دعوة إلى توسيع فرص البنوك الإسلامية في الاقتصاد الكلي

دعوة إلى توسيع فرص البنوك الإسلامية في الاقتصاد الكلي
دعوة إلى توسيع فرص البنوك الإسلامية في الاقتصاد الكلي

أكد مسؤولون في صناعة المال الإسلامية أنه يتعين على الأجهزة التنظيمية أن تراقب وتشرف على المؤسسات المالية الإسلامية من منظور الاقتصاد الكلي والنظام الشامل، وليس من خلال التركيز على مؤسسات فردية، إذا أريدَ للقطاع أن ينمو. ويعنون بذلك منح البنوك الإسلامية فرصة أوسع للمشاركة في الاقتصاد الكلي.
وقال رفعت أحمد عبد الكريم، الأمين العام لمجلس الخدمات المالية الإسلامية في كوالالمبور، متحدثا أمام المؤتمر السادس للخدمات المالية الإسلاميو في سنغافورة، إن الحاجة تدعو إلى استخدام المنهج الرحب لأن القطاع المالي الإسلامي، الذي كان في الماضي سوقاً متخصصة على فئات بعينها، والذي أصبح الآن صناعة تبلغ قيمتها تريليون دولار، بإمكانه أن يتجنب العاصفة المالية التي اجتاحت النظام البنكي التقليدي خلال الأزمة المالية.
يشار إلى أن قطاع التمويل الإسلامي يواجه نغمة متزايدة من المطالبات بالمزيد من الشفافية وإدخال قدر أكبر من التنظيم والإشراف ليحل محل الإطار التنظيمي المبعثر والمتفرق في الوقت الحاضر.
#2#
فالبنوك الإسلامية التي تخضع لإشراف السلطات المختصة في بلدانها، وإذا اختارت تخضع كذلك للمؤسسات المهنية للصناعة، تخضع بالتالي لمزيج مختلط من الأحكام التجارية والشرعية التي تختلف بحسب مناطق الاختصاص.
وقال عبد الكريم إنه يتعين على السلطات التي تشرف على أعمال البنوك الإسلامية أن تستخدم منهجاً أرحب حتى تتجنب الوقوع في أزمة مشابهة للأزمة التي ضربت البنوك التقليدية.
وقال: "نحن لا نرى الصورة التامة. لذلك نحن بحاجة إلى رؤية الجهات المرتبطة بذلك".
يشار إلى أن المجلس هو منظمة تضم الأجهزة التنظيمية للمؤسسات المالية الإسلامية.
وقال مصرفيون إن البنوك الإسلامية بحاجة إلى مجموعة من الأنظمة تختلف عن الأنظمة المستخدمة للإشراف على البنوك التقليدية، على اعتبار أنها تواجه أنواعاً مختلفة من المخاطر، حيث إن المؤسسات الإسلامية تدخل في شراكات ومشاريع مشتركة في عالم الأعمال ولا تقوم بدور الإقراض. وتمكنت البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية من تجنب الآثار الضارة المترتبة على أزمة القروض السكنية لضعاف الملاءة، ويعود ذلك بصورة كبيرة إلى أنها امتنعت عن الاستثمار في الموجودات السامة، على اعتبار أنها كانت مخالفة للأحكام الشرعية.
وقال عبد الكريم في مقابله له مع صحيفة "ذا ستريت تايمز" السنغافورية، إن هذه الحصافة المالية وضعت صناعة التمويل الإسلامي في موقع حسن لدى المستثمرين الراغبين في العثور على ملاذات آمنة.
وأضاف "أظن أن ما أَدركَه الناس هو أن البنوك الإسلامية تعمل من خلال أنموذج يستطيعون دراسته. هذه البنوك لا تعطي بديلاً عن التمويل التقليدي، وإنما تعطي أنموذجاً للمؤسسات المالية يستطيع الآخرون التعلم منه".
وقال: "لكن الذي حدث هو أن الأزمة العالمية أبرزت بصورة واضحة قوة الأساليب الإسلامية في الأعمال المصرفية والتمويل، حيث إن الأحكام الشرعية هي التي تنظم أنموذج الأعمال، والسلوك والممارسات في البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية.

