أوساط المال الإسلامية تتفائل بدعم إدارة أوباما للصيرفة الإسلامية في الولايات المتحدة
صحة الاقتصاد الأمريكي في تراجُع. وكانت مظاهر الالتهاب تتمثل في الانقباض الائتماني، والإفلاس، وعمليات الإنقاذ، والركود الاقتصادي. لحسن الحظ فإن الجهات الآسيوية والخليجية التي تلقت "المصل الإسلامي" تمكنت من النجاة. ورغم أنها لم تنجُ دون أضرار، إلا أنها في المقابل لم تتعرض للانهيار في هذا الإعصار المالي. و لكن هل يا ترى سيقتنع الكونجرس الأمريكي بالمصل الإسلامي؟
أكد مطلعون في صناعة التمويل الإسلامي أنهم متفائلون بمستقبل التمويل الإسلامي في عهد إدارة أوباما. وأشاروا إلى أن جهود وزارة الخزانة سيتم تعزيزها من قبل الرئيس الذي يحمل خلفية إسلامية. و بالرغم من عقبة الجماعات اليمينية وعامل اضمحلال ثقافة الشعب الأمريكي بثقافة التمويل الإسلامي، إلا أن أحد الفقهاء الماليزيين طالب بحصول وزارة الخزانة على دعم الكونجرس الأمريكي من أجل دفع عجلة هذه الصناعة في الولايات المتحدة. في حين كشف داود فيكاري عبد الله، استشاري التمويل الإسلامي لدى شركة Deloitte العالمية للمحاسبة والتدقيق، أن بعض المصادر بداخل وزارة الخزانة قد أخبرته بالحرف الواحد أنهم "جاهزون للانطلاق (يعني تقديم المالية الإسلامية) إلا أننا بحاجه إلى قرار سياسي".
وواصل فيكاري، إنني متشجع بوجود الرئيس الأمريكي الحالي. حيث يواجه الكثير من التحديات، وفي "اعتقادي أن صناعة التمويل الإسلامي موجودة على أجندة أوباما وسنشهد تحركاً كبيراً على هذا الصعيد قبل مضي وقت طويل". وأشار عن قيام بعض مسؤولي الخزانة برحلات مكوكية بين واشنطن وكوالالمبور من أجل الاستعانة بالخبرات الماليزية "بطريقة غير رسمية.
مائدة السفير
وتابع فيكاري "إنني مطلع على الأنشطة الأخيرة لوزارة الخزانة الأمريكية، حيث قام بعض كبار المسؤولين فيها بزيارة ماليزيا بشكل خفي وبعيدا عن وسائل الإعلام، وقد أجريتُ محادثات عديدة معهم على مائدة العشاء التي أقيمت في منزل السفير الأمريكي. وقد لمست أن لديهم اهتماماً كبيراً بهذه الصناعة, فالولايات المتحدة لا تتحمل مسألة خروجها من هذه السوق".
دعم الكونجرس
و لكن لماذا على الكونجرس الأمريكي أن يتبنى ملف التمويل الإسلامي مع وزارة الخزانة ويخرجان به إلى العلن بدلا من تداوله بعيدا عن أعين الإعلام؟
وحاول الفقيه العالمي محمد داود بكر استخدام حجة الدليل العقلي من أجل إقناع صناع القرار في الكونجرس، حيث يقول "قد تدفع التحركات الأوروبية الكونجرس الأمريكي للنظر في تشجيع نمو "جذور" صناعة المال الإسلامية في الولايات المتحدة".
ويتابع رئيس مركز أماني لتعليم المالية الإسلامية في دبي "نظام التمويل الإسلامي أكثر شفافية من أي نظام مالي آخر في العالم لأنه يوجب الإفصاح عن كل شيء: عن الموجودات، وعن المشترين والبائعين وهكذا. وفي بعض الأحيان، لا تكون الحال كذلك مع نظام التمويل التقليدي. ذلك أنه ينبغي عليك في نظام التمويل الإسلامي أن تبتعد عن الغرر".
