حوكمة الشركات تدعم الاقتصاد الوطني .. والمراجعة الداخلية تحقق الأهداف

حوكمة الشركات تدعم الاقتصاد الوطني .. والمراجعة الداخلية تحقق الأهداف

تستضيف جامعة الأمير سلطان بالتعاون مع "برايس ووترهاوس كوبرز الجريد"، وشركة الحميد والنمر للاستشارات، غدا ملتقى مهنيا بعنوان "المراجعة الداخلية وحوكمة الشركـات" في مقر الجامعة، وذلك برعاية الأمير عبد العزيز بن محمد بن عياف أمين منطقة الرياض ورئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان.
ويشارك في الملتقى عدد من أبرز المختصين حيث سيتحدث هاري أولدرايف الشريك في شركة برايس ووتر هاوس كوبرز (المملكة المتحدة) عن" المراجعة الداخلية: المحافظة على المعايير العالمية". كما سيتناول فواز السويد مدير مراجعة تقنية المعلومات والشبكات في شركة الاتصالات السعودية موضوع "المراجعة الداخلية في بيئة تقنية المعلومات"، أما "التدقيق في بيـئة تقنية المعلومات" فسيتم تناولها من قبل عبد الرحمن مـولاي المراجع الداخلي لشركة فواز الحكير. كما سيتطرق لاري هوبارد المستشار في شركة الحميد والنمر، إلى دور المراجعة الداخلية في حوكمة الشركات، وسيركز وليد شكري الرئيس الشريك في "برايس ووتر هاوس"، على التحديات التي تواجه الشركات العائلية وطرق مواجهتها، إضافة إلى عدد من المحاور من أبرزها الأساليب الحديثة في المراجعة الداخلية وتطبيق معايير الجودة العالمية في المراجعة الداخلية، والمراجعة الداخلية في القطاع الحكومي وشبه الحكومي التي سيتم تناولها من قبل الدكتور صلاح البخيت نائب الرئيس للهيئة العامة للاستثمار، وحوكمـة الشركات، والمراجعة الداخلية من منظور بيئة العمل في السويد من قبل روبرت باردين الرئيس التنفيذي لشركة برايس ووتر هاوس كوبرز الجريد.

"الاقتصادية" عقدت ندوة استباقية للملتقى الذي ينعقد غدا، وخرجت بالتقرير التالي:

كيف ترون أهمية هذا الملتقى، وما الفوائد المتوقعة من انعقاده؟

يؤكد الدكتور أحمد صالح اليماني أن الملتقى يمثل مجالا خصبا لإلقاء الضـوء على موضوع حوكمة الشركات وبيان الأهمية المتزايدة لموضوع الحوكمة وتأثيراته المتعـددة في المراجعة الداخلية في الشركات و مؤسسات الأعمال المختلفة، وخاصة في ظل ظروف الأزمـة المالية العالمية الراهنة التي تعصف بكثير من اقتصاديات العالم المتقدمة والناشـئة وما سبقها من عديد من الانهيارات الاقتصادية والأزمات المالية المتعاقبة خلال العقود القليلة الماضية، وما شـهده الاقتصاد الأمريكي خاصة خلال العقد الحالي بدءا من انهيار شركة إنرون في عام 2002، وتلاشي استثمارات مالية (في صورة أسهم وسندات وأوراق مالية أخرى) قدرت في سوق المال الأمريكية في حينها بنحو 60 مليار دولار أمريكي ـ وحتى تداعيات أزمـة الرهن العقاري الحالية وما تبعها من آثار اقتصادية ومالية على البنوك والشركات والقطاعات الصناعية المختلفة، بخلاف الآثار السلبية الأخرى في فرص العمل والتوظيف والإنتاجية الاقتصادية وغير ذلك. ويعـزو كثير من المحللين سبب هذا التداعيات إلى بعض أوجـه القصور في النظم والتشريعات المحاسبية والمالية وآليات تطبيقها وتفعيلها والرقابة عليها وتنظيمات أسواق المال وآليات العلاقات التعاقدية السائدة في المؤسسات الاقتصادية بأنماطها المختلفة. ويضيف الدكتور اليماني، أن ذلك أدى إلى ظهور تشريعات وقوانين جديدة مثل قانون ساربنز أوكسلي Sarbanes Oxley Act الذي شرعه الكونجرس الأمريكي سنة 2002م كأحد تداعيات التعامل مع بوادر الأزمة في بداية هذا العقد، ويهدف إلى تنظيم وترتيب إجراءات وآليات عالية الكفاءة لتحقيق مزيد من الشفافية والإفصاح وترتيب أعمال المراجعة الداخلية وكذلك إيجاد آلية أكثر فاعلية للرقابة على أداء شركات المحاسبة و المراجـعة لضمان الحد الكافي من النزاهة والكفاءة في تحقيق دورها المهم في توزيع الموارد في الاقتصاد. والحوكمة تعنى في الأصل بخلق وترتيب منظومة من الممارسات والتطبيقات السليمة لمن يتولى إدارة الشركات المساهمة بما يحقق المحافظة على حقوق الملاك والدائنين والعاملين في الشركة وأصحاب المصالح وجميع الأطـراف الأخـرى وبما يحقق أهداف ضبط وتحسين جودة الرقابة والشفافية والإفصاح.
ويشير الدكتور اليماني إلى أن الحوكمة تهدف إلى زيادة متانة و قوة الاقتصاد ودعم وزيادة فاعلية وإنتاجية مؤسساته المختلفة. ولذلك فقد اتخذت هيئة سوق المال في المملكة العربية السعودية التدابير والإجراءات اللازمة لوضع اللوائح والتنظيمات اللازمة لتفعيل حوكمة الشركات وتحفيز الشركات على زيادة معدلات الالتزام بهذه التشريعات والآليات والتقيد بها.
ويضيف اليماني أن الملتقى يمثل خطوة باتجاه دعم مثل هذا التوجـه وزيادة الوعي لدى المعنيين بالمهنة بمختلف فئاتهم وأنواعهم بهذه الأمـور والتشريعات وإيجاد إطار لتثقيف ذوي الاختصاص وزيادة إدراكهم آليات وتشريعات حوكمة الشركات وعلاقاتها بالمراجعة والمحاسبة بشكل عام.

يرى الدكتور سعد عبد العزيز الموسى أن ملتقى "المراجعة الداخلية وحوكمة الشركات" الذي سيعقد في جامعة الأمير سلطان، يناقش موضوعا حساسا وبالغ الأهمية. فهو يوفر أرضية لبحث ودراسة تطبيقات وتشريعات وآليات الحوكمة في الشركات في المملكة العربية السعودية، ويزيد من الوعي لدى المعنيين بهذا الموضوع. والشركات في المملكة لا تخلو في الغالب من أن تكون شركة مساهمة أو شركة عائلية، حيث يمثل هذان النوعان من الشركات جزءا كبيرا من المؤسسات الفاعلة في اقتصاد البلاد، وكثير من مكونات المجموعة الأولى نمت وترعرعت ضمن الفئة الثانية. فالشركات المساهمة المدرجة في سوق المال السعودية يبلغ عددها – دون الاكتتابات الأخيرة التي لم تدرج بعد – 128 شركة مساهمة يبلغ مجموع رؤوس أموالها المدفوعة نحو 400 مليار ريال سعودي، وتبلغ القيمة السوقية لأسهم هذه الشركات بأسعار اليوم – غير المبالغ فيها – أكثر من تريليون و135 مليار ريال. وبالتالي فإن دراسة وبحث موضوع الحوكمة في هذه الشركات يمثلان أمرا مهما للغاية لتأثيرات نجاح وفشل تلك الشركات في الاقتصاد الوطني. وفيما يتعلق بالشركات العائلية، فمن نافلة القول الإشارة إلى أن انفصال الإدارة عن الملكية في الشركات المساهمة قد يكون من أسباب اتخاذ قرارات دون المستوى الأمثل sup-optimal في إدارة وتشغيل المنشأة الاقتصادية، خاصة في حالة عدم انسجام واتفاق مصالح الإدارة مع الملاك (حملة الأسهم مثلا) وبالتالي فإن حوكمة الشركات قديمة قدم نظرية الوكالة على الأقل في جانب الممارسة والتطبيق، أما في حالة الشركات العائلية فقد يقال إن مالكي هذه الشركات هم من يديرونها بشكل مباشر فلِمَ القلق بشأن الحوكمة؟ وفي الواقع فأن عدم انفصال الملكية عن الإدارة في الشركات العائلية قد يكون مربط الفرس وبيت الداء! لأنه قد يحد من قدرة الشركة على الحصول على التمويل عند الحاجة إلى مزيد منه بسبب نقص الإفصاح والشفافية في اتخاذ القرار، كذلك فإن انتقال السلطة قصيرة الأجل أو بين الأجيال ليس بنفس السلاسة والترتيب مقارنة بالشركات المساهمة، وتشوب صورة الشركة العائلية بعض الضبابية وعدم الرضا في مجتمعاتها المحلية، خاصة إذا أخلت بمسؤولياتها الاجتماعية وبالتالي فإن الشركات العائلية قد تكون أحوج إلى تفعيل آليات الحوكمة والالتزام بضوابطها وتشريعاتها.

