وفاة واحدة لكل 200 حالة مصابة بإنفلونزا الخنازير .. والمرض قد ينتقل بالمصافحة

يدور في أذهان كثيرين جملة من الأسئلة المتعلقة بمرض إنفلونزا الخنازير الذي انتشر أخيراً في مختلف دول العالم، وطريقة انتقاله بين البشر، ومتى يكون هذا الفيروس قاتلا، إلى جانب الفرق بينه والإنفلونزا البشرية العادية، وهل انتشار الفيروس انعكس سلبيا على حركة قطاعي السفر والسياحة سواء كانت الخارجية أو الداخلية؟
"الاقتصادية" جمعت هذه التساؤلات وقدمتها لمختصين في الأمراض المعدية، والقائمين على وكالات السفر والسياحة في المملكة.
يقول الدكتور طارق مدني أستاذ الطب الباطني والأمراض المعدية في كلية الطب، إن إنفلونزا الخنازير شبيه جدا بالإنفلونزا العادية البشرية، وربما تكون أقل منها ضراوة لأن نسبة الوفيات فيها أقل، مشيرا إلى أن نسبة الوفيات بهذا الفيروس بلغت 0.5 في المائة، أي حالة وفاة واحدة لكل 200 شخص.
وأوضح في حديث إلى "الاقتصادية" أن كبار السن إضافة إلى الأشخاص المصابين سلفا بضعف في المناعة أو أمراض في القلب أو الكبد أو الكلى أكثر عرضة للوفاة أو الإصابة بمضاعفات إنفلونزا الخنازير، بينما لا خوف على الإنسان الذي يتمتع بصحة جيدة أو صغير في العمر بسبب القوة في مناعته مما يجعله أقل عرضة للوفاة.
ولفت إلى أن الفرق بين إنفلونزا الخنازير والعادية البشرية أن الأولى جديدة على العالم الذي ليس لديه دارية وتفاصيل عن المرض، متوقعا في الوقت ذاته أن ترتفع حالات الإصابة بهذا المرض.
#2#
فيما قالت منظمة الصحة العالمية إن إنفلونزا الخنازير مرض تنفسي حاد وشديد الإعياء يصيب الخنازير ويسبّبه واحد أو أكثر من فيروسات إنفلونزا الخنازير من النمط A ويتسم هذا المرض، عادة، بمعدلات مراضة عالية ومعدلات إماتة منخفضة.
وأوضحت المنظمة أن الفيروس المسبّب للمرض ينتشر بين الخنازير عن طريق الرذاذ والمخالطة المباشرة وغير المباشرة والخنازير الحاملة للمرض عديمة الأعراض. ويُسجّل وقوع فاشيات من هذا المرض بين الخنازير على مدار السنة، مع ارتفاع نسبة حدوثها في موسمي الخريف والشتاء في المناطق المعتدلة المناخ. ويميل كثير من البلدان إلى تطعيم أسراب الخنازير ضد هذا المرض بشكل روتيني.
وأشارت إلى أن الحجم الحقيقي لهذا المرض بين البشر لا يزال مجهولاً، وتابعت: "تم الإبلاغ من حين لآخر، عن وقوع فاشيات وحالات متفرقة من العدوى البشرية بإنفلونزا الخنازير، وتتساوق الأعراض السريرية لهذا المرض، عادة، مع أعراض الإنفلونزا الموسمية، غير أنّ نطاق السمات السريرية المُبلغ عنها يراوح بين عدوى عديمة الأعراض والتهاب رئوي وخيم يؤدي إلى الوفاة."
وأضافت: "بسبب تشابه السمات السريرية النمطية لإنفلونزا الخنازير التي تصيب البشر مع الإنفلونزا الموسمية وغيرها من أنواع العدوى الحادة التي تصيب السبيل التنفسي العلوي، الكشف عن معظم الحالات بمحض المصادفة بفضل أنشطة ترصد الإنفلونزا الموسمية، ومن المحتمل أنّ الحالات المعتدلة أو عديمة الأعراض قد أفلتت من عملية الترصد ولم يُكشف عنها".
وتطرقت إلى أنه لا يوجد أيّ لقاح يحتوي على فيروس إنفلونزا الخنازير الراهن الذي يصيب البشر، ولا يُعرف ما إذا كانت اللقاحات المتوافرة حالياً لمكافحة الإنفلونزا الموسمية قادرة على توفير حماية ضد هذا المرض، ذلك أنّ فيروسات الإنفلونزا تتغيّر بسرعة فائقة، ومن الأهمية بمكان استحداث لقاح ضد السلالة الفيروسية التي تدور حالياً لتوفير أعلى مستوى ممكن من الحماية للأشخاص المُطعّمين، وعليه لا بد للمنظمة من الحصول على أكبر عدد ممكن من الفيروسات للتمكّن من اختيار أنسب فيروس لاستحداث لقاح مرشح.
