صناديق التحوط والأسهم .. خسرت 8 %
يتشكل هذا العام ليكون الأسوأ على الإطلاق بالنسبة إلى صناديق التحوط الخاصة بالأسهم، التي تكافح من أجل التكيف مع تغيير جذري في ظروف السوق.
صناديق التحوط الخاصة بالأسهم، التي تدير أصولا تبلغ نحو 1.2 تريليون دولار، خسرت 8 في المائة في المتوسط في الأشهر الخمسة الأولى من 2022، وفقا لمجموعة البيانات إتش إف آر.
استنادا إلى بيانات "إتش إف آر" التي تعود إلى نحو 32 عاما، هذا يفوق الخسائر في أعوام سابقة تميزت بأزمات، ويترك الصناديق مع مهمة ضخمة للتعويض خلال الفترة المتبقية من 2022. الأشهر الخمسة الأولى من 2020 التي جلبت انخفاضا كبيرا في الأسهم تلاه انتعاش متقلب، أدت إلى انخفاض الصناديق 5.8 في المائة.
قال أنتوني سكاراموتشي، مؤسس شركة سكاي بريدج كابيتال ـ مقرها نيويورك، إن صناديق التحوط الخاصة بالأسهم "تواجه عموما وقتا عصيبا حقا".
تعد خسائر هذا العام أكثر اعتدالا، مقارنة بانخفاض بلغ 12.8 في المائة في مؤشر إس آند بي 500 القياسي للأسهم الأمريكية، بما في ذلك توزيعات الأرباح. لكن الفطنة الاستثمارية المفترضة لأشد المستثمرين حدة في السوق لا تزال تترك أصحابها في مأزق.
مثل هذه الخسائر الفادحة في صناديق التحوط يمكن بسهولة أن تحقق ذاتها بذاتها. ولأن الصناديق الكبيرة تتكبد خسائر، ويطلب العملاء استرداد أموالهم، في الأغلب ما تضطر الصناديق إلى بيع ممتلكاتها، بغض النظر عما إذا كانت هذه الرهانات تعمل بشكل جيد أم لا. يمكن أن يسهم ذلك في التقلبات وتعميق تراجع السوق.
الخسائر في صناديق الأسهم تقف في تناقض صارخ مع أداء معظم بقية صناعة صناديق التحوط التي يبلغ حجمها أربعة تريليونات دولار. الصناديق التي يحركها الكمبيوتر، التي تراهن على اتجاهات السوق، ومديري الاقتصاد الكلي الذين يتداولون أسعار الفائدة وتحركات العملة هي من بين تلك التي كانت تجني مكاسب كبيرة هذا العام.
لكن في الأسهم، عانى عديد من الصناديق عمليات بيع شرسة في أسهم شركات التكنولوجيا ذات النمو المرتفع، وذلك تزامنا مع تحرك البنوك المركزية لتشديد السياسة النقدية. كانت الأرباح المتوقعة لمثل هذه الشركات مدعاة للإطراء بسبب تكاليف الاقتراض المنخفضة للغاية، لكنها فقدت جاذبيتها مع إقدام الاحتياطي الفيدرالي ونظراء دوليين برفع أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم.
مؤشر جولدمان ساكس VIP لمراكز الأسهم المفضلة التي تتخذها صناديق التحوط، انخفض 23 في المائة هذا العام.
من بين أولئك الذين عانوا خسائر تشيس كولمان، إحدى الشخصيات البارزة أحد الصناديق التي يطلق عليها "تايجر كبز" وتلميذ جوليان روبرتسون، مؤسس شركة تايجر مانجمنت. قال شخص اطلع على الأرقام، إن كولمان خسر الآن 52 في المائة في صندوقه تايجر جلوبال هذا العام. أما زميله لي آينسلي، الذي يدير الآن شركة مافريل كابيتال، فقد انخفض أكثر من 34 في المائة.
