هيئة المحاسبة تحت وابل الانتقاد بعد فشلها في "إدارة الإعلام" وتدميرها "اليقين الشرعي" بهياكل السندات

هيئة المحاسبة تحت وابل الانتقاد بعد فشلها في "إدارة الإعلام" وتدميرها "اليقين الشرعي" بهياكل السندات
هيئة المحاسبة تحت وابل الانتقاد بعد فشلها في "إدارة الإعلام" وتدميرها "اليقين الشرعي" بهياكل السندات

بالرغم من مضي 15 شهرا على إصدار الإرشادات الجديدة للصكوك من قبل هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، إلا أن تبعاتها لا تزال الحدث الطاغي على مؤتمرات المال الإسلامية كافة.

لام بعض العاملين في صناعة المال الإسلامية هيئة المحاسبة بعد فشلها الواضح في عدم "إدارة الإعلام" كما ينبغي، الأمر الذي أسهم في خلق الالتباس في سوق الصكوك العالمية وخروج بعض اللاعبين منه، فضلا عن تدمير اليقين الشرعي بهياكل تلك السندات. ودافعت هيئة المحاسبة عن انتقادات عدم قدرتها على إدارة "الخبر السلبي" في السوق بأن مسألة "إدارة الإعلام" هي أصعب بكثير من عملها المعتاد وهو وضع المعايير المحاسبية والإرشادات.
وتأتي تلك الانتقادات على خلفية فقدان سوق الصكوك العالمية ما يصل إلى نحو 31 مليار دولار كمبيعات كان منتظرا تحققها في السنة الماضية لولا أزمة الائتمان العالمية، والجدل الشرعي الذي أحدثته تصريحات محمد تقي عثماني، رئيس المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة. حيث بلغ إجمالي مبيعات السندات الإسلامية الجديدة 15.77 مليار دولار في العام الماضي مقابل 46.65 مليار في عام 2007، وفقاً لما أفادت به خدمة معلومات التمويل الإسلامي IFIS التي تتابع البيانات الخاصة بصناعة التمويل الإسلامي.
#2#
ملابسات أزمة الصكوك
وأسهم الكساد الذي أصاب سوق الصكوك الخليجية في جعلها الحدث الأبرز في "قمة يوروموني الآسيوية للمالية الإسلامية" التي عقدت في كوالالمبور أخيرا. واستغل المنظمون وجود محمد الشعار، الأمين العام لهيئة المحاسبة، أن طلبوا منه أن يكشف ملابسات أزمة الصكوك.
وعاد الشعار بذاكرته للوراء ليروي للحضور اللحظات التي بدت "عادية" ولكنها تحولت إلى "استثنائية" بعدما اتصل عليه محمد عباس، مراسل "رويترز"، ليأخذ رأيه في بيان حصل عليه من أحد أبرز الفقهاء تأثيرا على مستوى العالم. وكان الشعار يحاول أن يبين للحضور مدى الإثارة الإعلامية التي ارتكبها بحقه مراسل "رويترز" الذي يعمل حاليا في العراق.

فقبيل دقائق من صياغة "رويترز" الخبر الذي أسهم في إشعال فتيل أزمة الصكوك، اتصل عليه مراسل "رويترز" ليقرأ عليه بيان الشيخ عثماني. يقول الشعار: لقد قال لي إن نحو 85 في المائة من السندات الإسلامية التي "لا تنتمي إليها صكوك الإجارة" كانت مخالفة لمبادئ الشريعة. بعدها ألمح الشعار إلى كيف قام مراسل "رويترز" بإخراج التصريح من سياقه الأصلي ليتعمد إدراج جميع أنواع الصكوك في دائرة الصكوك المحرمة التي قصدها عثماني، بالرغم من أن الفقيه الباكستاني قصد فقط صكوك الوكالة في الاستثمار وصكوك المضاربة والمشاركة. يقول الشعار حول ذلك: "خرج تقرير "رويترز" كما يلي: "85 في المائة من الصكوك كانت غير متطابقة مع الشريعة".
بعد هذا اللغط الإعلامي، وجد الشعار نفسه في بؤرة الاهتمام والانتقاد عندما نقل عنه مراسل وكالة رويترز جاسن بينهام اتهاما أن الشيخ تقي، كما يفضل الشعار منادته، قد أسهم في "جلب الدمار" لسوق الصكوك بعدما هبطت قيمة الإصدارات إلى 14 مليار دولار. إلا أن الشعار عاد وبين للحضور أنه لم يصرح بذلك على الإطلاق وأنه أحد تلاميذ الشيخ تقي ولن يكون أبدا في صراع معه. وزاد أن تصريحات عثماني كانت عبارة عن "صيحة إنقاذ للسوق بأكملها. فقد جعلت الناس يعلمون حقيقة الصكوك وطبيعتها".

خروج اللاعبين
وعن ردة فعل المشاركين الغربيين في سوق الصكوك العالمية بعدما خرجت هيئة المحاسبة بتصويباتها الجديدة حول الصكوك، يقول كودير لاطيف، من كليفورد تشانس للمحاماة، "قام عديد من اللاعبين بالخروج من سوق الصكوك ظناً منهم أن هيئة المحاسبة وفقهاءها قد غيروا موقفهم من هياكل الصكوك وكان ذلك غير صحيح. لقد اكتشفنا أن بعض المشاركين لم يفهموا المنطق الشرعي من التحفظات على صكوك المضاربة والمشاركة. لقد كان ذلك مشكله تثقيفية في حد ذاتها".

مناوشات بين قطبين
وكان بادليسياه عبد الغني، الرئيس التنفيذي لبنك CIMB الإسلامي الماليزي، حاضرا في الجلسة الخاصة عن الصكوك. وهنا، فضل الشعار استشفاف مرئيات عبد الغني حول سوق الصكوك الثانوية بين الخليج وماليزيا. إلا أن المصرفي الماليزي تجاهل سؤال الشعار بعد أن شكره عليه، وفضل التحدث عن أهمية وجود عامل اليقين الشرعي في هياكل الصكوك ولا سيما بعدما تفشت صكوك الريبة في السوق قبيل بيان عثماني.
حيث قال "ما نحتاج إليه في السوق هو عامل اليقين لكي نتمكن من إبرام الصفقات التجارية. وجهة تنظيمية مثل هيئة المحاسبة تلعب دورا معينا في مساعدة السوق للحصول على عامل اليقين الشرعي فيه".
بعدها ألمح عبد الغني إلى أن هيئة المحاسبة "أخفقت بشكل تام" في إدارة الإعلام، بقوله" ولكن عندما حصل هذا الإخفاق العام، إذا سمحتم لي أن استخدم هذه الكلمة، وأنا أقصد بذلك عندما قامت وسائل الإعلام بنقل تقارير الصكوك بالطريقة التي نقلوها، فقد أسهم كل ذلك في تدمير اليقين (الشرعي) في سوق الصكوك لفترة من الوقت. حيث أحجم اللاعبون عن إبرام الصفقات التجارية الخاصة بالسندات الإسلامية". وتابع "وعليه فنحن ننظر بالحياد تجاه إرشادات هيئة المحاسبة الجديدة، ولكن يوجد لدينا مشكلة مع هذه الإرشادات عندما قامت بزعزعة اليقن (الشرعي) في السوق".
بعدها رد عليه الشعار وهو يشعر بالتضايق بقوله، إن مسألة "إدارة الإعلام" هي أصعب بكثير من عملنا المعتاد وهو وضع المعايير والإرشادات. بعدها خرج الشعار عن التقاليد المعتادة في مثل هذه المناسبات عندما قال "إن إدارة هيئة المحاسبة أسهل من إدارة الإعلام وأنا أعرف أن بعض الإعلاميين الموجودين معنا لن يرقهم ما قلته ولكن تعودنا منهم أن ينتقدونا بقساوة".
و ألمح لـ "الاقتصادية" مشاركون في قمة Euromoney أن سبب امتعاض عبد الغني يرجع لكون ماليزيا، أكبر سوق للصكوك في العالم، قد تأثر سوقها هي الأخرى بقرارات هيئة المحاسبة بالرغم من أنها لا تتبع تشريعات ومعايير هيئة المحاسبة كما تفعل دول الخليج.
واختتم عبد الغني جلسته بأن قال "أعتقد أن الدرس الذي تعلمناه من حادثة الماضي (يقصد أزمة الصكوك) هو أننا في حاجة إلى إدارة الاتصالات المتعلقة بأمور الشريعة بشكل أفضل من دون أن نقوم بنثر بذور الارتباك في هذه الصناعة.

اليقين الشرعي المصطنع
وعلى هامش قمة يوروموني، أوضح لـ "الاقتصادية" عبد الغني أنهم لا يريدون رؤية "تلك الأحداث المفجعة (من التصريحات في السوق) التي تجلب معها عدم اليقين (الشرعي) المصطنع"، وواصل "أنا لا ألوم هيئة المحاسبة في خلق هذا الارتباك في السوق، فقد كانوا يدلون ببيان ما، ثم قام الإعلام، بحسب ما يقولون، بأخذ هذا البيان وأساءت نقله للعامة. وأسهم كل ذلك في خلق الارتباك في السوق، ولكنني مع هذا لا أستطيع أن أقول إنهم لا يتحملون اللائمة بنسبة 100 في المائة، نظرا لأنهم قد توافرت لهم الفرصة في حينها لإدارة اتصالاتهم مع الإعلام. ونأمل لهم عندما يكشفون عن إعلانات جديدة أن يديروا اتصالاتهم بشكل أفضل في المستقبل".
من ناحية أخرى، وصف مصدر لـ "الاقتصادية" أن الانتقاد الجريء لهيئة المحاسبة من عبد الغني كان "في محله", وأبان المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن الصحف العالمية أبدت سعادتها وهي تتفنن في نقل أن 85 في المائة من الصكوك كانت غير متطابقة مع الشريعة".
في حين ذكر ظافر القحطاني، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لشركة دراهم كابيتال، أن هيئة المحاسبة "ليس عندها خبرة في إدارة الخبر السلبي في السوق". بينما قال محيي الدين قرنفل، العضو المنتدب في شركة الجبرا كابيتال إنه كان "يجب على هيئة المحاسبة أن تبدي اهتماما بإيجاد مركز إعلامي فيها (يقصد إبان أزمة الصكوك).
من جهة أخرى، امتنع جاسون كوليز، رئيس إدارة التسويق لـ "يوروموني" في منطقة آسيا الباسفيكي، امتنع عن تأكيد أو نفي أن سبب غياب الشعار عن إلقاء الكلمة الختامية للقمة يرجع لكونه شعر بالتضايق من الانتقاد العلني الذي وجهه إليه عبد الغني. وفضل جاسون تبرير غياب الشعار باحتمالية "عقده اجتماعا ما" بالرغم من أن مثل هذه المؤتمرات الدولية يتم جدولتها بشكل مبكر.

الأكثر قراءة