تساؤلات .. هل دخلت أمريكا حالة الركود؟ «1 من 2»

سيصدر مكتب التحليل الاقتصادي في الولايات المتحدة قريبا أو يكون قد أصدر تقديراته المسبقة لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من العام. هذا الإعلان المنتظر جعل المراقبين في حالة من الترقب الشديد، حيث يتوقع كثيرون أن يؤكد أن الاقتصاد الأمريكي انزلق إلى الركود في النصف الأول من عام 2022. لكن حتى لو بدا أن الإعلان يقول ذلك، فإن الواقع أكثر تعقيدا.
تستند تنبؤات الركود إلى افتراضين: الأول أن النمو في الربع الأول كان سلبيا، والثاني أن الركود يعرف على أنه ربعان متتاليان من النمو السلبي.
نتيجة لهذا، إذا أشارت التقديرات إلى أن النمو في الربع الثاني كان سلبيا، فقد تتفاعل أسواق الأسهم والسندات بالارتفاع في الأمد القريب. وقد يدفع الركود المستثمرين إلى الاعتقاد بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيخفف زياداته الحادة لأسعار الفائدة.
لكن هذا المنطق تشوبه ثلاثة عيوب رئيسة. أولا، ربما كان النمو إيجابيا في الربع الثاني، وربما كان سلبيا. صحيح أن تقديرات نموذج الناتج المحلي الإجمالي الآن التابع لبنك الاحتياطي الفيدرالي في ولاية أتلانتا تشير إلى معدل نمو سنوي في الربع الثاني بنسبة 1.5 في المائة بالسالب، استنادا إلى البيانات المتاحة حتى الـ 15 من يوليو. مع ذلك، قد يزعم بعض الاقتصاديين وأنا منهم أن النمو كان في الأرجح إيجابيا في الربع الثاني. لكن حتى لو كان تقدير مكتب التحليل الاقتصادي سلبيا، فإن هذا لا يعني بالضرورة أن الولايات المتحدة دخلت في حالة من الركود. وهذا لأن الركود في الولايات المتحدة لا يعرف على أنه ربعان متتاليان من النمو السلبي، وهذا هو العيب الثاني.
صحيح أن قاعدة الربعين المتتاليين تستخدم لتحديد ما إذا كان أغلب الاقتصادات المتقدمة، خاصة في أوروبا، في ركود. لكن هذا ليس المعيار الرئيس في كل الدول. ومن المؤكد أنه ليس المعيار في الولايات المتحدة، حيث تتولى لجنة تأريخ دورة الأعمال التابعة للمكتب الوطني للبحوث الاقتصادية اتخاذ هذا القرار، استنادا إلى مجموعة متنوعة من المؤشرات، وهو الدور الذي يعترف به رسميا مكتب التحليل الاقتصادي. “من الجدير بالذكر أن المؤسسات الخاصة غير الربحية، مثل المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، تنتج أيضا مؤشرات اقتصادية مهمة أخرى، مثل مؤشر ثقة المستهلك، ومؤشر مديري المشتريات”.
ربما يكون بوسعنا أن نقول إن النهج الذي يتبناه المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية أكثر دقة من قاعدة الربعين المتتاليين التبسيطية. تجلى هذا بوضوح، على سبيل المثال، في واقعة ركود عام 2001، وهي الواقعة التي لا ينطبق عليها اختبار الربعين، لأن نمـو الناتج المحلي الإجمالي كان سلبيا في الربعين الأول والثالث من ذلك العام، لكنه كان إيجابيا في الربع الثاني. لكن إذا نظرنا إلى مجموعة متنوعة من المؤشرات، خاصة تشغيل العمالة، فسيتبين لنا بوضوح أن الركود كان قائما بالفعل. وقد اعترف بذلك المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية.
لا يزال من الطبيعي أن ننظر إلى نمو الناتج باعتباره المؤشر الأكثر أهمية للركود. لكن حتى لو عملنا وفقا لقاعدة الربعين المتتاليين، فهناك عيب ثالث في افتراض دخول الولايات المتحدة حالة الركود في النصف الأول من عام 2022: خلافا للاعتقاد الشائع، لم يكن النمو في الربع الأول سلبيا بالضرورة... يتبع.
خاص بـ “الاقتصادية”
بروجيكت سنديكيت، 2022.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي