إيلون ماسك: أسعى إلى تحرير الناس من متاعب قيادة السيارات

إيلون ماسك: أسعى إلى تحرير الناس من متاعب قيادة السيارات
إيلون ماسك
إيلون ماسك: أسعى إلى تحرير الناس من متاعب قيادة السيارات
تسلا موديل إس3

يقول إيلون ماسك إنه يريد أن يكون كريما مع منتقديه. لكن بعد أعوام من الصراع مع جيش من المشككين في أوساط صناعة السيارات وفي وول ستريت، من الصعب احتواء غضب الرئيس التنفيذي لشركة تسلا.
لقد مر ما يقارب عقدا من الزمان منذ أن أثبت موديل إس التابع لشركته أن السيارات الكهربائية يمكنها أن تتنافس مع الأفضل من حيث الطراز والأداء، وأربعة أعوام منذ أن جلب طرازها 3 التكنولوجيا لسوق أوسع. خلال تلك الأعوام لم يتعين على ماسك بناء سوق للسيارات الكهربائية بشكل فردي تقريبا، بينما كان يواجه الإفلاس، بل خاض أيضا معركة مستمرة مع البائعين على المكشوف في وول ستريت وبدأ حربا كلامية مع الجهات التنظيمية.
قدم هذا العام قدرا من التبرير لكل ذلك، بعدما كرست شركات تراوح من فورد إلى فولكسفاجن إلى مرسيدس بينز بشكل لا لبس فيه مستقبلها للسيارات الكهربائية. وأصبحت تويوتا الأحدث الثلاثاء من الأسبوع الماضي، حين أعلنت عن استثمار بقيمة 35 مليار دولار لبناء سيارات كهربائية.
يقول ماسك في مقابلة مع صحيفة فاينانشيال تايمز: "لفترة طويلة من الزمن، كانت بقية صناعة السيارات تدعوني وشركة تسلا بالحمقى والمحتالين. كانوا يقولون إن السيارات الكهربائية لن تنجح، ولن يمكنك تحقيق المدى والأداء. وحتى لو قمت بذلك، فلن يشتريها أحد".
يعتقد ماسك أن نشطاء تغير المناخ ساعدوا في دفع صناع السيارات تجاه تكنولوجيا أكثر استدامة. لكنه يدعي أن هناك سببا واحدا أكثر هيمنة لتحولهم للسيارات الكهربائية أخيرا، قائلا: "حتى بدأنا بالحصول على حصة سوقية منهم بطريقة ذات مغزى، لم يبدوا أي رد فعل".
إنه ليس الوحيد الذي يقول بهذا الرأي. بوب لوتزوهو نائب الرئيس السابق لشركة جنرال موتورز ورئيس شركة كرايسلر، الذي كان مشككا بفرص تسلا في البقاء، يقول الآن تأثير ماسك على صناعة السيارات "أمر لا يصدق – لا يقل عن كونه غير معقول"، مشيرا إلى الغزوات التي حققتها حتى في أسواق السيارات الفاخرة الأوروبية. يضيف: "لهذا السبب تخشاه شركتا مرسيدس بينز وبي إم دبليو بشدة".
لقد ظهر إيلون ماسك في كل مكان هذا العام – ليس فقط بطرق تميزه واحدا من أكثر الشخصيات التجارية أهمية، وإن كان مثيرا للجدل في الآونة الأخيرة.
مسلحا بمتابعين يبلغ عددهم 66.3 مليون، استخدم حسابه البالغ النشاط على تطبيق تويتر للترويج لدوجكوين، وهي عملة مشفرة بدأت على شكل مزحة. كما تابع أيضا التحريض ضد الجهات التنظيمية، بما فيها هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، على الرغم من دفعه لمخالفة بمبلغ 20 مليون دولار في عام 2018 بعد أن اتهمه جهاز تنظيم الأوراق المالية بالقيام بعملية احتيال مالية من خلال تغريداته.
على الرغم من وفاة ما يقارب 800 ألف أمريكي بسبب الفيروس، قضى ماسك، الذي بلغ 50 عاما هذا العام، فترة الجائحة يسخر من القيود المفروضة بسبب كوفيد – ومن السياسيين الذين اتهموه بعدم دفع ضرائب كافية.
