نقص الإمدادات الغربية يفاقم الأزمة الاقتصادية في أفغانستان .. والقطاع المصرفي يعاني
أصبح التغيير الذي تشهده أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان عليها محورا أساسيا لبحث وتخيل تداعياته بالنسبة للمجتمع الأفغاني، ولا شك أن المرأة الأفغانية ستعاني كثيرا في ظل حكم طالبان. وقد عاشت بالفعل حياة قاسية وصعبة من قبل أثناء حكم طالبان في الفترة ما بين 1996 و2001 فقد كان من أول الإجراءات التي اتخذتها طالبان بعدما تولت مقاليد السلطة منذ شهر إرغام معظم الأفغانيات العاملات على ترك وظائفهن والتزام بيوتهن.
وقالت الكاتبة روث بولارد، والكاتب ديفيد فيكلينج في تقرير نشرته وكالة بلومبيرج للأنباء أمس، إن هذا الإجراء سيزيد من خطر المجاعة الذي تواجهه البلاد بعد أعوام من عدم جني محاصيل كافية وانهيار محصول القمح العام الجاري.
وأضافا أنه في اقتصاد يعتمد على المساعدات ويواجه اضطرابات شديدة، يؤدي الاستبعاد المفاجئ لعشرات الآلاف من العاملات اللاتي يتحصلن على أجور ويقمن بإعالة أسر كبيرة ممتدة، إلى زيادة الأعداد التي تواجه الجوع في دولة يعيش 47.3 في المائة، من سكانها تحت خط الفقر.
وقال فيكلينج وبولارد إن ما يحدث خارج المدن يمكن أن يكون أكثر تدميرا، فالنساء يشكلن نحو ثلث القوة العاملة في الريف، ومن دونهن، ستتضاعف مشكلات دولة تستطيع بالكاد توفيرالغذاء لسكانها.
وقالت هيثر بار المديرة المساعدة لحقوق المرأة في منظمة هيومن رايتس ووتش إن الخوف الأول الذي ينتاب المرأة الأفغانية هو حرمانها من العمل، والخوف الثاني هو حرمانها من الحصول على التعليم.
ونظرا لمقتل الكثير من الرجال في الصراع أو فرارهم من أفغانستان، أصبح عدد كبير من الأفغانيات يتحملن مسؤولية رعاية أسرهن، كما أصبحن هن العاملات وحدهن لتوفير لقمة العيش لآبائهن وغيرهم من الأقارب.
وحتى قبل أزمة هذا العام، كان الفقر متفشيا في أفغانستان بسبب جفاف مدمر في 2018 و 2019. وذكر فيكلينج وبولارد أن استيلاء طالبان على السلطة سيجعل هذه المشكلات أكثر حدة لأن هناك ارتباطا قويا بين الفقر وسوء التغذية وعدم المساواة بين الجنسين.
وعلى الرغم من ميل النساء والفتيات لأن يكن أكثر قدرة على تحمل سوء التغذية، فإنهن في المجتمعات الأبوية التي تمنح الأولوية للرجل يعانين أيضا أسوأ حرمان وتأثيرات جانبية طويلة المدى، حيث يتم تخصيص قدر أكبر من الغذاء للذكور في الأسرة. ويمكن أن يكون العيش على هامش الجوع سببا ونتيجة لوضع المرأة المتدني.
ويبدأ التمكين الاقتصادي عادة بالتحكم على الأقل في جزء من ماليات الأسرة، وحتى في المجتمعات الأبوية، هناك دليل على أن إنهاء تحكم الرجال في المال يمكن أن يؤدي إلى دورة فعالة وقوية لزيادة المساواة والدخول والرفاهية الاجتماعية.
ويمكن أن تكون هذه التأثيرات مهمة، فسوء التغذية بين الأطفال ينخفض بنحو 43 في المائة، عندما تتحكم النساء في أي زيادة في الدخول، ويكون التحسين أكبر عندما تتوافر لديهن فرصة أفضل للحصول على التعليم.
ولكي يحدث هذا التقدم، يجب أن يكون هناك دخل فائض، ولكن مع قيام طالبان بإنهاء قدرة النساء على كسب المال وفي ظل ارتفاع أسعار الغذاء، تتضاءل بسرعة فرص تحقيق ذلك.
ووفقا لدراسة أجريت في 2014، يذهب نحو 53 في المائة، من إنفاق الأسر في المناطق الريفية إلى الغذاء فقط، ومن المحتمل ألا يكون هذا الوضع قد تحسن في الأعوام السبعة الأخيرة.
وبسبب التأثيرات طويلة المدى للجفاف وجائحة كورونا، ارتفعت أسعار دقيق القمح في كابول بنحو 20 في المائة عن متوسطها التاريخي خلال معظم العام الماضي.
وأضاف فيكلينج وبولارد أنه من المحتمل أن يزداد هذا الوضع سوءا نتيجة للاضطرابات الحالية، وإذا اعتقد المرء أن مشكلات سلسلة الإمدادات في الدول الغربية من شأنها أن تؤدي إلى نقص وتضخم، فإن هذا لا يقارن بنوع الفوضى المدنية وحالة الغموض التي تشهدها أفغانستان.
وأضف إلى ذلك قطاعا مصرفيا يعاني أزمة، مع طوابير طويلة من الأشخاص ينتظرون قدرا ضئيلا من النقد الذي تبقى في البلاد.
وجمدت الولايات المتحدة والهيئات الدولية بما في ذلك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الاحتياطيات الأجنبية، وأوقفت التحويلات المالية العادية.
وتعهد مؤتمر للأمم المتحدة عقد في جنيف الإثنين الماضي بمساعدات طارئة لأفغانستان بأكثر من مليار دولار. ولكن السؤال للمانحين يتعلق بكيفية تقديم المساعدات بسرعة قبل حلول شتاء قاس آخر.
وقالت بار، المديرة المساعدة في منظمة هيومن رايتس ووتش إن هناك وراء الكواليس، خلافا سيئا بين منظمات المساعدات بما في ذلك الأمم المتحدة.
وتقول بعض الوكالات إنه إذا لم تسمح طالبان بأن تكون هناك نساء يقمن بالعمل في مجال المساعدات، فإنه سيتعين عليها أن تمضي قدما وتوزع المساعدات بصرف النظر عن ذلك، نظرا لأن هناك حاجة ماسة إلى هذه المساعدات.
وتقول وكالات أخرى، إن وجود عاملات لتقديم المساعدات هو الطريقة الوحيدة لضمان وصول المساعدات للنساء، وهو تأكيد تم إثباته مرارا وتكرارا. ومهما يحدث، فإن هناك حاجة إلى أن يحدث ذلك سريعا.
وحذر برنامج الأمم المتحدة للتنمية مطلع الشهر الجاري من أنه ربما ينزلق ما نسبته 97 في المائة، من السكان إلى تحت خط الفقر مع حلول منتصف العام المقبل إذا لم يكن هناك تحرك عاجل لعلاج الأزمتين الاقتصادية والسياسية المرتبطتين ارتباطا قويا.