أمريكا تتوقف عن اتباع القواعد النقدية «2 من 2»
لقد أوفت حكومة الولايات المتحدة بالتزاماتها، وواصلت الصين تجميع احتياطيات النقد الأجنبي التي بلغت ذروتها عند 3.8 تريليون دولار عام 2014، قبل أن تتراجع بمقدار 800 مليار دولار في العامين التاليين، كما تدخل البنك المركزي الصيني إلى حد كبير في سوق الصرف الأجنبية من أجل استقرار الرنمينبي في مواجهة التدفقات الكبيرة لرؤوس الأموال إلى الخارج. ومنذ عام 2016 كانت احتياطيات الصين تتأرجح في حدود ثلاثة تريليونات دولار، في ظل نظام سعر صرف أكثر مرونة، رغم أنها استمرت في إدارة فائض في الحساب الجاري. واليوم، يبلغ حجمها ما يقارب 3.2 تريليون دولار.
ومهما كانت الأسباب، لا ننكر أن الصين قد راكمت حجما مفرطا من احتياطيات النقد الأجنبي. وكما كنت أقول منذ عقود، هناك سببان رئيسان لضرورة تقليص هذه المقتنيات. أولا، مع وجود أكثر من تريليوني دولار من صافي الأصول الدولية، كان صافي دخل الاستثمار الصيني سلبيا لما يقرب من 20 عاما، لأن ممتلكاتها موجودة بصورة غير متناسبة في سندات الخزانة الأمريكية منخفضة العائد. وهذا خطأ فادح في تخصيص الموارد.
ثانيا، قد ينخفض الدولار في نهاية المطاف انخفاضا كبيرا، لأن أمريكا كانت تدير صافي الديون الوطنية والخارجية الضخمة على مدى عقود، وهذا لا يظهر أي علامات على التغيير. وفضلا عن ذلك فإن السياسة النقدية التوسعية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي "في شكل التيسير الكمي" قد تستمر في إيجاد ضغوط تضخمية في المستقبل.
ومن المؤكد أنه مع احتفاظ عديد من الدول لا سيما الصين، بمثل هذه الكميات الكبيرة من احتياطيات النقد الأجنبي المقومة بالدولار، يمكن أن يظل الدولار قويا لبعض الوقت. لكن في مرحلة ما ستنخفض قيمة العملة الأمريكية، وسيواجه ثاني أكبر حائز أجنبي لسندات الخزانة الأمريكية، الصين، خسائر فادحة.
وفي ضوء هذا الاحتمال لطالما دافعت عن نظام سعر صرف عائم للرنمينبي. ونهج حذر تجاه تحرير حساب رأس المال، وتنويع احتياطيات النقد الأجنبي، والصبر في عملية تدويل الرنمينبي المدفوع بالسوق، ومزيد من التجارة المتوازنة مع الولايات المتحدة. لكن كل هذه الاقتراحات تفترض أن الولايات المتحدة ستؤدي دورها وفقا للقواعد. والآن بعد أن جمد احتياطيات النقد الأجنبي للبنك المركزي الروسي من جانب واحد، انهار أساس توصياتي السياساتية.
وإذا كان ممكنا تجميد جميع الأصول الأجنبية، العامة والخاصة منها، في جزء من الثانية من قبل الدول ذات العملة الاحتياطية، فلا ينبغي لصانعي السياسات حتى إضاعة وقتهم في تدابير التحوط مثل التنويع. والآن وقد أثبتت الولايات المتحدة استعدادها للتصرف وفقا للقواعد، فما الذي يمكن أن تفعله الصين لحماية أصولها الخارجية؟ لا أعلم. لكنني متأكد أن صانعي السياسة الصينيين، وربما أولئك في الدول الأخرى أيضا، سيفكرون مليا في الحلول.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2022.