التضخم الانكماشي .. السعر نفسه مقابل كمية أقل
التضخم موجود في كل مكان. نقص العمالة واختناقات سلاسل التوريد والطلب المتزايد في فترة ما بعد الجائحة أمور أدت إلى ارتفاع التكاليف. والآن تقلص الحرب الروسية الأوكرانية إمدادات الغذاء والطاقة.
بدت بعض الشركات الكبرى سعيدة بتحويل الضغط إلى عملائها، تفاخرت شركة بروكتر آند جامبل وشركة يونيلفر بأن ارتفاعات الأسعار قد عززت الإيرادات في العام الماضي حيث أعلنت خططا للمزيد.
لكن أحيانا تفضل الشركات المصنعة أن تكون مخادعة - أو تخشى هروب العملاء. تحتوي أكياس "دوريتوس" اليوم على رقائق أقل من البطاطس المقلية. تعد "يونيلفير" من بين الشركات التي تمارس "التضخم الانكماشي"، انخفض وزن علب "دوف" لغسول الجسم أخيرا من 24 إلى 22 أونصة في الولايات المتحدة، لكن لا يزال من الممكن أن تباع بالسعر نفسه.
زاد ذكر تغير أحجام المنتجات في مكالمات الأرباح في نهاية العام الماضي، وفقا لشركة سينتيو للتحليلات. قالت نويل أومارا من شركة تيسون فوودز، إشارة إلى ذلك، "التسعير هو أداة من مجموعة أدواتنا (...) أصبح تصميم حزمة الأسعار أيضا أمرا بالغ الأهمية في هذه الأوقات التضخمية".
لا يقتصر التضخم الانكماشي على المنتجات المعبأة. يتعرض مقدمو الخدمات والضيافة، مثل الفنادق والمطاعم والمتنزهات الترفيهية، لمزيد من الضغط حتى لإيجاد طرق إبداعية للحفاظ على هوامشهم. تأثرت المبيعات وطلب المستهلكون على منتجاتهم بشدة بسبب عمليات إغلاق كوفيد. الإيرادات آخذة بالانتعاش، مدعومة بارتفاع الأسعار على نطاق واسع، لكن هذه الشركات لا يمكنها تحمل تنفير زوارها.
تظهر البيانات من شركة أوبن تيبل أن أرقام زيارات المطاعم العالمية - بما فيها الزيارات دون حجز مسبق - قد تعافت للتو إلى مستويات ما قبل الجائحة بعد موجة أوميكرون الأخيرة. أما وضع الفنادق فكان أسوأ. انخفضت الأسعار العالمية للغرف أكثر من 25 في المائة خلال الجائحة، لذلك كان المشغلون يشقون طريقهم للخروج من فجوة كبيرة حتى قبل أن تبدأ التكاليف بالارتفاع.
تتجه هذه الشركات الآن إلى طرق مبتكرة لتحويل التكاليف أو تعزيز الأرباح خلافا لذلك. قد يعني ذلك تقديم كميات أو خدمات أقل بالسعر نفسه أو إضافة رسوم جديدة. جعل كل من فندق هيلتون وفندق ماريوت خدمات تنظيف الغرف "اختيارية" في معظم الفنادق، ما يعني أن الضيوف لا يحصلون عليها إلا إذا طلبوا ذلك. أمضيت أخيرا أربع ليال في فندق بيست ويسترن وأخبروني أنه لن يكون هناك خدمة تنظيف الغرف على الإطلاق أثناء إقامتي. أغلقت معظم بوفيهات الإفطار في الفنادق أبوابها أثناء الجائحة، وكان كثير من السلاسل بطيئة في إعادة فتحها وتحمل التكاليف الإضافية. أيضا توقفت شركة والت ديزني وورلد العام الماضي عن تقديم خدمة تخطي صفوف الانتظار المجانية وتتقاضى الآن رسوما عليها.
في المطاعم، في الأغلب ما تدور استراتيجيات تحويل التكلفة حول تعديل قوائم الطعام لتجنب ارتفاع الأسعار بشكل مباشر. قد يعيد الطهاة صياغة طبق ما لإزالة المكونات باهظة الثمن أو إعطاء الطبق اسما وسعرا جديدين. المقبلات التي كانت تقدم في يوم من الأيام مع طبقيين جانبين من الخضار الآن تحتوي على طبق جانبي واحد فقط. كما تساعد قوائم الطعام عبر الإنترنت وتطبيقات الطلبات والدفع على خفض تكاليف أجور الموظفين، بينما تسمح قوائم الطعام الأقصر للمطاعم بطلب مكونات أقل وتقليل هدر الغذاء والاستفادة من خصومات الشراء بكميات كبيرة. بطريقة مخادعة أكثر، تستغل بعض المؤسسات مفهوم "إخفاء الطبق"، حسبما يقول مستشار المطاعم بيتر باكمان، باستخدام صلصات لتزين الطبق ولحوم مقطعة بشكل مائل لجعل الأجزاء تبدو أكثر سخاء.
تدابير التوفير واضحة. كان كوفيد في البداية عذرا مقبولا للخدمة المنخفضة والرفوف الفارغة، لكن الصبر بدأ ينفد. انخفض رضا العملاء في الولايات المتحدة منذ 2018 إلى أدنى مستوى له منذ 2005.
عدم الرضا هذا يجعل الشركات تتدافع لبيع هذه التغيرات في المنتجات والخدمات باعتبارها شيئا أكثر فائدة. أصرت مالكة شركة كادبوري "مونديليز" على أن تقليص حجم ألواح شوكولاتة ويسبا في عبواتها المتعددة كان جزءا من "استراتيجية نشطة للمساعدة على معالجة السمنة". قالت شركة جاتوراد المملوكة شركة بيبسيكو إن تقليص حجم زجاجات المشروبات الرياضية 14 في المائة كان جزءا من إعادة تصميمها لجعلها "انسيابية الشكل أكثر" و"لإمساكها بشكل أسهل". يروج فندق حياة "إلى جانب معظم سلاسل الفنادق الأخرى" للجهود المبذولة للتخلص من المنظفات الشخصية المعبأة في زجاجات صغيرة وتشجيع إعادة استخدام المناشف كجزء من جهودها لخفض انبعاثات الكربون. يبدو أن جميع الادعاءات الثلاثة صحيحة، لكن المنطق يفرض ارتباط توفير ما تكلفه هذه الأمور بذلك.
يقوم تطبيق توصيل الطعام جست إيت بتجربة طريقة أقل هزلية لتقليص الكميات والحفاظ على هوامش المطاعم الشريكة. يوفر برنامجه "إهدار أقل" للعملاء خيار طلب بطاطس مقلية صغيرة الحجم إذا لم يكونوا بحاجة إلى الحجم عادي. بهذه الطريقة يحصلون على كمية أقل لأنهم اختاروا ذلك، وليس لأن البائع يريد ذلك.