لمنع التضليل .. المنظمون يضيقون الخناق على التمويه الأخضر

لمنع التضليل .. المنظمون يضيقون الخناق على التمويه الأخضر

تعمل هيئات الرقابة المالية في جميع أنحاء العالم على شحذ تدقيقها بشأن "التمويه الأخضر" المحتمل في قطاع الاستثمار في ظل مخاوف متزايدة من أن رأس المال يتم استثماره بناء على ادعاءات مضللة.
سيل الأموال الخاصة الجديدة التي تم التعهد بها للاستثمار المستدام دفع المنظمين إلى تكثيف العمل لوضع معايير لضمان تقديم البنوك وشركات التأمين ومديري الأصول إفصاحات واضحة حول المؤهلات البيئية للاستثمارات التي يروجون لها.
قال نيخيل راثي، الرئيس التنفيذي لهيئة السلوك المالي في المملكة المتحدة، الأسبوع الماضي في مؤتمر المناخ في جلاسكو: "لا يمكننا أن ندع هذا التمويه الأخضر يستمر ونخاطر بتدفق رأس المال الذي تشتد الحاجة إليه للمساعدة في تأمين مستقبلنا".
في وثيقة مناقشة صدرت الأسبوع الماضي، اقترح المنظم البريطاني أن صناديق الاستثمار المصنفة مستدامة يجب أن تقدم نفسها بلغة "موجزة وسهلة" للمستهلكين، جنبا إلى جنب مع الإفصاحات الأساسية الأكثر تفصيلا التي تستهدف في المقام الأول المستثمرين المؤسسيين.
تريد هيئة السلوك المالي أيضا من مديري الأصول تقديم مزيد من المعلومات حول كيفية دمج المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة في عمليات الاستثمار الخاصة بهم.
قدم الاتحاد الأوروبي متطلبات إفصاح مماثلة في آذار (مارس) بموجب "لائحة الإفصاح عن التمويل المستدام". ستطلب هيئة السلوك المالي الحصول على ردود على مقترحاتها في عملية تشاور عام مقبل قبل نشر القواعد الجديدة.
كذلك أصدر المنظم المالي السويسري توجيهات جديدة في وقت سابق هذا الشهر تهدف إلى حماية المستثمرين في الصناديق من التمويه الأخضر.
الانضمام إلى جهود المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والسلطات السويسرية لتضييق الخناق على عمليات التمويه الأخضر هو عمل من قبل المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية "آيوسكو" Iosco، وهي أداة معيارية عالمية لتداول الأوراق المالية تهدف إلى تنسيق تطوير السياسة بين المنظمين الوطنيين.
قال إريك ثيدين، رئيس هيئة الرقابة المالية السويدية ورئيس فريق عمل التمويل المستدام في آيوسكو: "التمويه الأخضر يمكن أن يضر بمصداقية حركة التمويل الأخضر، ما يعرض للخطر العمل للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية".
أضاف أن معالجة التمويه الأخضر أمر ضروري إذا أراد منظمو الأوراق المالية تحقيق أهدافهم المزدوجة المتمثلة في حماية المستثمرين وضمان نزاهة الأسواق المالية.
مع ذلك، فإن أقلية فقط من أعضاء آيوسكو عبر 130 ولاية قضائية لديهم قواعد محددة تغطي الاستثمارات المستدامة. يعتمد الكثيرون على كتب القواعد الحالية الخاصة بهم لمراقبة الاستراتيجيات المستدامة، لكن آيوسكو تريد من المنظمين الوطنيين أن يبذلوا أكثر من ذلك.
اقترحت آيوسكو على المشرفين الوطنيين النظر في إصدار قواعد أو إرشادات جديدة تغطي منتجات الاستثمار المستدام، وأيضا التأكد ما إذا كانت اللوائح التي تغطي إدارة المخاطر المتعلقة بالاستدامة من قبل شركات الاستثمار صارمة بما فيه الكفاية.
