المجتمعات تتحرر من قيود كوفيد .. هل باتت نهاية أوميكرون وشيكة؟
انضمت إنجلترا إلى الدنمارك في خطط رفع قيود فيروس كورونا المتبقية. قال كبير المستشارين الطبيين لجو بايدن إن المرحلة "المتقدمة" من الأزمة قد انتهت تقريبا، وكشفت أكبر مجموعة لقضاء العطلات في أوروبا أن الحجوزات عادت إلى المستويات التي شوهدت آخر مرة قبل الجائحة.
أوضحت سلسلة الإعلانات من جميع أنحاء أوروبا وأمريكا الشمالية الأسبوع الماضي الآمال في أن أسوأ موجة من المتحور أوميكرون قد مرت، ما سمح لخبراء الصحة بالتكهن بما إذا كانت العودة إلى الحياة الطبيعية ممكنة.
قال ديفيد هيمان، أستاذ علم الأوبئة والأمراض المعدية في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي: "لا توجد معايير حقيقية لنهاية الجائحة - لكن من المحتمل أن تبدو شيئا مثل ذلك".
يتفق علي مقداد، أستاذ الصحة العالمية في جامعة واشنطن، على أن "الناس يمضون قدما في حياتهم". يضيف: "السؤال ليس هل سترفع البلدان جميع القيود، بل متى؟".
التباعد الاجتماعي والعزلة الذاتية وارتداء الكمامة وإجراء الفحوص وتتبع المخالطين شكلت أساسا للتدابير التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية منذ الأيام الأولى للجائحة.
لكن بعد مرور عامين، مع انحسار أوميكرون، تسير التحركات على قدم وساق لإلغاء التدابير الأساسية، حيث تعتمد مجموعة من الحكومات على مستويات عالية من المناعة السكانية والتغطية الواسعة باللقاحات للحد من الضغط على المستشفيات.
بموجب خطط حكومة المملكة المتحدة، ستنتهي جميع تشريعات الفيروس بحلول أواخر شباط (فبراير)، بما في ذلك إزالة الشرط القانوني للعزل الذاتي بعد نتيجة فحص إيجابية لكوفيد - 19.
ألغت السويد والنرويج معظم القيود، بينما تحركت إيطاليا وإسبانيا للتخلي عن أوامر ارتداء الكمامات في الأماكن المفتوحة. قالت سويسرا إنها قد تتوقف عن استخدام جوازات السفر الصحية للقاحات في وقت مبكر من الأسبوع المقبل بعد أن تخلت عن قواعد تتبع المخالطين والعمل من المنزل.
في الولايات المتحدة، قال أنتوني فوتشي، الخبير البارز في كوفيد - 19 في البيت الأبيض، هذا الأسبوع لـ "فاينانشيال تايمز" إن البلاد تخرج من "مرحلة الجائحة المتقدمة" لكوفيد - 19، في الوقت الذي ألغت فيه الولايات الأمريكية الكبرى، بما في ذلك نيويورك وكاليفورنيا، القوانين التي تتطلب ارتداء الكمامة في الأماكن العامة المغلقة.
في علامة أخرى على عودة الثقة، قالت أكبر شركة طيران في أوروبا، "توي"، إن تخفيف متطلبات اختبارات السفر دفع الحجوزات الصيفية إلى مستويات ما قبل الجائحة. بحلول 30 كانون الثاني (يناير)، حجز 3.5 مليون عميل رحلات جوية لفصل الصيف - نحو ثلاثة أرباع مستويات 2019.
بالنسبة إلى هيمان، تقدم تغييرات القواعد دليلا إضافيا على أن البلدان تتحول من "نهج تشريعي نزولي" إلى "برنامج مكافحة الأمراض المتوطنة"، مشابه لذلك المستخدم في مكافحة الإنفلونزا الموسمية.
من جانبه، قال مقداد إن الأمر "يعود حقا إلى مدى الجرأة التي تريد الحكومات الوصول إليها"، مضيفا: "نحن في مرحلة الجائحة حيث يزن الناس بشكل متزايد مخاطرهم الشخصية، بدلا من إخبارهم بما يجب عليهم فعله".
تتراجع أرقام الحالات في جميع أنحاء أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية، منخفضة 73 في المائة عن ذروة أوميكرون في الولايات المتحدة، و60 في المائة في إنجلترا وإسبانيا وبلجيكا. حتى في البلدان التي كانت الطفرة فيها قوية بشكل خاص أو طويلة، الوضع تغير، حيث انخفضت المعدلات في الدنمارك والنرويج والسويد وهولندا.