حتى بعض أكبر مناصريه اعترفوا بنفحة من الخداع تجاه تسلا. ففي خضم طفرة لسوق الأسهم، تجاوز تقييم الشركة حاجز تريليون دولار هذا العام، ما جعل ماسك أغنى رجل في العالم – رغم شحن أقل من 2 في المائة من السيارات والشاحنات الجديدة في العالم.
مع ذلك، خلف الضجيج، وجنون التخمين، والاستهزاء الواضح بالقواعد، هناك إنجاز ذو مضمون عظيم. فقد اختارت "فاينانشيال تايمز" إيلون ماسك شخصية العام، لأنه أحدث تحولا تاريخيا في صناعة السيارات في العالم نحو السيارات الكهربائية. حتى لو انهارت شركة تسلا بطريقة ما العام المقبل – وهو أمر، على عكس ما كان عليه قبل عامين، لا أحد يتوقعه الآن – فإن ماسك قد حول إحدى أهم الصناعات في العالم بطرق يمكن أن يكون لها آثار عميقة في الحكومات والمستثمرين – وعلى المناخ.
في عصر في الأغلب ما تحدده التكنولوجيا الجديدة، فإن ماسك يدعي أنه رائد الأعمال الأكثر إبداعا حقيقيا في جيله.
لم تقتصر نتائج علامة ماسك التجارية غير العادية التي تتسم بالمخاطرة ودفع الحدود على السيارات. فقد أعادت شركته الفضائية الخاصة، سبايس إكس، أربعة من رواد الفضاء إلى الأراضي الأمريكية العام الماضي وذلك للمرة الأولى منذ مكوك الفضاء. وتقترب شبكة ستار لينك التابعة لها من إطلاق أول خدمة تجارية عبر الأقمار الاصطناعية في العالم. وينتظر صاروخ جديد عملاق يمكنه تغيير اقتصادات الوصول إلى المدار، يطلق عليه اسم ستار شيب، إطلاقه التجريبي الأول.
يمكن أن يبدو ماسك أحيانا معقود اللسان ويتعثر بأفكاره، قبل أن يطلق تصريحات كاسحة – في الأغلب حول المستقبل وكيف ستعيد التكنولوجيا تشكيله. تقدم تصريحاته على أنها تصريحات وقحة، وكأنها تعطي المستمع الجرأة على تحديه. بالنسبة إلى المعجبين، هذا يجعله صاحب رؤية غير مقيدة بالقيود العقلية التي تحد من رجال الأعمال الآخرين. لكن بالنسبة إلى النقاد، فهو يجسد غطرسة تكنوقراطية ضيقة الأفق تتجاهل بتهور تأثيرها في العالم.
هل يعتقد ماسك أن الهدف المعلن الذي وضعه لشركة تسلا قبل أكثر من 15 عاما، وهو قيادة ثورة وسائل النقل، قد تحقق أخيرا؟ يقول: "إنني متشجع للغاية من الذي يقولونه (صانعو السيارات الآخرون) على الأقل. لدينا الحديث على الأقل".
يضيف: "لقد قمنا بصناعة سيارة تسلا أساسا بسبب اليأس، ليس لأننا اعتقدنا أنها ستكون مربحة، لكن فقط لنظهر أن بالإمكان صنعها".
ربما يكون الأمر كذلك - لكن كان لها نتائج مالية مذهلة. بعد الكفاح لأعوام لإثبات أنه يمكن للأمر أن يكون قابلا للتطبيق من الناحية المالية، تبين أن هوامش ربح شركة تسلا قوية بشكل مدهش، وأن الكثير من المستثمرين على استعداد للمراهنة على أنها ستقود صناعة عالمية جديدة كبيرة للسيارات الكهربائية ذاتية القيادة.
في الوقت الذي أصبح فيه خبراء التكنولوجيا والمليارديرات موضع ارتياب شعبوي متزايد، كان لدى ماسك الكثير من النقاد، لكنه لا يزال يتمتع بمستوى أعلى من القبول العام من الكثيرين. قد يعود ذلك جزئيا إلى أن علامته التجارية الشخصية أصبحت متشابكة للغاية مع ثقافة شعبية متأثرة بالنكات والألعاب. يعتقد ماسك أن ذلك بسبب الطموحات التي تهدف منتجاته لإرضائها.
يقول: "إنني أحاول فقط إيصال الناس إلى المريخ، وتمكين حرية المعلومات باستخدام شركة ستارلينك، وتسريع التكنولوجيا المستدامة باستخدام شركة تسلا، وتحرير الناس من متاعب القيادة (...) من المحتمل أن الطريق إلى الجحيم ممهدة إلى درجة ما بالنيات الحسنة – لكن الطريق إلى الجحيم في الأغلب ما تكون ممهدة بالنيات السيئة".