قال ثيدين: "هذه إشارة واضحة لقطاع إدارة الأصول بأنهم بحاجة إلى سياسات وممارسات وعمليات لتجنب التمويه الأخضر".
مقترحات آيوسكو التي يقصد بها فقط أن تكون خط أساس، تترك للمنظمين الوطنيين القرار فيما إذا كان ينبغي أن تكون أي قواعد جديدة إلزامية أو طواعية. يعكس هذا حاجة آيوسكو إلى تحقيق إجماع بين أعضائها، لكن جرانت فينجو، رئيس هيئة الأوراق المالية في أونتاريو، قال إن المنظمين على أهبة الاستعداد للتصرف عندما يكشفون عن "إخفاقات فادحة أو بيانات مضللة" تعد تمويها أخضر.
قال فينجو: "هناك حوافز (تجارية) قوية جدا لمديري الأصول لتقديم تأكيدات في المنافسة لتكون خضراء، لكن إذا أصدروا بيانات مضللة حقا، فإن الإنفاذ هو أداة يجب استخدامها (من قبل المنظمين)".
في إشارة إلى الكيفية التي يقوم بها المراقبون الماليون بفحص القطاع عن كثب، تم الكشف في آب (أغسطس) أن المنظمين الألمان والأمريكيين فتحوا تحقيقات في شركة دي دبليو إس لإدارة الأصول بعد مزاعم حول التمويه الأخضر أدلى بها رئيس الاستدامة العالمي السابق. قالت المجموعة في ذلك الوقت إنها "متمسكة" بإفصاحاتها.
حتى مع تصاعد التدقيق، يضخ المستثمرون مئات المليارات من الدولارات في الاستثمارات الخضراء. وصلت التدفقات العالمية إلى الصناديق المستدامة إلى 477.4 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، أعلى كثيرا من 366.6 مليار دولار تم جمعها على مدار 2020 بأكمله، وفقا لمورنينجستار، مزود البيانات.
تمثل التدفقات إلى الصناديق المستدامة المباعة في أوروبا 81.6 في المائة من النمو الإجمالي حتى الآن هذا العام، بينما ساهمت الولايات المتحدة بنسبة 11.8 في المائة من الأعمال الجديدة.
في الولايات المتحدة، مهمة معالجة التمويه الأخضر معقدة بسبب الطبيعة المسيسة للغاية للجدل حول مخاطر تغير المناخ.
قال روبرت إكليس، الأستاذ الزائر في كلية سعيد للأعمال في جامعة أكسفورد، إن هيئة الأوراق المالية والبورصات، الجهة المنظمة في الولايات المتحدة، قد تواجه تهديدات قانونية إذا أصدرت توجيهات عالية المستوى حول كيفية تعامل مديري الاستثمار مع مخاطر تغير المناخ.
أخبر جاري جينسلر، رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات، الكونجرس في أيلول (سبتمبر) أن الهيئة التنظيمية الأمريكية كانت تبحث في المعلومات المقدمة من عدد متزايد من الصناديق التي تم تصنيفها على أنها خضراء أو مستدامة. أشار جينسلر إلى أنه يريد التأكد من أن الصناديق المستدامة توفر إفصاحات كافية للسماح للمستثمرين باتخاذ خيارات مدروسة، لكن نهجه أثار معارضة من بعض الجمهوريين.
اتهم جون كينيدي، السناتور الجمهوري الذي يمثل لويزيانا، جينسلر بفرض "تفضيلاته الشخصية" بشأن تغير المناخ على المستثمرين، وهو ادعاء نفاه رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات.
يقول إكليس: "الولايات المتحدة هي أكبر سوق لرأس المال في العالم، لذا من الضروري وجود إرشادات تنظيمية واضحة حول معنى ’الأخضر‘ و’المستدام‘ لمنع التمويه الأخضر".

الأكثر قراءة