إلى مستثمري الخليج: لا تندفعوا وراء شعار التمويل الإسلامي في مراكز المال العالمية
حذر بروفيسور في علم الاقتصاد ورجل أعمال سعودي مستثمري منطقة الخليج من الاندفاع نحو بعض مراكز المال الآسيوية والغربية تحت "نغمة الاستثمارات الإسلامية "، مشددين على عدم الركوض خلف كل من رفع "شعار" التمويل الإسلامي، ومذكرين في الوقت نفسه بأن بعض تلك المراكز قد وضع خيار الصيرفة الإسلامية ضمن "خطة الإنقاذ" الخاصة باقتصاداتهم. وطالبوهم بالتأني لحين تتضح الرؤيا حول نتائج خطط المال التحفيزية في اقتصادات تلك البلدان ومن ثم اتخاذ القرار الاستثماري من عدمه.
ودعا أن يتعلم المستثمرون من دروس الأزمة المالية عندما كان مصرفيو بنك ليمان براذرز الأمريكي يأتون للخليج لبيع منتجاتهم المعقدة من المشتقات المالية قبل أن ينهار البنك ويجر معه محافظ البنوك والمستثمرين إلى دائرة الخسائر.
وقال ظافر القحطاني، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة دراهم كابيتال، إن "ما نراه هذه الأيام هو حمى البحث عن الاستثمارات الشرعية "شبيهة بحمى البحث عن الذهب" Gold rush، وهذا التدافع يجلب معه جميع أنواع الأجندات، وبالتأكيد فإن تحقيق الأهداف الشرعية "لبعض المنتجات" ليس من بين هذه الأهداف. وما ينطبق على البلدان وعلى سلطات الأسواق الرأسمالية ينطبق بالتأكيد على المؤسسات والمستثمرين المحترفين بالقدر نفسه".
خطة الإنقاذ
واتفق محمود الجمل، أستاذ كرسي التمويل الإسلامي في جامعة رايس في هيوستن، مع بعض الآراء التي تقول إن بعض الاقتصادات الأجنبية قد وضعت خيار اللجوء إلى الصيرفة الإسلامية ضمن خطة الإنقاذ الخاصة باقتصاداتهم. ولم يخالفه في ذلك القحطاني الذي استعان بسنغافورة كمثال على ذلك. يقول عضو جمعية الاقتصاد السعودي والجمعية الخليجية لرأس المال الجريء: "السنغافوريون يستعرضون عدة خيارات للخروج من الأزمة. وخيار موارد الأموال التي تأتي باسم الصيرفة الإسلامية قد يمثل نحو 5 في المائة من إجمالي الحلول التي سيطرقون أبوابها. وتابع "إنهم يتعلقون بإحدى تلك الشعارات الممثلة بالصيرفة الإسلامية للخروج من الأزمة".
وطالب البروفيسور محمود الجمل بعدم الركض خلف كل من رفع "شعار التمويل الإسلامي" ودعا استشاري التمويل الإسلامي لدى وزارة الخزانة الأمريكية أن يكون المستثمر الخليجي "أكثر حذرا".
الكيانات المهزوزة
وتابع القحطاني "بعد أن تضررت صناديقهم السيادية ، قرروا أن يجذبوا تلك الاستثمارات تحت مظلة "نغمة الصيرفة الإسلامية" وهذا "شيء طبيعي". فإضافة إلى الحوافز الضريبية التي يقدمونها فإنهم يريدون مساندة خارجية والتي لا يهم من أين تأتي طالما أنها ستسهم في تحريك عجلة اقتصادهم لو ببطء".
وأشار، خريج جامعة تكساس بأرلنجتون في الاقتصاد، إلى أن طرق الدعم الخليجي قد تتركز على بناء المشاريع بتمويلات إسلامية أو شراء كيانات مهزوزة".
وعما إذا كانت سنغافورة ستضفي "قيمه إضافية" لصناعة المالية الإسلامية مقارنة بهونج كونج، يرى القحطاني أن "سنغافورة لن تضيف كثيرا للصناعة مقارنة بالبحرين ودبي نظرا لأن أسواقهم ليست "مفتوحة بشكل كامل" لمنافذ التمويل الإسلامي. ومع هذا فيجب أن نضع في الحسبان أن هناك دول أخرى لا يستطيع المستثمر الخليجي الدخول إليها بسبب عدم وجود تشريعات خاصة بالتمويل الإسلامي لديها. فنحن نرغب في اليوم الذي نرى فيه الصيرفة عرفا وليس شذوذا".
ويطرح القحطاني حجة عقلانية ليبين وجهة نظره حيال جدية تلك الاقتصادات في تبني التشريعات التي تشجع الاستثمار الإسلامي من دون وجود نوايا مبطنة لديها. حيث يقول "هل تريد مني أن أصدق أو حتى أن أقبل أن البلدان التي توجد فيها أقليات مسلمة، ستتبنى الأحكام الشرعية الخاصة بالاستثمار لمجرد الالتزام بالأحكام الشرعية ودون أن تكون لهم أجندة خفية؟".
بينما يرى الشيخ الدكتور محمد القري أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز، أنه يجب "ألا يغيب عن ذهننا أبدا أن المصرفية الإسلامية للمسلمين. فكل ما يقال من أن الغربيين يتبنون المصرفية الإسلامية لاقتناعهم بمعطياتها، فهذا الكلام يحتاج إلى نظر وتأمل".
النوايا المبطنة
وكان أحد المصادر القريبة من مؤسسة النقد السنغافورية قد أكد لـ "الاقتصادية" أنه لا صحة لـ "أن" مخططاتهم "يقصد حول المالية الإسلامية" هي مدفوعة بأغراض تجارية نظرا لسعيهم لجذب البترودولار الخليجي فقط".
وفي رده على أن بعض المراكز المالية لا تفضل الكشف عن نواياها علانية، يقول القحطاني "لقد تجاوزنا موضوع النوايا، لأنها لم تعد خفية بعد الآن". ويرى أنه من المناسب لتلك المراكز المالية أن تقول بشكل صريح: "إننا نريد أموال العوائد النفطية (بيترودولار) لتمويل اقتصاداتنا وخلق الوظائف لمواطنينا، وإذا كان السبيل الوحيد لتبني ذلك يأتي عبر تبني الهياكل الاستثمارية الشرعية واستشارة الفقهاء الشرعيين، فإننا سنقوم بذلك".
وكان محمود الجمل قد صرح سابقا لـ "رويترز" أن "هناك حاجة في الغرب لأموال النفط. و لذلك فستروج بعض الدول للتمويل الإسلامي لمحاولة إعادة تدوير أموال النفط في عواصمها المالية سواء أكانت لندن أو سنغافورة أو ماليزيا.
وقد دفع الركود الاقتصادي العالمي، الذي هو الأسوأ من نوعه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، دفع بسنغافورة، التي تعتمد على التجارة، إلى الدخول في أعمق ركود اقتصادي في تاريخها.
وقال لبلومبرج إيرفين سياه، وهو اقتصادي لدى بنك DBS في سنغافورة: "ما يزال اقتصاد سنغافورة يمر بطور التقلص، ولم يخرج من مرحلة الخطر حتى الآن".