ألست مستمتعا؟
دفعه للحدود وإثارته للجدل أوقعاه في مأزق. شركة تسلا تخضع للتحقيق الآن من قبل منظمي النقل والأوراق المالية في الولايات المتحدة، حول سلامة تكنولوجيا مساعدة السائق وما إذا كانت تخفي مخاطر الحريق من ألواحها الشمسية. وأثارت صراحة ماسك على منصة تويتر شكوى أحد المنظمين التي أجبرته على التخلي عن رئاسته لشركة تسلا، على الرغم من أن تصيده للنقاد واستهزاؤه بالمنظمين قد أعيى صبر الكثير حتى من معجبيه.
في بعض الأحيان، أثناء توجيه الإهانات من حسابه على منصة تويتر، يمكن أن يبدو ماسك تافها وانتقاميا. جاء الحضيض في عام 2018 عندما وصف أحد الناقدين بوصف جارح، ما أدى إلى دعوى تعويض ومثول أمام المحكمة.
يقول لوتز: "إنه مثل الرئيس ترمب – فعل كثيرا من الأمور الجيدة، لكن كان يجدر به إغلاق فمه والبقاء بعيدا عن تويتر".
عند سؤاله عن سبب استفزازه للمنظمين بشكل علني، انتقد ماسك ما يدعوه بالفشل من قبل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية في حماية المستثمرين من البائعين على المكشوف. ويقول بشأن المجلس الوطني لسلامة النقل: "أشعر كأنهم يبحثون عن العناوين الرئيسية في الصحف عوضا عن السلامة الحقيقية. من الواضح أن هذا (أمر) لا أحترمه، وينبغي ألا يتم احترامه". لكنه ينفي أي ازدراء للتنظيم نفسه.
يقول: "من الممكن بالتأكيد لأحمق ما جمع المرات القليلة التي اختلفت فيها مع التنظيمات، وكتابة قصة وجعل الأمر يبدو كأنني رجل مجنون يتصرف بتهور". يضيف: "لا أقترح في أي وقت حل أي وكالة تنظيمية، أو أي شيء من هذا القبيل. أنا لست متحررا متهورا مجنونا".
إذن، هل تعد شخصية الفتى السيئ لماسك على منصة تويتر جزءا من خطة ترويجية متقنة، أو طريقة لإطلاق العنان، أو عرض هوية غير مقيدة؟ لقد ضحك على السؤال. مستعيرا سطرا من فيلم غلادياتور، يسأل: "أعني، ألست مستمتعا؟" قبل أن يضيف: "إنني لا أقول إن تغريداتي لا تتناول بعض الأمور الحمقاء، بالطبع أفعل بذلك. في بعض الأحيان أجعل الأمور أسوأ لنفسي. لكن كما تعلم، بشكل عام، إنها مسلية ومثيرة للاهتمام وغنية بالمعلومات".
كانت إحدى نتائج تصرفات ماسك الغريبة هي جعل شركة تسلا علامة تجارية مشهورة دون إنفاق دولار واحد على الإعلان، كما يقول سيمون سبرول، الرئيس السابق للتسويق والاتصالات في الشركة. "لقد مزق كتاب القواعد الخاص بكيفية تصرف الرؤساء التنفيذيين" وفي سياق ذلك أصبح تقريبا شخصية تمثل ثقافة مضادة ووصل إلى الأشخاص الذين لا يهتمون عادة بالسيارات أو الفضاء.

مهندس بطبيعته
لقد مضى وقت طويل منذ ترك ماسك أثرا في صناعة السيارات العالمية. فبعد نجاحه المبكر بوصفه أحد مؤسسي باي بال، استثمر رجل الأعمال ذو الإنجازات المتوالية ـ المولود في جنوب إفريقيا ـ لأول مرة في تسلا وأصبح رئيسا لها في عام 2004، بعد فترة وجيزة من تأسيسها.
يقول لوتز إن مهندسي جنرال موتورز، قبل تأسيس تسلا، رفضوا بقناعة تامة أن بإمكان بطاريات أيون ليثيوم المستخدمة في أجهزة الحاسوب المحمولة أن تنتج طاقة كافية لجعل المركبات تسير على الطرقات. يضيف أن أول سيارة من إنتاج تسلا، وهي رودستر، كانت كافية لإقناعهم بذلك أخيرا، ما أدى مباشرة إلى إنتاج سيارة شيفروليه فولت الهجينة قبل عقد من الزمن. لكن جنرال موتورز لم تستمر في هذا الطريق.