الكفاءة في توظيف الموارد الاقتصادية
موضوع الملتقى هو "المراجعة الداخلية وحوكمة الشركات".. كيف تنظرون إلى أهمية هذا الدور؟

يذهب الدكتور أحمد اليماني إلى أن موضوع الحوكمة يحظى بأهمية بالغة ومتزايدة، وذلك للدور الحيوي والفاعل لمبادئ وتطبيقات حوكمة الشركات في تحقيق التنمية الاقتصادية والإسهام في تجنيب الاقتصاديات المتقدمة والناشـئة مخاطر الأزمات المالية والاقتصادية. وتمكن آليات الحوكمة أسواق المال من الوصول إلى ما تصبو إليه، ألا وهـو تحقيق هدف الكفاءة في توزيع وتوظيف الموارد الاقتصادية لدعم قوة ومتانة الشركات ماليا ودعم قدرتها التنافسية في الأسواق المحلية والعالمية وتمكينها من جذب مصادر التمويل المختلفة مما يساهم في زيادة معدلات التوسع والنمو وخلق فرص عمل جديدة وزيادة معدلات التوظيف والإنتاجية في الاقتصاد الوطني ودعم استقرار أسواق المال والبنوك والقطاع المصرفي بشكل عام. وفي ظل الاهتمام العالمي المتزايد بآثار وتداعيات الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها في اقتصادات البلدان المختلفة والترتيبات المحلية والإقليمية والدولية للتعامل مع هذه التداعيات، فإن الحديث عن حوكمة الشركات وآلياتها المختلفة وما تتضمنه من السعي نحو المزيد من الرقابة والضبط والحفاظ على حقوق أصحاب المصالح المختلفة في الشركات المساهمة وما تتطلبه من زيادة معدلات الإفصاح والشفافية يصبح أكثر مناسبة وذا جـدوى وارتباط.
وهنا يؤكد الدكتور سعد الموسى أن الحوكمة ليست هدفا في حد ذاتها وإنما هي وسيلة لتحقيق الهدف الأسمى ألا وهو زيادة وتعزيز ثقة المستثمرين بالمنشآت الاقتصادية، خصوصا الشركات المساهمة وكفاءة إداراتها وإعادة ثقتهم بكفاءة وشفافية سوق المال وانضباط آلياتها. ويمكن القول إن فاعلية آليات وضوابط حوكمة الشركات تعتمد على أربعة أركان، هي: الإدارة التنفيذية ولجنة المراجعة والمراجع الداخلي ومراجع الحسابات الخارجي. وبالتالي نجد أن هناك ارتباطا وثيقا ومتشابكا بين مهنة المحاسبة والمراجعة وتنظيمات أسواق المال وتداول الأوراق المالية. نجد ذلك مثلا في الولايات المتحدة الأمريكية حيث أدى انهيار أسواق المال وظهور الكساد العظيم في 1930م، إلى تدخل الجهات التشريعية هناك واستحداث لجنة تداول الأوراق المالية وتنظيم مهنة المحاسبة والمراجعة. وفي المملكة العربية السعودية نجد أن هناك قدرا كبيرا من التنسيق وتكامل الأدوار بين الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين وهيئة سوق المال. وقامت هيئة المحاسبين بأداء أدوار مهمة تصب في مصلحة تحقيق الحوكمة الرشيدة مثل تطوير معايير المحاسبة والمراجعة وتنظيم مهنة المراجعة وتحسين الأداء والضبط والرقابة المهنية. لكن هناك تشريعات أخرى مثل نظام الشركات وأدوار منوطة بجهات أخرى كوزارة التجارة ومؤسسة النقد فيما يخص البنوك والمؤسسات المالية وشركات التأمين ومتطلبات لجنة بازل والسعي نحو الإدارة المصرفية الرشيدة حتى تكون أنظمتنا ومؤسساتنا المالية بمأمن من تداعيات الأزمة المالية العالمية الحالية.

في رأيكم ما أهمية هذه الندوة؟ وما الأسهامات المتوقعة من الملتقى؟

يؤكد الدكتور محمد السهلي أن توقيت الندوة جيد لسببين: الأول وهو تأثير الأزمة المالية في الشركات من إعادة النظر في أوضاعها الداخلية بسبب الضغوط التي تواجهها إدارة الشركات من المساهمين. أما السبب الثاني، فهو زيادة اهتمام هيئة السوق المالية بحوكمة الشركات، وهذا واضح من اعتماد لائحة الحوكمة ومطالبة الهيئة جميع الشركات المسجلة في السوق المالية بالالتزام بما جاء في اللائحة. ومن المتوقع أن يسهم الملتقى في التعريف بأهمية المراجعة الداخلية باعتبارها جزءا من بيئة المراجعة العامة للشركات. كما أن الملتقى يسعى إلى ضرورة التركيز على المراجعة الداخلية باعتبارها مكملة للمراجعة الخارجية، وأنه لا يمكن الاعتماد على المراجع الخارجي وحده للتأكد من أن المنشآت تعمل على تحقيق أهدافها.

ثقة المستثمرين
كيف ترون دور المراجعة الداخلية في حوكمة الشركات؟

يؤكد سليمان الهتلان أن موضوع المراجعة الداخلية ودورها في حوكمة الشركات مهم للغاية، خصوصاً بالنسبة للشركات المدرجة، حيث إن وجود وظيفة مراجعة داخلية فاعلة يرفع من مستوى ثقة المستثمرين بقدرة الشركة على تحقيق الأهداف التي تخطط للوصول إليها، ذلك أن وظيفة المراجعة الداخلية تقوم ضمن مهام عملها بالتحقق من وجود نظام رقابة داخلية فاعل من ناحية التصميم ومن الناحية العملية. وكلما كان نظام الرقابة الداخلية فاعل كانت قطاعات الشركة أكثر قدرة على تحقيق أهدافها ولديها قائمة بالمخاطر التي تعمل على إدارتها لتفادي تحقيق الأهداف. وبما أن حوكمة الشركات تعنى برعاية المصالح الخاصة بما يسمى بالمنتفعين stakeholders في الشركة، فإن وحدة المراجعة الداخلية الفعالة تسهم في رعاية المصالح طالما أنها تعمل على مساندة القطاعات المختلفة في الشركة على تحقيق أهداف كل منها. فمجلس إدارة أي شركة يقوم بإدارتها بالوكالة عن حملة الأسهم والذين ليس لهم اطلاع مباشر ومستمر على سير العمل بالشركة وإدارة المخاطر التي تلامس مصالحهم، لذا فإن حوكمة الشركات في مفهومها النظري تعمل على ضمان عمل مجلس الإدارة بما يخدم مصالح حملة الأسهم ضمن منتفعين آخرين.

أهمية الالتزام بضوابط الحوكمة
إلى أي مدى يمكن أن يسهم الملتقى في تطوير الوعي بالنسبة للمجتمع؟

