منتدى المحتوى المحلي .. منصة لرفع الوعي ونقل المعرفة والتجارب
اتخذت المملكة العديد من الخطوات المهمة منذ أن ظهر مصطلح المحتوى المحلي الذي انبثق من المستهدفات الطموحة لرؤية السعودية 2030، التي تسعى لتنمية المحتوى المحلي، حيث جاء في مقدمتها تأسيس هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية في نهاية عام 2018.
وفور إنشائها أدرجت الهيئة متطلبات المحتوى المحلي للمرة الأولى في نظام المنافسات والمشتريات، وأصدرت لائحة تفضيل المحتوى المحلي والمنشآت الصغيرة والمتوسطة والشركات المدرجة في السوق المالية في الأعمال والمشتريات. وبهدف ترسيخ مفهوم المحتوى المحلي على صعيد جميع الشرائح الاقتصادية؛ بذلت الهيئة جهوداً متواصلة لتعزيز الوعي بآليات المحتوى المحلي وأدواته، بما يضمن تطبيقها بالشكل الصحيح.
وتتويجًا لهذه الجهود؛ جاء منتدى المحتوى المحلي الذي نظمته الهيئة بمشاركة القطاعين العام والخاص، ليشكل منصة لرفع الوعي، ونقل المعرفة والتجارب في تنمية المحتوى المحلي وتطويره. واستطاع المنتدى على مدى يومين أن يكون جسراً لنقل المعارف والتجارب، وعنصر ربط فاعلاً بين مختلف المجالات.
وتضمنت التجارب النجاحة التي تم تقديمها في المنتدى؛ تجربة أرامكو في تنمية المحتوى المحلي، حيث قدمت لحضور المنتدى قصة برنامج "اكتفاء" الذي يعد أول برنامج توطين محلي متكامل يسهم في تسريع وتيرة تطور المنظومة الصناعية والخدمية. فالبرنامج نجح في رفع نسبة النمو في عمليات الشراء من الموردين المحليين إلى 30% ، وارتفع عدد الكوادر السعودية في سلسلة إمداد "أرامكو" إلى 100 ألف موظف وموظفة، وساهم في زيادة معدل استثمارات الموردين في الشركات الصغيرة والمتوسطة بمعدل 50% ، وارتفاع معدل الصادرات الوطنية إلى أكثر من 40 دولة.
وفي قطاع الطيران عملت الشركة السعودية لهندسة وصناعة الطيران "SAEI" على رفع القدرات واستغلال الفرص في تنمية المحتوى المحلي من خلال أكبر منشأة من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تضم مجمع طيران فريداً من نوعه، وزيادة حجم القوى العاملة من 7 آلاف إلى 10 آلاف وظيفة، واستقطاب قادة الصناعة من مصنعي المعدات الأصلية والموردين، إضافةً إلى تطوير مخازن لسلاسل التوريد تعادل 28 ملعب كرة قدم، ونقل صيانة الطائرات من خارج المملكة إلى داخلها، وتطوير مركز التميز الدولي لتجهيز المحركات لاستيعاب 31 طائرة في وقت واحد.
وقدّمت شركة سابك تجربتها في تنمية المحتوى المحلي؛ من خلال "وحدة المحتوى المحلي وتطوير الأعمال" التي أسستها الشركة لتكون محركا فاعل لدعم الفرص الواعدة في تنمية الصناعة المحلية، هذه الوحدة انبثق منها مبادرة "نساند" المعنية بتعزيز توطين مشتريات "سابك" من المواد والخدمات، وخلق فرص استثمارية في الصناعات التحويلية لمنتجات الشركة وتطوير القوى العاملة، وقد ساهمت سابك بمجموعة إنجازات لتنمية المحتوى المحلي وتوطين المشتريات من عام 2019م إلى 2021م منها إدراج متطلبات المحتوى المحلي في 56 عقداً بقيمة تجاوزت الـ 6 مليار ريال، تقدر قيمة المحتوى المحلي فيها 3.3 مليار ريال، بالإضافة إلى تعزيز الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 11 مليار ريال من خلال المشاريع المتخرجة من مباردة نساند، فيما بلغ إجمالي المشتريات التي قامت بها الشركة من السوق المحلي 38.6 مليار ريال، وساهمت جهود سابك على صعيد تمكين الكوادر الوطنية كأحد أهم عناصر المحتوى المحلي بخلق أكثر من 15.5 ألف وظيفة وتقديم أكثر من 73 ألف ساعة تدريب.