وأفادت أن حالات إنفلونزا الخنازير التي سُجلت في الماضي بين البشر كانت معتدلة عموماً، ولكن من المعروف أنّ تلك العدوى تسبّبت في وقوع مرض وخيم مثل الالتهاب الرئوي. غير أنّ السمات السريرية التي تطبع الفاشيات التي ظهرت في أمريكا والمكسيك مختلفة عما سُجل من قبل، والمرضى يشفون دون أية رعاية طبية.
بينما قال لـ"الاقتصادية" الدكتور عبد الله الحقيل عضو اللجنة العلمية في وزارة الصحة ورئيس قسم مكافحة العدوى في مستشفى الملك فيصل التخصصي واستشاري الأمراض المعدية والفيروسية، إن إنفلونزا الخنازير لا تكون قاتلة إلا إذا كانت الحالة الصحية للمصاب غير جيدة كأن يكون لديه مشكلات في الجهاز المناعي، إضافة إلى الكبار في السن.
وفيما يتعلق بارتفاع معدلات درجات الحرارة وانعكاساتها على إنفلونزا الخنازير، أكد عدم وجود شيء يثبت بشكل علمي قاطع، مع العلم أن نشاط الفيروس يكون أكثر في وقتي الشتاء والخريف. وتابع: لا أعتقد أن يؤثر مرض الإنفلونزا على الحركة السياحية الدينية في المملكة، لأن منظمة الصحة العالمية لم تصدر توصيات بتقييد حرية السفر.
وأوضح أن المملكة ستشهد حالات إصابة بمرض إنفلونزا الخنازير وهو على حد قوله "متوقع"، ولا سيما أن طريقة انتشار المرض توحي بذلك، وقال"إنفلونزا الخنازير ليست بتلك الخطورة التي يتوقعها الناس، الإمكانات الطبية متوفرة بشكل عال". وعن علامات الإصابة بإنفلونزا الخنازير ذكر الحقيل، ارتفاع الحرارة، احتقان الأنف مصحوب بالعطاس، وفي حالات قليلة هناك غثيان وإسهال، مشيرا إلى أنه ينتقل عن طريق الرذاذ المتطاير من العطس أو الكحة لأقل من مترين للشخص المقابل للمريض، وقال إنه قد ينتقل من المصافحة إن كانت الأيدي فيها رذاذ من الفم أثناء العطاس أو الكحة.
وأوضح أن مرض إنفلونزا الخنازير أقل ضراوة من الإنفلونزا البشرية ومعدل الوفيات في الإصابة أقل من تلك التي تحدثت بسبب الإنفلونزا البشرية، إلا أن التركيز الإعلامي خصوصا في بدايات المرض أعطى انطباعا خاطئا بأن المرض خطير وقاتل.
وفي شأن متعلق بالحركة السياحية والسفر خلال الصيف، قال لـ"الاقتصادية" ناصر الطيار رئيس مجلس إدارة مجموعة الطيار للسفر والسياحة، إن هناك انخفاضا في أعداد السياح المسافرين لصيف هذا العام نظرا لقصر الإجازة وخصوصا أنها ضمن شهر رمضان، مستبعدا في الوقت ذاته أن يكون انخفاضها لانتشار بعض الأمراض والأوبئة كمرض إنفلونزا الخنازير الذي ظهر قبل نحو شهرين، وذلك لأن السياحة خلال الأعوام الماضية جاء في أوقات يشهد فيه العالم أمراضا عديدة كسارس وإنفلونزا الطيور إذ لم يمنع كثير من الأسر من السياحة والسفر.
فيما استبعد مهيدب المهيدب المدير العام لشركة الصرح للسياحة والسفر أن يكون للمرض أي تأثير في حركة المسافرين أو تغيير وجهات السفر لأن الدول التي انتشر فيها المرض كالمكسيك ليست ضمن الوجهات السياحية المطلوبة للسعوديين، فالسياح تعودوا على سماع أخبار الأمراض والأوبئة في كل عام قبل بداية الصيف كمرض السارس قبل عدة أعوام ثم إنفلونزا الطيور وإنفلونزا الخنازير هذا العام".