الأهم من ذلك، على الرغم من ارتفاع الحالات عن الأرقام القياسية السابقة هذا الشتاء، إلا أن علامات المرض الشديد لم تحذو حذوها. في الدنمارك والنرويج، حيث ارتفعت معدلات الحالات 12 و20 ضعفا عما قبل ذروة أوميكرون، وصل عدد مرضى كوفيد في وحدات العناية المركزة إلى 23 في المائة فقط من ذروة الشتاء الماضي.
كانت الدنمارك هي التي اتخذت الخطوة المبكرة نحو رفع جميع القيود، عندما قالت في بداية الشهر إنها ستتوقف عن معاملة كوفيد - 19 على أنه مرض "خطير اجتماعيا".
كان هذا يعني إلغاء تشريعات الصحة العامة الطارئة وإزالة جميع القيود باستثناء متطلبات الفحص للزوار الأجانب. تم اتخاذ القرار على الرغم من معدلات الإصابة القياسية في الدنمارك، مدفوعة بالسلالة الشقيقة الأكثر عدوى من أوميكرون، بي إيه. 2.
قالت كاميلا هولتن مولر، رئيسة فريق خبراء النمذجة الرياضية في هيئة الصحة العامة في الدنمارك: "لا نرى مدى شدة المرض نفسها، مثل الموجات السابقة، ولا نرى وحدات العناية المركزة لدينا مليئة بالمرضى المصابين بالمتحور أوميكرون".
تابعت قائلة: "عندما يكون خطر الوباء منخفضا حقا، تدرك الحكومة أن من المهم التحرر ومحاولة إعادة الحياة إلى طبيعتها من خلال تخفيف هذا التشريع". لكنها اعترفت بأن الأمر سيستغرق "بعض الوقت" قبل أن تعود الدنمارك "بكل قوة".
يأتي تخفيف الدنمارك على خلفية انخفاض مستويات القلق العام بشأن كوفيد، وفقا لبيانات استطلاع أجرته شركة يوجوف. لطالما كان الدنماركيون أقل الناس احتمالا في أوروبا لأن يقولوا إنهم يرتدون الكمامة دائما في الأماكن العامة، ومن بين الأشخاص الأقل احتمالا لأن يقولوا إنهم يتجنبون التجمعات الكبيرة أو المزدحمة في الأماكن المغلقة.
تظهر البيانات أيضا أن الإنجليز يختارون بشكل متزايد العيش مع كوفيد: انخفضت معدلات ارتداء الكمامة في الأسابيع الأخيرة لتتعادل مع معدلات الدنماركيين باعتبارها الأدنى، وأصبح الإنجليز الآن أكثر راحة من أي جنسية أخرى للتواصل الاجتماعي في مجموعات كبيرة.
ليس الجميع مقتنعا بأن إنهاء القيود هو الحل، مع استمرار البلدان بما في ذلك الصين في اتباع سياسة صفر كوفيد.
قال كيفن شولمان، أستاذ الطب في جامعة ستانفورد، إن إزالة القيود يجب أن تأتي مع إخلاء مسؤولية مفادها أن "العالم لم يخرج من الخطر بعد". أضاف: "فكرة أننا انتهينا من (الفيروس) ليست الرسالة الصحيحة. لقد ضحينا بالكثير (...) والآن نحن بحاجة إلى العمل للحفاظ على تلك المكاسب. هذه هي الطريقة التي يجب أن نفكر بها".
على الرغم من التغييرات التي تم إجراؤها الأسبوع الماضي، يتفق الخبراء على أنه بسبب التهديد المستمر للمتحورات الجديدة، لا يمكن للحكومات أن تكون حاسمة أبدا بأنه لن تكون هناك حاجة إلى تدابير جديدة مرة أخرى.
قال مارك وولهاوس، أستاذ علم الأوبئة والأمراض المعدية في جامعة إدنبرة: "سيطرح سؤال حول ما إذا كان يتعين علينا إعادة فرض القيود. لأنني متأكد قدر الإمكان من أنه ستكون هناك متحورات أخرى".
أضاف تيم سبيكتور، أستاذ علم الأوبئة الجينية في جامعة كينجز كوليدج لندن: "قد تكون هذه المرة الأخيرة التي نضع فيها قيودا قانونية لكن هذا لا يعني نهاية الجائحة. الفيروس يسبقنا بخطوة في كل مرة (...) لا يمكننا تجاهل ذلك. ستكون حماقة".