلى تحقيق مكاسب أساسية في الكفاءة وتحسين الرعاية بتكلفة أقل.
نمو الطب الهاتفي
سيصل سوق "الطب عن بعد" وحده إلى حجم عالمي يزيد على 185 مليار دولار بحلول 2026 - ارتفاعا من 34 مليار دولار في 2018، وفقا لمؤسسة "فورجن بزنس إنسايت" المتخصصة في مراقبة الاستثمارات العالمية. وتقول المؤسسة الدولية، "مثلما غيرت الهواتف الذكية والرقمنة حياتنا العملية والشخصية، فقد جرت بالضبط عملية التطوير نفسه في قطاع الرعاية الصحية".
ويمثل قطاع الرعاية الصحية اليوم 12 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي - والاتجاه آخذ في الارتفاع، مع الإمكانات الهائلة.
وعلى سبيل المثال، طورت "إنسباير ميديكال"، محفزا رقميا يقلل بشكل كبير من المخاطر التي يتعرض لها المرضى الذين يعانون اضطرابات التنفس أثناء الليل، وقامت شركة "دكسكوم"، المتخصصة في تقنية أجهزة قياس نسبة السكر في الدم، بإمكانية نقل بياناتها رقميا بعد تحليلها إلى طبيب العائلة في الوقت الحقيقي، وهو ما عد ثورة تقنية حقيقية لمرضى السكري.
وتؤكد "فورجن بزنس إنسايت"، أن هذه التقنيات والحلول التي تتطلب الرقمنة لها تأثير إيجابي في جودة العلاج والكفاءة وخفض التكاليف الإجمالية، ما جعلها تغزو صناعة الرعاية الصحية بسهولة. ونتيجة لتوقعات النمو السريع، يتزايد اهتمام المستثمرين الدوليين، ما يعطي مزيدا من الزخم للابتكار في هذا القطاع.
قفزة في الاستثمار
استثمرت شركات رأس المال أكثر من 60 مليار دولار في أكثر من 3000 شركة صحية رقمية منذ 2011، غير أن مؤشرات الربع الأول من هذا العام تؤكد أنه تم الاستثمار في صناعة "الصحة الرقمية" بنحو ثلث ما تم استثماره في مجمل 2019. وتقول "فورجن بزنس إنسايت"، "إنه نمو قوي، وسيستمر الزخم والطلب في وضع الشركات في موقع ممتاز لتحقيق أداء مستقبلي جيد".
لهذا الغرض، قام صندوق "ديجتال هيلث" الأمريكي باختيار الشركات التي ستحقق نموا من رقمين في الإيرادات، مع التركيز على شركات الصحة الرقمية سريعة النمو التي لديها بالفعل تدفق نقدي إيجابي أو تمويل كاف لتحقيق التعادل.
وتم العثور على الشركات الناجحة في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، لكن بشكل متزايد أيضا في آسيا، وأظهر الصندوق وجود عديد من الفرص الاستثمارية، سواء في شكل حلول قائمة على السحابة أو الذكاء الاصطناعي أو تطبيقات البيانات الضخمة أو الروبوتات أو تقنية الاستشعار.
الجراحة الرقمية
قدرت المؤسسة أن تنمو ممارسات الجراحة بمساعدة الروبوت وأنظمة التشخيص 17 في المائة سنويا لترتفع إلى 14 مليار دولار في 2025. وتشير إلى أنه يمكن للجراحة الرقمية أن تزيد من وصول الجميع إلى الرعاية الجراحية.
أكدت أن التدخلات الجراحية التقليدية في المستشفيات لا تحل المشكلة دائما وتتسبب أحيانا في تكاليف إضافية بعد العملية، وأن نصف المضاعفات الطبية في الدول الصناعية ترتبط بالإجراءات الجراحية، وتؤدي مضاعفاتها إلى تكاليف متابعة عالية تصل إلى أكثر من 30 مليار دولار في العام.
وتوفر تقنية التصوير المستخدمة مع أنظمة الجراحة بمساعدة الروبوت المتحكم به عن بعد مشاهد ثلاثية الأبعاد لمجال الجراحة. وتتميز الأذرع الروبوتية لهذه الأنظمة بدقة تشغيل عالية في مناطق الجسم التي يصعب الوصول إليها، إذ إنها أكثر مرونة من اليد البشرية.
ويتحكم الجراحون الجالسون في وحدة التحكم، سواء في داخل المستشفى أو حتى في بلد آخر، في كل حركة حيث لا تقوم الأجهزة الجراحية الروبوتية بأي حركة من تلقاء نفسها، تساعد أجهزة التصوير الموجه ودمج البيانات السريرية في التحليل في الوقت الحقيقي على التحسين المستمر لجودة العمليات الجراحية. ويعد سوق معدات جراحة العظام الروبوتية أكثر تنوعا. ومن خلال برنامج التخطيط ثلاثي الأبعاد قبل الجراحة والتصوير في الوقت الحقيقي، أصبح حاليا استبدال مفصل الورك والركبة بواسطة الروبوت الأكثر استخداما في الطب اليوم، كما أخذت جراحة العمود الفقري بواسطة الروبوت تتقدم في نسبة استخدامها.
السوق في بداياتها
لكن من ناحية أخرى، لا يزال سوق معدات التشخيص في مهده، في حين أصبحت خزعة الرئة هي أحدث مجال للتطبيق. ومع معدل البقاء على قيد الحياة لمدة خمسة أعوام 18 في المائة لسرطان الرئة، يعد التشخيص المبكر ضرورة طبية مهمة لم يتم الرد عليها. وأعطت عمليات الخزعة التقليدية مثل تلوين القصبات نتائج تشخيصية مختلطة، حيث يمكن أن تكون هذه الأساليب بشكل عام قاتلة اعتمادا على الحالة الجسدية للمريض. في المقابل، توفر خزعات الرئة بمساعدة الروبوت معدلات نجاح أعلى مع مستوى أقل من الإخفاق.