وفي قطاع الاتصالات، استطاعت مجموعة stc، من خلال برنامج "روافد"، أن تصل بمؤشر تنمية المحتوى المحلي إلى أكثر من 40%، ما يعادل 12 مليار ريال، وتوفير فرص استثمارية لتوطين الصناعة بقيمة 6.68 مليار ريال، وإطلاق مشاريع عالية القيمة بنحو 18 مليار ريال.
أما "نيوم"، فقد تبنّت برنامج المحتوى المحلي المقدم من هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية، وعملت على تضمين متطلبات المحتوى المحلي في منافسات "نيوم" وعقودها، وتبلغ نسبة المحتوى في مشاريعها أكثر من 45%، فيما وصلت نسبة المقاولون المحليين 90% .
من بين التجارب الناجحة التي استعرضها المنتدى في تنمية المحتوى المحلي وتطويره، تجربة الجسر البري، حيث شكلت الهيئة العامة للنقل فريق عمل متخصصاً لتضمين المحتوى المحلي بالمشروع، ويستهدف المشروع الوصول إلى 59% في أعمال الحفر و63% في أعمال الإنشاءات، و23% في أعمال السكة الحديد، و42% في أعمال الإرشادات والتحكم، لتصل نسبة المحتوى المحلي المستهدفة في مشروع الجسر البري من 41% إلى 60% .
وكان لورش العمل بمنتدى المحتوى المحلي دور رئيس في دعم عمليات نقل المعرفة للمحتوى المحلي بين مختلف المؤسسات والقطاعات، حيث احتضن المنتدى مجموعة من ورش العمل بمشاركة 8 جهات من القطاعين الحكومي والخاص والقطاع الثالث غير الربحي ووصل عدد الحضور إلى قرابة 600 شخص. وتطرقت ورش العمل إلى تحديد آليات تفضيل المحتوى المحلي من خلال إطلاق برامج لتعزيز قيمة المنتج المحلي وتوطينه، وخلق فرص أكبر لاستثمارات المنشآت الصغيرة والمتوسطة وإعطائها الأولوية في المشاريع الحكومية والشركات التابعة لها، وذلك وفقاً للسياسات التي أقرتها هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية، وأسلوب التعاقد الجديد "المستحدث"، لتوطين الصناعة ونقل المعرفة.
وتناولت الورش الدور الذي تؤديه برامج المحتوى المحلي في زيادة عدد المورّدين المحليين، وتطويرهم وتحسين كفاءة وفاعلية قدرات سلاسل الإمداد المحلية، وزيادة القدرات التنافسية، وتحقيق الاستدامة عن طريق خلق الوظائف الجديدة، وتحسين جودة الحياة، وخفض التكاليف، ورفع مستوى السلامة والأمان والكفاءة التشغيلية، وتعزيز التقنية وبناء كوادر وطنية مؤهلة. وركزت الورش على تعريف الحضور بالممارسات المتبعة لإنشاء برنامج للمحتوى المحلي، وكيفية تطوير المبادرات وتحديد الشراكات والاستفادة من أدوات وأساليب تنمية المحتوى المحلي المختلفة.
وكانت هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية أعلنت عن ختام أعمال منتدى المحتوى المحلي الذي استمرت أعماله على مدى يومين بهدف استعراض الإنجازات والمبادرات الوطنية في تنمية المحتوى المحلي، إضافةً إلى تعزيز الشراكات الاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص، واستعراض أكثر من 200 فرصة و60 مبادرة والتي من شأنها تنمية المحتوى المحلي في مختلف القطاعات المحلية.