يشير الدكتور سعد الموسى إلى أن من أهم الأهداف التي يسعى هذا الملتقى إلى تحقيقها هو زيادة الوعي بجدوى وأهمية الالتزام بإجراءات وضوابط الحوكمة والمنافع التي تتحقق من جراء ذلك للشركات المعنية وأصحاب المصالح فيها. فإدراك المجتمع بجميع فئاته ذات العلاقة بالموضوع - بما فيها الجهات التنظيمية والتشريعية والشركات وأصحاب المصالح - يمثل الخطوة الأولى في اتجاه زيادة الوعي وتثقيف المعنيين بأهمية الحوكمة وتبصيرهم بضوابطها وآلياتها. وفي واقع الأمر يبدو أن إدراك المجتمع والمستثمرين وملاك الأسهـم في الشركات المساهمة أهمية ذلك ليس بالدرجة المأمولة. فمثلا تمثل مجالس الإدارات وصلاحياتها وآليات تكوينها أحد أهم جوانب مشروع الحوكمة. و مع ذلك نلاحظ ضعف تفاعل ملاك الأسهم لأهمية ذلك وإدراكهم أهمية استغلال آلية الجمعيات العمومية لتحقيق أهدافهم وخاصة في حالة الملكية المشتتة مقارنة بالملكية المركزة في هيكل ملكية بعض الشركات المساهمة. كثيرا ما نسمع عن عدد من الجمعيات العمومية العادية لبعض الشركات المساهمة التي لم تنعقد لعدم اكتمال النصاب القانوني. كذلك فإن كثيرا من مجالس إدارات الشركات المساهمة مكون من أعضاء إما مديرين تنفيذيين وإما مقربين من الإدارة، وبالتالي فإن مجلس الإدارة قد لا يتمكن من أن يلعب دوره الرقابي المتوقع.
ويلفت الدكتور محمد السهلي، إلى أن ذلك يرتبط بدور المحاسبة في المجتمع، فالمحاسبة هي في الأساس نظام معلوماتي يوفر لمتخذي القرار معلومات مالية وغير مالية لاتخاذ قرار رشيد. وبينما أدركت الدول الغربية دور مهنة المحاسبة والمراجعة على مستوى الاقتصاد الكلي وحماية المستثمرين، فإننا مازلنا – وللأسف - لم ندرك هذا الدور أو لم نسع بجدية إلى الاستفادة من مهنة المحاسبة. وتطوير مهنة المحاسبة والمراجعة يحتاج إلى تكاتف كثير من الجهات لمواكبة ما تشهده المملكة من تنمية اقتصادية ضخمة. فهذه النهضة الاقتصادية لا بد أن تصاحبها مهنة محاسبة ومراجعة قوية، ومحاسبون من أبناء البلد على مستوى عال من التأهيل لتولي زمام القيادة في القطاع الخاص. ولا شك أن عدم الاهتمام بتطوير مهنة المحاسبة سيؤدي إلى عواقب وخيمة على مستوى المنشآت وعلى مستوى الاقتصاد.
ويشير الدكتور أحمد اليماني إلى أنه رغم أهمية التشريعات و التنظيمات والآليات المختلفة المتعلقة بحوكمة الشركات ودورها الفاعل والحيوي في تحقيق ذلك، فإن الأمـر الذي يفوقها في الأهمية هو درجة الوعي والإدراك لدى الأطـراف المختلفة وخاصة أصحاب المصالح stakeholders بوجود هذه الآليات والتنظيمات والدور المنوط بها وتأثيراتها المختلفة في حقوقهم ومصالحهم في تلك الشركات. وبالتالي يمثل هذا الملتقى أداة فاعلة وبالغة الأهمية لزيادة الوعي بهذه التنظيمات والآليات ولتثقيف الأطراف والفئات المختلفة ذات العلاقة بجوانب هذا الموضوع. ويمثل المشاركون في الملتقى مختلف المؤسسات ذات العلاقة بهذه الجوانب من ممثلي الجهات التشريعية والتنظيمية والمهنيين ومديري الشركات ومكاتب المراجعة والاستشارات إضافة إلى الأكاديميين والباحثين والمهتمين بالحوكمة والمراجعة الداخلية، بحيث تتضح الصورة من جميع جوانبها.

آلية للتعاون مع مؤسسات المجتمع
هذه أول مرة تعقد فيها جامعة الأمير سلطان ملتقى متخصصا في موضوع محاسبي، فماذا تهدف الجامعة من ذلك؟