بدت أيضا بوادر من شركتي دايملر وتويوتا عن اهتمامهما بمستقبل السيارات الكهربائية التي كانت قد بدأت بالظهور، حيث عقدتا شراكة مع تسلا قبيل إدراجها في سوق الأسهم عام 2010 لاستخدام تكنولوجيا نظام الدفع الكهربائي الخاص بتسلا مقابل ضخهما أموالا اشتدت حاجة تسلا إليها. لكن لم يكتب لهذا التحالف أن يدوم.
يقول ماسك: "لم تأخذ الشركتان السيارات الكهربائية على محمل الجد، واتضح فيما بعد أنهما كانتا فقط تريدان إنتاج أقل عدد ممكن من المركبات الكهربائية التي اعتقدتا أنها ضرورية للالتزام بالمتطلبات القانونية".
إثبات أن بإمكان السيارات الكهربائية أن تكون مربحة كان معناه أن عليه رفض كل نصيحة معمول بها في الصناعة، بدءا بالطريقة التي تعمل بها سلاسل التوريد إلى أسلوب التخاطب مع المستهلكين، كما يقول بيير فيراغو، المحلل في نيو ستريت ريسيرش، مضيفا أنه في كل منعطف واجهه "قيل له إن هذا ليس صحيحا وإن ذلك لا يمكن القيام به. لكنه لم يستسلم لهم أبدا".
لوري يولر، من أوائل الأعضاء في مجلس إدارة تسلا، تنسب الفضل أيضا إلى ماسك في امتلاك رؤية للبدء بصفحة نظيفة والإصرار على العمل بها. تقول: "لا يخاف أن ينعته الناس بالمجنون. يقول كثير من الناس إنهم يفكرون ابتداء بالمبادئ الأساسية، لكن كل ما يقومون به هو التحوط. لكن ماسك ينظر إلى الفكرة بشكلها الأكبر".
تفسير ماسك لنجاح تسلا يرجع إلى شغفه بالهندسة. يقول: "ما لا يفهمه الذين لا يعملون معي هو أنني أولا وقبل كل شيء مهندس". يتساءل: "كيف نجحت كل من تسلا وسبيس إكس في حين كانت تتوافر لدى الشركات الأخرى موارد وأموال أكثر بكثير مما لدي؟ مشكلتهم هي أنهم لا يستطيعون توظيفي". يقول أيضا إن التفاني في البراعة الهندسية والتركيز على التحديات المهمة كانا عاملين حاسمين في جذب أفضل المواهب الهندسية للعمل معه.
يقول جين بيرديتشفسكي، الذي كان مديرا تنفيذيا فيما سبق لبطاريات تسلا: "عندما تحل أصعب مشكلة في العالم، حينها يصبح أفضل الأشخاص في العالم راغبين في المجيء والعمل عندك". يضيف: "لمدة عقد كامل كانت تسلا هي اللاعب الوحيد في هذه الصناعة".
يقول ماسك إنه يمضي ما بين 80 و90 ساعة في الأسبوع متنقلا بين أكثر المشاريع أهمية في تسلا وسبيس إكس. "ليس الأمر كما لو أنني أحاول التدخل في التفاصيل الدقيقة بشكل تعسفي. أنا بالفعل انخرط في التصنيف كالتالي: ما هو الشيء الأكثر فائدة الذي يمكنني القيام به؟ أنا جيد جدا في أمور التكنولوجيا والهندسة. فلدى كل منا موهبته، وهذه هي موهبتي. أنا لا يمكنني الغناء أو الرقص، لكن يمكنني القيام بذلك".
على الرغم من ثروته – ومبلغ الـ13 مليار دولار الذي حصل عليه من بيع أسهم تسلا الشهر الماضي - يقول ماسك إنه لا يمتلك منزلا أو قاربا ولا يذهب في إجازة. "لا أعتقد أن هناك كثيرا من الأشخاص الذين يرغبون حقا في شراء الأماكن". يضيف: "إني أهدف إلى العمل طالما كنت قادرا على ذلك وإلى الإنتاج والمساهمة أيضا - هذه هي طبيعتي. أود لو أني عملت ساعات أقل وسيكون ذلك جيدا لي".