وعليه، فإن هذا النظام، والحديث لداود، يوفر لك سبيلين للإفصاح هما الإفصاح بموجب الأنظمة القانونية التقليدية، والإفصاح بموجب الشريعة الإسلامية. وهذا الإفصاح سيسهم في حل مشكلتي الأموال التي تذهب إلى الطرق غير الشرعية وغسيل الأموال لأنه يتعين علينا أن نحدد المشتري، والبائع، والوسيط والسعر.
حرق الأنامل
ولكن هل تنجح الولايات المتحدة في استمالة المستثمرين الشرق أوسطيين بورقة التمويل الإسلامي؟ يقول أبرار مير، كبير الإداريين التنفيذيين، إن بي دي سانا كابيتال، "الولايات المتحدة ليست هي السوق التي يبحث عنها المستثمرون الخليجيون وذلك لثلاثة أسباب هي:
1 - أننا نعتقد أن الولايات المتحدة ستمر بوقت عصيب، ونتيجة لذلك فإن الناس ينظرون بسلبية إلى ذلك.
2 ـ لقد خسر العديد من المستثمرين من بلدان مجلس التعاون الخليجي "أطنان" من الأموال هناك، ولذلك فإنهم يخشون من أن "تحرق" أيديهم مرة ثانية.
3 ـ ويواصل، لدى العديد من المستثمرين شعور بأن السوق الأمريكية انقلبت عليهم، ويستشهدون على ذلك بما حدث مع شركة موانئ دبي العالمية.
معلوم أن الولايات المتحدة تبحث الآن بكل ما أوتيت من قوة عن "علاجات" بديلة لاقتصادها المعتل، بما في ذلك إمكانية الاستعانة بالمصرفية الإسلامية.
وفي السنة الماضية نظمت وزارة الخزانة الأمريكية، حلقة بحث حول التمويل الإسلامي. وكان هدف هذا المؤتمر المصغر، هو المساعدة على تثقيف أصحاب العلاقة من صانعي السياسة الأمريكية بالخدمات المالية الإسلامية.
وبالرغم من الدعم الحكومي الصامت للمالية الإسلامية، إلا أن الجهات اليمينية تقف بالمرصاد في ظل استغلالها الجيد لوسائل الإعلام اليمينية. يقول يوسف طلال دولرنزو، كبير الإداريين الشرعيين في شركة شريعة كابيتال، والذي كان أحد المتحدثين في حلقة البحث: "تعرضت حلقة البحث المذكورة لعدد كبير من المقالات الصحافية التي هاجمتها، من الجماعات اليمينية في واشنطن، حيث عقدت مؤتمراً صحافياً أدانت فيه وزارة الخزانة الأمريكية بسبب سقوطها ضحية للمصرفية الإسلامية، التي تعد، في رأيهم، غطاء سرياً لأعمال الإرهاب".
ليختبروا منتجاتنا
"وفي سياق تعليقه على الجهود المناوئة لنشر ثقافة التمويل الإسلامي من قبل الجهات اليمينية المتشددة يقول الفقيه الماليزي داود "نرى أن يكون هناك نقاش مفتوح لإجراء مناقشات في الجامعات وفي مجلس الشيوخ والكونجرس، بحيث ترى الأطراف الأمريكية أرقام النمو صناعة التمويل الإسلامي والتشريعات التي لدى صناعتنا". ويواصل " ليقوموا باختبار أدوات الاستثمار الإسلامية على معاييرهم التقليدية، وبعد أن تتجاوز معاييرهم، سيقبلون بالنظام (يقصد الإسلامي) بكل رضا.. فإذا كان المنتج الإسلامي أقل من معاييرهم، عندها لا داعي للدخول في قطاع المصرفية الإسلامية. ولكن إذا اجتاز المنتج جميع معاييرهم، فإنني أعتقد أنه لن تكون لديهم أسباب أخرى لرفض هذا النوع من المنتجات، لأنها، بحسب النظرة الغربية، منتجات مالية قبل أن تكون منتجات إسلامية.