«للموت 2» يستعرض قضية تجارة الأطفال

«للموت 2» يستعرض قضية تجارة الأطفال
مشهد من المسلسل.
«للموت 2» يستعرض قضية تجارة الأطفال
مشهد من العمل.
«للموت 2» يستعرض قضية تجارة الأطفال
ملصق العمل.

ما إن بدأت كادرات الجزء الثاني من مسلسل "للموت" تتوالى على الشاشة الصغيرة، حتى بدأت عيون الجماهير في التحديق لمشاهدة أبطال عايشوهم في رمضان 2021، تفاعلوا مع شخصياتهم واستمتعوا بأدائهم في قصص تتشعب إلى مجموعة أحداث، محورها الفقر والسلطة والجشع. ولأن المرأة هي الجامعة للقوة والضعف، وركن الحنان ومركز القسوة، جاء المحور الرئيس الذي تتمحور حوله وتتفاعل معه قصة نادين جابر الكاتبة اللبنانية، التي استطاعت - بالتعاون مع المخرج فيليب أسمر - أن تعلق نجمة في سماء مسلسلات رمضان من خلال مسلسل "للموت"، نجمة متلألئة تلمع وتبرق بنخبة من نجوم الدراما اللبنانيين والسوريين. وفي حين كان الجزء الأول مدويا، جاء الجزء الثاني ليصدح أكثر، رغم رتابة الأحداث في البداية.

الطمع في السلطة والمال

ما لا شك فيه أن قصة الجزء الأول تناولت عديدا من المواضيع التي تجذب المشاهد، بسبب واقعها من قلب المجتمع، فالجميع يعايش الطمع والسلطة والمال ووجود الظلم والحرمان والفقر والجشع والقناعة، إنها حالات موجودة عند الفرد، لكن تجسيدها في امرأة أضفى على القصة عناصر جذب أخرى، ويتمحور المسلسل حول شخصيتين أقسمتا على العيش سويا في السراء والضراء، لكن ظروفهما تعكس البؤس في معظم الأحداث التي تحصل معهما، فتواجهان الموت جسديا ونفسيا وعاطفيا، ثم تعودان أقوى من السابق. لتظهر الأزمة المتكررة للممثلة ماغي أبو غصن "دور سحر". أما شريكتها دانييلا رحمة في دور ريم أو وجدان "اسمها الأصلي" فهي الحائرة التي تتلقى صدمة تلو الأخرى، فمنذ أن هربتا من الميتم، ارتبطتا ببعضهما، وتكونت علاقة صداقة قوية بينهما، لكن المعاناة تلاحقهما وتصل في بعض الأحيان إلى حد المأساة.

أصبحت متسولة

في الجزء الأول، تتعرض سحر لمحاولة اعتداء، وتهرع والدتها لنجدتها بتصويب المسدس صوب زوجها المعتدي وصوب جسدها أيضا. أما ريم أو وجدان، فبعد هربها من الميتم، تتحول إلى متسولة وسارقة، وتتعرض كذلك للاعتداء، وتحمل بنتا توهمها رفيقتها بأنها توفيت، لكن نكتشف فيما بعد أن سحر وهبتها إلى شقيقها، والأخير قام بتربيتها في بيته.

الحرب مع الرجال

تحمل الاثنتان حقدا نحو الرجال، فتبدآن حربا مع الرجال من خلال إتمام صفقات تقوم على الخداع والوهم مقابل حصولهما على المال منهم، فتعملان على سرقة أموال الرجال الأغنياء بدون أي إثباتات أو أدلة على تلك السرقة، لكن الرياح لم تجر كما تشتهيها سفنهما، لتتزوج ريم بشاب معروف لديه شركة للإعمار والبناء يدعى هادي، يؤدي دوره محمد الأحمد الفنان السوري، وقد تزوجا بعد أن خططت ريم مع سحر لأن تظهر الثانية في حياتهما، بعد ذلك تسرق ريم ثروة هذا الشاب، لتذهب إلى زوج آخر يكون ضحية لهما، ومن ثم وقعت ريم في حب زوجها بالفعل، لتهدم صديقتها كل هذا الحلم الجميل بخطة منها.