لكن بعد عدة أيام من قول ذلك، أثارت تعجب وول ستريت، بتغريدة قال فيها "أفكر في ترك وظيفتي". هل كان ذلك مجرد استفزاز آخر منه، أم أنه شيء يجب أخذه على محمل الجد؟
تقول يولر: "للأسف الناس يأخذون كلامه حرفيا ولا يدركون متى يكون طريفا". الذين لا يعرفونه لا يدركون "روح الدعابة" التي يتمتع بها في كثير من الأحيان. مع ذلك، تبدو تغريداته أحيانا وكأنها ناتجة عن الإرهاق و"قلة النوم".
إن أسلوب إدارة ماسك الكلي، والضغط الذي يمارسه على موظفيه من أجل حل المشكلات أدى إلى بعض السلبيات. يصف أشخاص عملوا معه كيف يمكنه زرع الفوضى والارتباك. يقول مسؤول تنفيذي سابق في سلسلة التوريد إن معدل تغيير الموظفين المرتفع الناتج عن أسلوب إدارة ماسك يعني أنه مع كل طراز مركبة جديد، على تسلا أن تعود وتتعلم الدروس نفسها مرة أخرى. ويقول مسؤول تنفيذي سابق آخر إن ماسك في الأغلب ما يتخذ قرارات سريعة تؤدي إلى وضع الفرق الهندسية في مشكلات جديدة، فقط ليتم عكس المسار لاحقا والتراجع عن كل العمل الذي قاموا به.
يشير فيراغو إلى أن شكاوى مثل هذه تعتبر جانبية. فعلى الرغم من أن ماسك يخطئ في أمور كثيرة، كما يقول، فإن الضغط باستمرار نحو ما هو ممكن يعني أنه سيحقق اختراقات مهمة قبل أي شخص آخر. إنه "يعرف أين توجد الاختناقات، وأين يتعين عليه دفع الناس ليعملوا بأقصى ما عندهم".
يرى ماسك أن هذه هي إحدى الخصال التي تميزه عن جيف بيزوس، الذي تراجعت شركته الفضائية، بلو أوريجين، عن سبيس إكس. يشتم ماسك منافسه بمديح خافت، ويعطي إيماءة إلى "كفاءة بيزوس الهندسية الجيدة إلى حد معقول، قبل أن يضيف "لكن لا يبدو أنه مستعد لبذل طاقته العقلية في الدخول في تفاصيل الهندسة. فالسر يكمن في تفاصيل الأشياء".
يقول ماسك إن بيزوس "يأخذ نفسه على محمل الجد بعض الشيء". يتابع: "باستخدام بعض الأساليب، أحاول حثه على قضاء المزيد من الوقت في بلو أوريجين حتى يحرزوا المزيد من التقدم. وكما يقول صديق لي، يجب عليه أن يقضي وقتا أطول في بلو أوريجين ووقتا أقل في حوض الاستحمام الساخن".

فشل في الانطلاقة
إن الدفع نحو حدود ما هو ممكن من ناحية فنية يعني أن شركات ماسك تتعامل دائما مع المحن، حتى وقتنا هذا. وبينما تخوض تسلا في محاولة لإدخال تكنولوجيا بطاريات جديدة مليئة بالتحديات في مسار الإنتاج، فشلت في تنفيذ خططها لإطلاق شاحنة كبيرة تعمل بالكهرباء، كذلك الحال بالنسبة للنموذج الجديد من مركبتها الأصلية رودستر، وشاحنة سايبرتراك الكهربائية.
هناك أيضا التحديات الفنية بالغة الصعوبة التي يبدو أنها تجعل حتى ماسك يشك في نفسه في بعض الأحيان، بما في ذلك بناء المركبة الفضائية القابلة لإعادة الاستخدام بالكامل وإتقان تكنولوجيا القيادة الذاتية التي ادعى ماسك لأعوام أنها قاب قوسين أو أدنى. هذان الشيئان، كما يقول، هما اللذان يستهلكان "أكبر قدر من العبء المعرفي" في حياته.
يقول عن ستارشيب: "أنا واثق من أننا لسنا بحاجة إلى علم فيزياء جديد". يضيف: "لكنها مجرد مشكلة فنية صعبة بشكل مذهل. أتساءل أحيانا، هل إنجاز هذا حقا ضمن قدرة البشر؟ أنا على يقين أننا تستطيع ذلك، لكنه أمر لا يزال علينا إنجازه".
