الموانئ البريطانية .. فوضى وأزمة أخرى لسلاسل الإمداد

الموانئ البريطانية .. فوضى وأزمة أخرى لسلاسل الإمداد
متظاهرون في دوفر بعد يوم من قيام شركة "بي آند أو" بإنهاء خدمات مئات الموظفين. "كينت أونلاين"

في وقت متأخر من صباح الخميس، تجمهر البحارة وطاقم شركة بي آند أو حول الشاشات على متن سفنهم ليتم إخبارهم في رسالة فيديو قصيرة بأنهم سيفقدون وظائفهم.
اعتذر مسؤول تنفيذي يرتدي بزة عن طريقة إلقائه "المتكلفة إلى حد ما" حيث قرأ بعناية رسالة مكتوبة لتبليغ 800 عامل أن عامين متتاليين من الخسائر الفادحة لم تترك للإدارة خيارا سوى استبدال طاقمها البريطاني على الفور بموظفي وكالة بعقود أرخص.
قال المسؤول التنفيذي، وفقا لنسخة من الفيديو اطلعت عليها "فاينانشيال تايمز"، "يؤسفني إبلاغكم أنه تم إنهاء عملكم بأثر فوري (...) يومكم الأخير في العمل هو اليوم".
تم وعد الموظفين الذين أنهيت خدماتهم بتقديم مدفوعات "معززة" إذا وقعوا و"امتثلوا بالكامل" لاتفاقات تسوية إنهاء العمل في غضون أسبوعين، وتم تقديم المشورة لهم. انتهت الرسالة في غضون خمس دقائق.
القرار القاسي أعاد ذكرى أسوأ لحظات الصراع الصناعي في الثمانينيات من القرن الماضي، وواجه على الفور انتقادات من سياسيين ورؤساء نقابات. سرعان ما تردد صدى هذا الخبر في جميع الموانئ في المملكة المتحدة وأيرلندا وأوروبا القارية، حينما أنهت "بي آند أو" خدمات جميع الموظفين دون إشعار.
تعمل المجموعة على طريق دوفر إلى كاليه، أحد أكثر المعابر البحرية ازدحاما في العالم، فضلا عن الروابط بين غرب اسكتلندا وأيرلندا الشمالية وليفربول ودبلن وهال وروتردام.
وصل سائقو السيارات وسائقو الشاحنات إلى مكان يعم بالفوضى، حيث نصحت النقابات موظفي العبارات برفض مغادرة سفن بي آند أو وشوهدت شركات أمنية خاصة في بعض الأرصفة.
قال الاتحاد الوطني لعمال السكك الحديدية والبحرية والنقل RMT إن أفراد الأمن كان بحوزتهم أصفاد صعدوا على متن السفن لإخلاء أفراد الطاقم، ودعا إلى احتجاجات حاشدة ضد الشركة. قالت ديانا جونسون، نائبة حزب العمال، إن أفراد الأمن كانوا يرتدون أقنعة وجه أثناء إخراج العمال البريطانيين من السفن. قالت في مجلس العموم، "هذا أمر مخز".
قال ميك لينش، رئيس الاتحاد الوطني لعمال السكك الحديدية والبحرية والنقل، إن الأحداث التي جرت في الأرصفة كانت "واحدة من أكثر الأعمال المخزية في تاريخ العلاقات الصناعية البريطانية".
بحلول وقت مبكر من بعد الظهر، أعلنت "بي آند أو فيريز" أنها لن تكون قادرة على تشغيل الخدمات "لبضعة أيام" أثناء تدريب طاقم جديد، ما أدى إلى اضطراب الممرات البحرية المهمة. حذرت حكومة المملكة المتحدة من حالات تأخير تصل إلى عشرة أيام.
تشير تقديرات شركات وساطة الشحن واستشاريون إلى أن "بي آند أو" تمثل 30- 50 في المائة من سوق العبارات عبر القنوات إلى فرنسا.
قال جاري ليونز، مالك شركة ليون يوروبيان للنقل، إن موجة إنهاء الخدمات ستؤدي إلى "إثارة فوضى في القناة الإنجليزية".
قال آلان ويليامز، أحد سائقي ليون الذي كان من المقرر أن يستقل عبارة "بي آند أو" في الساعة 12:40 إلى كاليه، إن الاضطراب أدى بالفعل إلى إنشاء أربعة أميال من الاختناق المروري على الطريق السريع A20 خارج دوفر.
بعد أن حذرته أخته من إقالات "بي آند أو"، كان قادرا على أن يستقل عبارة "دي أف دي إس" DFDS إلى دونكيرك، التي ستزيد مدة الرحلة ثلاث إلى أربع ساعات.
البعض الآخر سيكون حاله أسوأ. "لو بقيت في صف الانتظار، لكنت بقيت عالقا هناك لمدة أربع ساعات (...) ستكون الفوضى أكبر مع مضي اليوم. لن يكون هناك سوى تكدس مروري أكبر".
وصف بيتر ويلسون، المدير الإداري لوكالة كوري براذرز للشحن، الوضع بأنه "مجرد أزمة أخرى لسلاسل الإمداد البريطانية".
على بعد 75 ميلا من دوفر، في وستمنستر، أصيب الوزراء بالذهول من الإقالات المفاجئة، وقال روبرت كورتس، وزير النقل، للبرلمان إن الطريقة التي تعاملت بها شركة بي آند أو مع الوضع "غير مقبولة تماما".
قالت المحاكم إنه أجرى مكالمة مع بيتر هبليثويت، الرئيس التنفيذي لشركة بي آند أو، الخميس أخبره فيه أنه "قلق للغاية، وغاضب" بشأن الطريقة التي عامل بها الموظفين.
قال كورتس، "ليس ما نتوقعه أن يقال لك هذا على شاشة التلفزيون وليس وجها لوجه. بل أن يعامل الناس بكرامة واحترام".
عمليات الإقالة الجماعية تمثل ذروة الاضطرابات التي استمرت عامين في "بي آند أو فيريز"، التي اشترتها موانئ دبي العالمية ومقرها دبي في 2019 لكنها مملوكة لشركات مرتبطة بحكومة دبي منذ نحو 20 عاما.
قالت "بي آند أو فيريز" الخميس إنها خسرت 100 مليون جنيه استرليني في كل من 2020 و2021، ولم تكن حاليا "شركة قابلة للعيش". حصلت الشركة على تمويل حكومي طارئ لمساعدتها على استمرار عمليات الشحن في ربيع 2020، مع انتشار جائحة كوفيد.
في 2019، سجلت الشركة سفنها البريطانية تحت علم قبرص قبل بريكست، ما أثار قلق النقابات بأنها خطوة نحو تقديم نموذج توظيف منخفض التكلفة.
منذ نحو عامين بالضبط، تلقى موظفو "بي آند أو" رسالة فيديو مختلفة تماما من جانيت بيل، الرئيسة التنفيذية آنذاك، تقول فيها إنهم سيتعين عليهم مواصلة العمل مع انتشار الجائحة في بريطانيا وأوروبا لأن الشركة مثلت "جزءا حيويا من البنية التحتية للنقل في أوروبا". تركت بيل وخليفتها الشركة منذ ذلك الحين.
قال نيل تود، الشريك في شركة تومبسونز سوليسترز للمحاماة، التي تقدم المشورة للاتحاد الوطني لعمال السكك الحديدية والبحرية والنقل، إن تصرفات "بي آند أو" كانت بمنزلة "تجاهل صادم لقانون العمل الأساس".
"ينص القانون على أنه إذا قمت بفصل أكثر من 20 موظفا، تجب عليك استشارتهم".
قال كيفين روان، رئيس التنظيم في مؤتمر نقابات العمال، إن الإجراء الذي اتخذته "بي آند أو" أثار تساؤلات حول ما إذا كانت الشركة تنتهك قواعد السلامة البحرية، إضافة إلى قانون العمل، نظرا إلى أن فترة التسليم المعقولة كانت مطلوبة عند تغيير الطاقم.
مع تزايد المخاوف، كانت الحكومة تتعرض بالفعل لضغوط لتجنب أزمة كبيرة.
في بيان لمجلس العموم، قالت لويز هاي، وزيرة النقل في حكومة الظل من حزب العمال، إن الإجراء الذي اتخذته شركة بي آند أو كان "فضيحة وطنية. إنها خيانة للعمال الذين أبقوا هذا البلد ذا مخزون وافر طوال الجائحة". أضافت، "هذا هجوم مباشر على الملاحة البحرية البريطانية. لا يمكننا السماح بذلك."

الأكثر قراءة