تنقلب الأدوار

في الجزء الثاني تنقلب الأدوار، ترتبط سحر بالممثل بديع أبو شقرا، في دور أمير، وتنهض ريم لتقف في وجهها وتقنعها بأن حياتهما ستكمل كما بدأتا في النصب والخداع، أما باسم مغنية، في دور عمر، وهو الذي يتحول من فتى شارع إلى مساند للمرأتين في مكائدهما، مع فارق أنه مرتبط بريم وهذا الأمر بالتأكيد سيضعه في مواقف مع الاثنتين، لكن مهما حصل، فهؤلاء الثلاثة، صعدوا بالمسلسل إلى العالي، مع لمسة سحرية اعتدناها من هادي، وأصبح المسلسل في المرتبة الأولى من ناحية الأكثر مشاهدة.

رتابة الأحداث

تتشابك الأحداث وتزداد تشويقا بعد مرور نحو ثلث المسلسل، حيث كانت وتيرته في البداية بطيئة ويشوبها كثير من الملل، إلا أنه مع تقدم الحلقات عادت النبضات المتسارعة، خاصة مع اكتشاف حقيقة هادي، ألا وهي عمله في تهريب الأسلحة، وريم التي عبرت في لحظات غضبها أمام عمر عن كرهها لسحر، فاعتبر عمر أنه يجب أن يتخلص من سحر، واتفق مع قاتل مأجور لتنفيذ العملية، وبعدها أخبر ريم بأن سحر سيتم قتلها، فانصدمت وانفعلت عليه وطلبت منه إيقاف العملية، ذهب إلى منزل القاتل المأجور لكنه لم يجده، فخرجت ريم مثل المجنونة لتبحث عن سحر لكنها لم تجدها، في هذا الوقت كان القاتل المأجور يراقب سحر وأمير، الذي وعد حبيبته بأنه سيخضع للعلاج، وفي اللحظة التي أراد فيها إطلاق النار عليها وقف أمير أمام الرصاصة وأصيب وتوفي.

النساء بين القوة والضعف

إنها أضعف لحظة تظهر فيها سحر، تلك المرأة الجبارة التي أعطاها المسلسل كما هائلا من الجبروت والتخطيط والانتقام، ركعت أمام أمير وبكت من قلبها، ولقد أظهرت قدرات تمثيلية متفوقة من خلال تعابيرها التي تقحم المشاهد في وجعها، أما ريم التي تنهال عليها المصائب، فبعد هادي وطلاقها تبدأ مشكلات ابنتها لميس، ومن ثم يظهر والدها الذي رماها أمام الميتم لظروف قاهرة. جميع هذه الويلات وانتقام سحر جعلت التشويق يزداد مع تقدم الحلقات.

تألق الأحمد

الفنان محمد الأحمد كعادته متألق، بطلته ونظرته، يعمل في تجارة السلاح ومغرم بريم، التي رغم حبها له، تنتقم منه، شخصيته ساعدته على احتلاله مرتبة متقدمة في الأداء، فهو يمتلك وقارا عاليا ورصانة لافتة، يجعلانه أحد الممثلين البارزين بعد إطلالته في مسلسل "عروس بيروت".

تجارة الأطفال

رغم أن مواضيع الجزء الأول كانت كافية لإنجاح المسلسل، إلا أن المخرج أبى أن يخرج في موسم ثان دون إضافات إلى القصة، فأدخل أحداثا تمحورت حول تجارة الأطفال، أو المواليد، وهي قضية كبرى دخلت بكل تفاصيلها في الجزء الثاني، وترأستها ليليان نمري الفنانة القديرة التي لعبت دورا سرقها من عالم الكوميديا إلى الدراما المؤثرة هذه المرة، إذ توظف نمري فتيات في الدعارة، لهدف واحد يضمن حمل عاملات الجنس وبيع المواليد بسرعة قياسية بعد الإنجاب.
لا يخفى على أحد أنه مع بدء عرض حلقات الجزء الثاني، تذمر الجميع من رتابة الأحداث وبطئها، ولقد تعرض لعديد من الانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي، ظنا من الجميع أن الجزء الثاني ما هو إلا جزء تجاري محض، نتيجة نجاح الجزء الأول، لكن مع تقدم الأحداث بدأت التكهنات تتحول إلى اتهامات ظالمة، وأثبت المسلسل بفضل كاتبته ومخرجه وأداء ممثليه أنه يستحق التكملة. لكن هل من جزء ثالث سيكون في رمضان 2023؟ الجواب في المشاهد الختامية من الحلقة الأخيرة.

الأكثر قراءة