في الآونة الأخيرة، كان ماسك يحاول تهيئة العاملين في سبيس إكس لمواجهة طريق صعب في المستقبل، حين كتب للموظفين أن مستقبل الشركة غير مضمون. يقول إن الكثير من العاملين في الشركة لم يعيشوا قط تجربة إطلاق صاروخية فاشلة. وهو يوضح كيف يمكن أن تتعرض الشركة لصعوبات مالية إذا فشلت سبيس إكس في صناعة المحركات اللازمة لتحقيق خططها في إطلاق ستارشيب ووضع ما يكفي من أقمار ستارلينك في المدار. يقول: "الإفلاس أمرا ليس مستبعدا على الإطلاق. لذلك ينبغي ألا نكون راضين عن أنفسنا أو أن نشعر بالجدارة".
وفيما يتعلق بتحدي القيادة الذاتية يقترب ماسك من الاعتراف بأن بعض الأمور السابقة التي كان واثقا منها كانت في غير محلها. يقول: "لم أكن أتوقع أن يتعين علينا حل جزء كبير من مشكلة الذكاء الاصطناعي من أجل إنجاحها". لكنه يضيف أنه الآن "واثق 99.9 في المائة - تقريبا 100 في المائة - من أن القيادة الذاتية الكاملة سيكون مصيرها النجاح، لكن السؤال هو متى يتحقق ذلك؟".
بالنسبة إلى النقاد، تأكيدات ماسك التي هي في غير محلها على مر السنين بأن سيارات تسلا على وشك أن تصبح ذاتية التشغيل بالكامل هي من أعراض المدير التنفيذي الذي يميل إلى المبالغة في تقدير قدرات مركباته. فهل ضلل عملاء تسلا بشأن تكنولوجيا القيادة الذاتية، ما يعرض سلامتهم لخطر محتمل؟
يقول بصراحة: "لم أفعل. اقرأ الكتيب عندما تطلب سيارة تسلا. اقرأ ما يقوله عند تشغيلها. إنه واضح جدا جدا". ويضيف مشيرا إلى تصنيفات الأمان العالية لسيارات تسلا، واستعداد وكالة ناسا لائتمان صواريخ سبيس إكس على رواد فضائها: "لا أعتقد أن هناك مديرا تنفيذيا على هذا الكوكب يهتم بالسلامة أكثر مني".
كما أنه ينزعج من الانتقادات القائلة إن توقعاته في بعض الأحيان كانت مفرطة في التفاؤل. قال متذمرا: "تنبؤاتي التي تصبح حقيقة، أو سابقة لوقتها، لا تلفت الانتباه، وتوقعاتي التي تأتي متأخرة تحظى بكثير من الاهتمام".
عن أمثلة على النوع الأول من التوقعات، يقول إن مصنع البطاريات العملاق للشركة في نيفادا "فاق التوقعات بكثير"، وإن إنتاج تسلا للنموذج إس بلغ أكثر من ضعف ما توقعته في وقت طرحها للاكتتاب العام الأولي.
إن علامة نجاح ماسك هي أن المنافسة الحقيقية بدأت أخيرا في الظهور في المركبات الكهربائية. فقد أطلقت شركة ريفيان الناشئة المنافسة بالفعل شاحنتها الكهربائية الخاصة، وتستعد شركة فورد لإطلاق نسخة كهربائية من مركبتها إف-150 في الربيع.
يبدو ماسك غير قلق بشأن المنافسة الجديدة، ويتوقع أن شركات مثل فولكسفاجن وفورد ستنجح في السيارات الكهربائية - على الرغم من أنه حذر من أن ريفيان تواجه الجهد المؤلم نفسه الذي واجهته تسلا في الوصول إلى الإنتاج على نطاق واسع. لكنه يشير إلى تحد جديد بدأت شركات السيارات في العالم في مواجهته.
يقول: "أعتقد أن الناس غافلون إلى حد ما عن مدى التقدم الذي تحرزه الصين. إنه أمر لا يصدق." ويقارنها بـ"موجة الواردات اليابانية التي حدثت في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. أعتقد أننا سنرى شيئا مشابها مع شركات السيارات الصينية".
"أخلاقيات العمل، والعدد الهائل من الأشخاص الأذكياء الذين يعملون بجد في الصين. إنه أمر مدهش - مذهل ومخيف بعض الشيء".

الأكثر قراءة