من جانبه، قال أحمد محمد علي، رئيس بنك التنمية الإسلامي إن الأجهزة التنظيمية الدولية تقوم حالياً بمراجعة نقدية وتعديل للأنظمة المالية، فإن المعايير التنظيمية والمحاسبية الإسلامية هي الأخرى بحاجة إلى المراجعة والتعديل. وتابع في كلمته التي ألقاها أمام مؤتمر القمة السادس لمجلس الخدمات المالية الإسلامية، الذي بدأ أعماله البارحة في سنغافورة: "كان الاتجاه العام في الماضي هو التركيز على تنظيم المؤسسات المالية بصفة فردية، دون الانتباه على نحو كاف للمخاطر التي تهدد النظام بأكمله وللتعقيدات الناشئة على مستوى الاقتصاد الكلي". "حيث إن الأحكام الشرعية تتناول جانبي النشاط الاقتصادي، الكلي والجزئي، فإن المعايير التنظيمية لصناعة التمويل الإسلامي بحاجة الآن إلى أن ينطبق عليها هذا المنهج الشامل، وأن تترجَم هذه المبادئ إلى إطار متكامل للاستقرار".
وأكد بنك التنمية الإسلامي أنه يعتزم تأسيس صندوق للبنية الأساسية.
وقال رئيس بنك التنمية الإسلامي البارحة إن البنك سيؤسس صندوقا لمشاريع البنية الأساسية في الدول الأعضاء. وقال أحمد محمد علي لـ "رويترز" على هامش مؤتمر عن التمويل الإسلامي في سنغافورة: أقمنا واحدا وسنقيم الثاني في وقت قريب.
وتابع أحمد في كلمته التي ألقاها في سنغافورة إنه لا يزال هناك طريق طويل أمام الصناعة، رغم أنها أظهرت أن بالإمكان أن تكون أقوى وأكثر استقراراً باستخدام المبادئ المالية الإسلامية.
وأضاف أنه أثناء الأزمة المالية خلال السنوات الثلاث الأخيرة أثبتت صناعة التمويل الإسلامي قدرتها على تقليل تعاملاتها والتزاماتها أمام الموجودات السامة والأدوات الاستثمارية الخطرة. وقال إن الصناعة حققت نمواً كبيراً خلال السنوات الـ 30 من عمرها، ولا تزال بحاجة إلى تعلُّم الكثير من الأنظمة المصرفية والمالية الأخرى.
وقال أحمد، بحسب ما نقلته وكالة بيرناما، إنه يتعين على صناعة التمويل الإسلامي معالجة عدد من القضايا المستقبلية المثيرة للقلق، والتي يمكن أن تؤثر في نموها وفي متانتها وصلابتها في فترة ما بعد الأزمة.
وأضاف أن الصناعة ينبغي عليها أن تقوم بالتنويع وتطرح نطاقاً واسعاً من الخدمات المالية، على اعتبار أنها مركزة بصورة كبيرة في الأعمال المصرفية التجارية، التي تشكل أكثر من 70 في المائة من الموجودات الإسلامية. وأوضح أن هناك حاجة لوجود بنوك استثمارية إسلامية كبيرة، تعطي أنموذجاً مختلفاً من المصرفية الاستثمارية، وأن تكون قادرة على التأثير بصورة إيجابية في النمو الاقتصادي دون التضحية بالاستقرار والقدرة على التحمل والمتانة.
كذلك قال رئيس بنك التنمية الإسلامي إن الصناعة بحاجة إلى عدد من مؤسسات رأس المال المغامر، والمؤسسات المالية الصغيرة والمتوسطة، والمؤسسات التي تعمل في التمويل المتخصص، والإيجار، مضيفاً أنه كلما ازداد التنوع في الصناعة سيكون بمقدورها المحافظة على معدلات النمو.
وطالب صناعة التمويل الإسلامي بأن تنتبه بصورة أكبر إلى خدمات ومنتجات المعرفة، التي تم تجاهلها في الماضي، على اعتبار أن التركيز كان في ذلك الحين على رأس المال والموجودات.
وقال إن الرؤية الموجودة لدى مجموعة بنك التنمية الإسلامي حتى عام 2020 م هي أن تصبح المجموعة هيئة قائمة على المعرفة، والتي يتم فيها التركيز على البعد المعرفي في خدماتها الجديدة.
وفقاً لأحمد فإن الصناعة المالية الإسلامية ينبغي أن تتخذ خطوات تهدف إلى تطوير أدوات ومنتجات استثمارية جديدة من شأنها خلق وتحسين الكفاءة. وقال إن هناك حاجة متزايدة لاستخدام منهج معياري موحد نحو تطوير المنتجات المالية الشرعية على نحو يخدم الحاجات الحالية والمستقبلية لصناعة ديناميكية تنافسية وقابلة للاستدامة.
ويرى مراقبون أن صناعة الخدمات المالية الإسلامية، التي خرجت وهي تتمتع بالصلابة من بين براثن الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، بحاجة إلى أن يتم تحسينها على نحو أقوى من ذي قبل إذا أرادت أن تكون لاعباً كبيراً في الأسواق المالية العالمية.
وأصبحت البنوك الإسلامية علامة مميزة للواقع الاقتصادي الإسلامي المعاصر وقد جمعت تجربتها الغريبة - منذ بدايتها – ولا تزال بين النظرية والتطبيق في آن واحد، فالتطبيق جاء بسرعة قبل أن يأخذ التنظير مداه من حيث إيجاد الأوعية الشرعية لحركة المصارف الإسلامية ومعاملاتها.
وفى ظل الممارسة العلمية، ووسط مؤسسات اقتصادية وبنوك تتعامل بالربا، تظهر باستمرار تحديات جديدة وكبيرة أمام أولئك الذين يحاولون إحياء نهج الإسلام وإعادة بنائه ليحكم الحياة العملية وذلك بإنشاء نظام مصرفي على نحو تؤدى فيه وظائفه العادية – التي لا غنى عنها للاقتصاد الحديث المتقدم – ولكن على أساس المبادئ الإسلامية ودون اللجوء إلى الربا أو ما يسمى الفائدة.
والأهداف الأساسية التي من أجلها قامت البنوك الإسلامية يمكن تحديدها في الآتي: تطبيق الشريعة الإسلامية في مجال المعاملات الاقتصادية وتحقيق هذا الهدف هو أحد الأهداف الأساسية التي قامت من أجلها البنوك الإسلامية، المساهمة في التنمية الاقتصادية للمجتمعات الإسلامية عن طريق دفع عجلة التنمية الاقتصادية في مجتمعاتنا، يعد أمراً أساسياً بلا شك خاصة أن البنوك الإسلامية تعد نفسها جزءاً من هذه المجتمعات، وترى أن عليها واجباً في المساهمة في تنميتها ودفع عجلة التقدم فيها.
كذلك المساهمة في التنمية الاجتماعية في المجتمعات الإسلامية، ومن النظرة الشاملة للمجتمع التي تبناها الإسلام تحتم على البنك الإسلامي ألا ينصرف إلى الأنشطة الاقتصادية فقط، دون محاولة المساهمة في تقديم بعض الخدمات للمجتمع للتخفيف من معاناة أفراده وحل بعض مشاكلهم.

الأكثر قراءة