يؤكد الدكتور أحمد اليماني أن جامعة الأمير سلطان من مؤسسات التعليم العالي التي اتخذت السعي نحو التميز هدفا تصبو إلى تحقيقه والإبداع فيه وهي مثل نظيراتها من الجامعات الأخرى تسعى لاستكمال دورها المجتمعي الرائد في توفير خدمات التعليم الجامعي والبحث العلمي المنتج وخدمة المجتمع وتوفير الفرص التدريبية والتطويرية لمؤسساته وأفراده. وفي هذا المجال حققت الجامعة عديدا من النجاحات والتجارب المميزة فعقدت عددا من ورش العمل بالتعاون مع كلية إنسياد لإدارة الأعمال حضرها عدد من المديرين التنفيذيين لعدد من البنوك والشركات ومؤسسات الأعمال الاقتصادية المختلفة. وتهـدف الجامعة من عقد هذا الملتقى إلى إيجاد آلية للتعاون مع بعض مؤسسات المجتمع الفاعلة في جانب الخدمات المحاسبية والمراجعة والاستشارات الاقتصادية والإدارية وتكوين إطار لعقد ملتقى يخدم بيئة الأعمال في موضوعات مناسبة بشكل دوري.
ويؤكد الدكتور يحيى السرحان أن الملتقى يهدف إلى بيان دور المراجعة الداخلية وآليات الحوكمة في رفع كفاءة الشركات من خلال التعريف بدور المراجعة الداخلية في ضبط أعمال المنشآت التي تساعد على اتخاذ القرارات الرشيدة التي تكفل استمرار الأداء الجيد لتلك المنشآت في تحقيق أهدافها ورعاية مصالح مساهميها وصيانة حقوق المتعاملين معها. وهذا بدوره يساعد على حماية الاقتصاد الوطني من خلال حماية الشركات.

دور أقل من المأمول
كيف تنظرون إلى مساهمة الجهات غير الرسمية في تطوير مهنة المحاسبة والمراجعة في المملكة؟

يؤكد الدكتور محمد السهلي أنه مقارنة بالدول الغربية، فإن دور الجهات غير الحكومية في المملكة في تطوير مهنة المحاسبة ما زال أقل من المأمول، وهذا نابع من عدم التنسيق بين الجهات غير الرسمية. ومع ذلك، فإن السنوات الأخيرة شهدت مساهمات واضحة من القطاع الخاص بشتى فئاته. ولعلنا هنا نشير إلى ضرورة قيام الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين بالاستفادة من رغبة القطاع الخاص في دعم مهنة المحاسبة، وهذا يتطلب تواصل الهيئة أولاً مع الجهات المستفيدة من خدماتها والتعريف بنفسها في القطاع العام والقطاع الخاص، فالجهات غير الرسمية لن تسهم دون دعوة الجهات المعنية لها بالمساهمة والتطوير.

ماذا عن تطبيق المراجعة الحكومية في القطاع الحكومي؟

يشير الدكتور سليمان الهتلان إلى أنه صدر قرار مجلس الوزراء رقم 235 لعام 1425هـ، بالنسبة للمراجعة الداخلية في القطاع الحكومي في المملكة، الذي وجه جميع الجهات الحكومية بإنشاء وحدات مراجعة داخلية تعمل على الأسس والمفاهيم الحديثة للمراجعة الداخلية. وعلى الصعيد العملي، فإن عدداً من الجهات الحكومية قام بالفعل بتأسيس هذه الوحدات ولكن هناك بعضاً منها لا يعمل بمفهوم المراجعة الداخلية المقصود. كذلك، هناك كثير من الجهات لم يبدأ في تأسيس هذه الوحدات بعد. ويتطلب الأمر، من وجهة نظري، مساندة استشارية من القطاع الخاص في التأسيس والتنظيم والتدريب والمتابعة لفترة محدودة للتحقق من تنفيذ الوحدات الجديدة للعمل المطلوب.

المشاركون في الندوة

* د.أحمد صالح اليماني ـ مدير جامعة الأمير سلطان
* د.محمد بن سلطان السهلي ـ أستاذ المحاسبة في جامعة الملك سعود ـ مستشار "برايس ووترهاوس كوبرز".
* د.يحيى ناصر السرحان – عميد كلية إدارة الأعمال - جامعة الأمير سلطان ـ رئيس اللجنة المنظمة لملتقى المراجعة الداخلية وحوكمة الشركات
* د.سعد عبد العزيز الموسى - عميد شـؤون الطلاب – جامعة الأمير سلطان
* سليمان الهتلان ـ شريك تنفيذي – شركة الحميد والنمر للاستشارات

الأكثر قراءة