هيئة المحاسبة تطلق مشروعا إصلاحيا لمراقبة المنتجات المصرفية الإسلامية وتقويم انحرافاتها عن المسار الشرعي

هيئة المحاسبة تطلق مشروعا إصلاحيا لمراقبة المنتجات المصرفية الإسلامية وتقويم انحرافاتها عن المسار الشرعي

في خطوة وصفت بأنها قد تكون إحدى أهم العمليات الإصلاحية التي تشهدها صناعة المال الإسلامية منذ ثلاثة عقود، تنوي أكبر هيئة مختصة في تنظيم عمل المؤسسات المالية الإسلامية في العالم، إطلاق مبادرة إصلاحية، ذات بعد دولي، خاصة بمراقبة المنتجات المصرفية الإسلامية و تقويم انحرافاتها عن المسار الشرعي.

وتنوي هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، مقرها البحرين، مخاطبة المؤسسات المالية واستجماع آراء وتعليقات الصناعة حول دراستها الخاصة بمعرفة مدى التزام الأسواق الدولية بالمعايير الثمانين التي تصدرها الهيئة.
وتكمن أهمية المبادرة في كونها ينتظر منها أن تسهم في توحيد معايير الممارسات ضمن صناعة التمويل الإسلامي، وكان الانتقاد الرئيس الموجه ضد هذه الصناعة هو أنه لا يوجد أنموذج معياري موحد للتمويل الإسلامي، وإنما توجد عدة معايير لكل سوق محلية أو إقليمية إسلامية.
وتهدف الهيئة إلى مراقبة المنتجات الإسلامية بعد ظهور مؤشرات على انحرافها عن تعليمات الشريعة في خطوة استباقية ترجو من ورائها عدم تكرار "أزمة مالية" لا يوجدها القطاع المصرفي الإسلامي نفسه.
وترغب هيئة المحاسبة أن تستغل حقيقة كون العمل المالي الإسلامي لا يزال في بداياته، وعليه فهي لا يزال باستطاعتها بسط نفوذ تشريعاته عليه وجعلها تنمو على قواعد صلبة ومتينة. فهي تدرك أن "الانحراف عن مقاصد الشريعة" قد يؤدي إلى أمور كارثية تعصف بهذا القطاع كما حدث مع القطاع المالي التقليدي أو حتى مع السندات الإسلامية.

مرحلة حرجة
وقال بالا شانموجام، بروفيسور في الاقتصاد لدى جامعة موناش، إن الهيئة وجدت صناعة المال الإسلامية في موقف حرج بعد الأزمة المالية العالمية وتضارب الفتاوى التي نشب على أثرها أزمة الصكوك في السنة الماضية والتي لا تزال آثارها موجودة حتى الآن، وعليه اتخذت هيئة المحاسبة قرارا شجاعا بأن تمسك زمام هذه الصناعة، ما دام في استطاعتها ذلك، وأن تتقلد دورا هو ليس دورها في الأساس إلا أن "الحاجة أجبرتهم على ذلك".
وهنا يقول الدكتور محمد نضال الشعار الأمين العام لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية "للأسف لا توجد جهة تراقب عن كثب ما يجري في صناعة المال والصيرفة الإسلامية. وأسهم ذلك في إلقاء هذا الدور على كاهل البنوك المركزية من أجل تنظيم السوق ومراقبتها" ويتابع خلال كلمته التي ألقاها خلال قمة يوروموني الآسيوية للمالية الإسلامية "فالانحراف عن مقاصد الشريعة هو أمر خطير جدا. فيجب أن تكون هناك جهة تحدد هذا الانحراف ومن ثم تقوم بتقويمه. فإلى الآن السوق لا يتواجد فيها مثل هذه الجهة. وبالتالي فقد رأينا أن هيئة المحاسبة في إمكانها أن تقوم بهذا الدور ولو بشكل مؤقت، على الأقل لكي يتم ملء هذه الفجوة".

آلية عمل المبادرة
وكان الشعار قد فاجأ الحضور من مصرفيي آسيا والخليج عندما أعلن من قلب العاصمة الماليزية عن الدراسة التي تنوي الهيئة إجراءها لإصلاح منظومة العمل المصرفي الإسلامي. وقال الشعار إن هيئة المحاسبة تنوي إنشاء وحدة داخل منظومتها يعهد إليها بمراقبة الأسواق من أجل معرفة الدرجة التي تلتزم فيها المنتجات المصرفية العالمية بمعايير الهيئة التي أصدرتها.
ومنذ فترة والأسواق المالية الإسلامية تعاني في سبيل التوصل إلى اتفاق حول استخدام بعض الممارسات البنكية، وذلك بالنظر إلى التفسيرات المختلفة للأحكام الشرعية. وهذا يمكن أن يجعل من الصعب بيع المنتجات عبر الحدود، ولكن يقول البعض إن اختلاف الاجتهادات يشجع على الابتكار.
ولذلك تنوي الهيئة تقديم النصح وتعزيز التوافق والانسجام من أجل إزالة الانحرافات الشرعية الموجودة في المنتجات الإسلامية.

المنتجات الانحرافية
وأعرب الشعار أنهم قلقون من المنتجات الجديدة المثيرة للانتباه والتي ترغب الهيئة في التأكد من أنها مطابقة للشريعة. وألمح أن الخدع التي ارتكبت في العمليات المالية أجبرتهم على مراجعة الانحرافات التي ترتكب بحق منتجات مصرفية يزعم أنها إسلامية ولكنها بعيدة كل البعد عن ذلك. وأن هذه الانحرافات ليست مقصورة فقط على المنتجات المصرفية، بل تشمل جميع أدوات الاستثمار المالية الإسلامية.
وكشف الشعار لصحيفة "الاقتصادية" أنهم سيركزون على "موضوع التقليد والممارسات التي نراها في الجوهر هي انحرافات ولكن في الشكل هي مطابقة (يقصد للشريعة)". ويتابع "من السهل أنك تركب خدع في العمليات المالية. فنحن شاهدنا نتائج هذه الخدع في الأزمة المالية الحالية. فنحن نرى أننا لا نزال في بداية هذا العمل. وعليه فلابد أن يكون ذلك على أساس صلب ومتين، فالعمل المالي الإسلامي مبني على الصدق والأمانة. وهذا ما يحفزنا للعمل على ذلك".

الأكثر قراءة