صناديق ثيرد بوينت أوفشور، التابعة لدان لوب، التي تبلغ قيمتها 7.1 مليار دولار خسرت نحو 14 في المائة، بينما انخفض صندوق ألترا الذي يبلغ حجمه 2.9 مليار دولار 18.4 في المائة، وفقا لوثائق مرسلة إلى المستثمرين. "ويل روكك كابيتال" التي تتخذ من بوسطن مقرا لها ـ تركز على التكنولوجيا والإعلام والاتصالات ـ فقدت 33.8 في المائة في محفظتها التي تحتوي على استثمارات مدرجة خاصة.
تراهن صناديق التحوط ذات المراكز الدائنة والمكشوفة على أن أسعار الأسهم الفردية إما سترتفع وإما تنخفض. لكن نظرا إلى أن أسواق الأسهم تميل إلى الارتفاع على المدى الطويل، في الأغلب ما تعطي الصناديق وزنا أكبر للمراهنات على ارتفاع الأسعار - ما يسمى "دائنة" - أكثر من الرهانات على الأسعار الهابطة، المعروفة باسم "مكشوفة".
خلال فترة السوق الصاعدة المطولة في الأعوام الأخيرة، التي كانت مشحونة خلال الوباء حيث قامت البنوك المركزية والحكومات بضخ تحفيز هائل في الأسواق والاقتصاد، وجدت الصناديق أن من السهل بكثير الاحتفاظ بمراكز دائنة أكثر من المكشوفة.
كان هذا الموقف مربحا عندما كانت الأسواق ترتفع. لكن الآن، تم ترك بعض الصناديق مكشوفة بشكل سيئ حيث دخلت أسهم النمو في سوق هابطة، ما زاد من المخاوف بشأن قدرة المديرين على حماية أموال المستثمرين في الأوقات الصعبة.
قال أندرو بير، العضو المنتدب في شركة الاستثمار الأمريكية دايناميك بيتا، "تواجه الأسهم ذات المراكز الدائنة والمكشوفة أزمة وجودية، اختيار الأسهم كان سيئا، والبيع على المكشوف لا يعمل، وقفز الناس من القطار بعد أن اصطدم بالفعل". أضاف، "حتى المستثمرون القدامى يتساءلون لماذا يدفعون للمديرين رسوما عالية بينما يتحملون كل المخاطر".
سحب المستثمرون 9.8 مليار دولار من الأسهم ذات المراكز الدائنة والمكشوفة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، وفقا لمجموعة البيانات إنفيستمنت.
من بين صناديق الأسهم الأخرى التي تضررت هذا العام، مجموعة سيليكت إكوتي ـ مقرها نيويورك ـ خسرت أكثر من 11 في المائة عبر محفظتين تديران إجمالا نحو عشرة مليارات دولار من الأصول.
انخفض صندوق "نورث بيك كابيتال" ـ مقره نيويورك ـ أكثر من 28 في المائة، وانخفض صندوق "برومر آند بارتنر مانتيكور" نحو 13 في المائة هذا العام، وفقا لأرقام مرسلة إلى المستثمرين.
الصناديق التي تراهن على الأسهم الأمريكية قلصت الفارق بين مراكزها الدائنة والمكشوفة ليقترب في الشهر الماضي من أدنى مستوياته منذ 2010، وفقا لملاحظة عميل من شركة مورجان ستانلي للوساطة.
ليس كل مديري الأسهم يعانون. جيمس هانبري، من "أودي أسيت مانجمنت" ـ مقرها لندن ـ كسب 8.1 في المائة في صندوق إل إف بروك أبسولوت ريتيرن هذا العام، على الرغم من احتفاظه بمراكز في روسيا تم تخفيضها إلى صفر أو بالقرب من الصفر، وفقا لوثائق المستثمرين التي اطلعت عليها "فاينانشيال تايمز".
الأمر الذي ساعد هانبري هو وجود مراكز في قطاع الطاقة والمراهنة ضد "أيه إم سي إنترتيمنت" المفضلة السابقة في أسهم الميم.