"جيتكس السعودية" .. وصناعة المعارض
تظل السعودية السوق الأعلى حجماً في سوق صناعة المعلومات، والأقدر جاذبية للاستثمار المحلي والعالمي، لوفرة المشاريع العملاقة القائمة والناشئة في مختلف أرجاء البلاد. وتبقى القيم المرصودة التي تتجاوز مئات المليارات قيما حقيقية لحجم الإنفاق على الاتصالات وتقنية المعلومات للسنوات الخمس القادمة، وهي أرقام لواقع مشهود يعكس تصدر السعودية مكانة متقدمة بين دول العالم في هذا المضمار.
يتطلب حجم الإنجازات والمشاريع في مجال تقنية المعلومات والاتصالات في المملكة أن تراعي الجهات المنظمة للمعارض أو المؤتمرات والندوات أو أي فعالية أن تقدم حدثا بحجم ووزن وصيت إنجازات بلادنا، ويأتي معرض جيتكس السعودية 2009 ليكون واجهة مفترضة تعكس هذا المستوى والمكانة المرموقة للسعودية. وعلى الرغم من الانتقال إلى مركز المعارض الجديد الذي يقدم إضافة مميزة تحسب للمعرض من حيث الشكل والمساحة لاستقطاب مزيد من الزوار، إلا أن ذلك لا يحقق الأهداف المنشودة.
فالقضية تعتمد على مدى القدرة على صناعة المعارض، وعلى الطاقات والقدرات التسويقية والتواصل الواسع وأساليب نوعية في العروض. وتتحمل الجهة المنظمة للمعرض جزءا كبيرا من هذه المسؤولية، فالمسألة لا تقف عند ترويج لتأجير منصات عروض ومواقع مميزة، بل تعتمد على ما قبل ذلك وما بعده من حيث نوع المشاركات ومجال التخصص وحجم الخدمات وبعدها جميعاً يأتي أسلوب العرض وتنوعه والتأكيد على التميز في ذلك.
إن المعرض يضم في كامل أنحائه 400 جهة مشاركة من 15 دولة تحمل أسماء عالمية ونخب مميزة من العلامات التجارية الرائدة في مجالاتها على الصعيد المحلي والعالمي - والتي نقص من عددها 200 جهة عن العام الماضي – وهذه القطاعات تقدر رؤوس أموالها بأكثر من تريليون دولار، ويفترض في المقابل أن يكون هناك تنظيم بحجم هذه القطاعات وبحجم المشاريع الطموحة في المملكة. ويتضح بذلك المقصد أن يكون التنظيم بمستوى الحدث ليحقق الصدى الواسع بما يليق بالمشاركين وبمكانة البلاد الاقتصادية.
أجد من خلال متابعتي للمعرض أن العبء بكامله يقع على عاتق القطاعات المشاركة، فهي تجتهد لأقصى حدودها لاستقطاب الزوار بالعروض الفريدة في نوعها وأسلوب الإبهار، وهذا لا خلاف عليه وهو يقع في دائرة مسؤوليتهم، أما الجهة المنظمة سحبت نفسها بعد أول يوم من الافتتاح وبقي دورها مقتصراً على التنسيق والمتابعة فقط.
هذا الحدث لو استمر على هذا الوضع فإن المؤشرات المستقبلية لا تبشر بالخير، فسنفقد مع العام المقبل 200 جهة مشاركة أخرى. إن المعرض ليس كما يظنه البعض ملتقى مبيعات ومشتريات، إنما يعتبر في نظري ليس كذلك، إن المطلوب في مثل هذا الحدث أن يعطى حقه الكامل بحسب مكانة بلادنا في هذا المجال على الصعيد العالمي، وكما ناشد الكثيرون من قبل، يفترض أن توضع أجندة حافلة بالفعاليات طوال فترة تنظيم المعرض، بحيث تتضمن محاضرات علمية وورش عمل متخصصة، وأن يصمم موقع تفاعلي على شبكة الإنترنت يقدم معلومات مصورة ومسموعة ومقروءة عن المعرض، بحيث تحدث مع مرور الوقت حتى يكون المهتمون على اطلاع بتطورات المعرض عن كثب. وأن يهتم المنظمون بتوفير مركز إعلامي على مستوى عال من التجهيزات وتحت إشراف شخصيات مؤهلة وذات خبرة في المجال، وهذا ما نفتقر إليه كل عام.