شباب إيران الغاضبون: لا بديل عن إسقاط النظام
نرجس، شابة إيرانية متظاهرة، تمشي بثقة بين صفوف شرطة مكافحة الشغب في طريقها إلى العمل بشعر طويل أسود مموج واضح للعيان.
في بلد آخر، سيكون مظهرها غير ملحوظ، لكن في الجمهورية الإسلامية التي لديها قواعد صارمة حول ما يمكن للمرأة أن ترتديه في الأماكن العامة، لا يمكن تصوره. والأكثر غرابة هو الرد، لا شيء.
أصبح هذا التحدي الصارخ لارتداء الحجاب الإلزامي في الأماكن العامة أمرا طبيعيا جديدا - وهو أمر لم تكن النساء مثل نرجس تتخيله قبل وفاة مهسا أميني المأساوية قبل شهر.
توفيت الشابة الكردية البالغة من العمر 22 عاما في حجز شرطة الآداب في 16 أيلول (سبتمبر) بعد مزاعم بانتهاكها قواعد الزي الإسلامي. أثارت وفاتها غضب الإيرانيين وفجرت احتجاجات على مستوى البلاد أدت بدورها إلى رد فعل عنيف وقاتل من الدولة.
لقد فاجأ جيل ما بعد الألفية البلد -والعالم- برفضه التراجع خلال واحدة من أوسع المظاهرات المناهضة للنظام وأطولها أمدا في تاريخ الجمهورية الإسلامية.
أصبحت "المرأة، الحياة، الحرية" صرخة معركة الشبان والشابات في الشوارع والجامعات والمدارس. يقول المتظاهرون إن هدفهم النهائي هو الإطاحة بالجمهورية الإسلامية لمصلحة نظام علماني ديمقراطي، حتى لو كان الثمن هو حياتهم.
إنهم يواجهون نظاما مدعوما بمؤسسات ضخمة، كنخبة الحرس الثوري وشبكة متعددة الطبقات من الموالين ورجال الأعمال الذين تعتمد مصالحهم على استمرار الوضع الراهن. إلا أن الاحتجاجات تمثل تحذيرا خطيرا لحكام إيران بأنهم يتصارعون مع جيل مختلف، كثيرون منه لا ينتمون إلى أيديولوجية النظام وغاضبون لحرمانهم من الحريات اليومية والفرص المتاحة لأقرانهم في الدول الأخرى.
لدى حركتهم القدرة على إلهام مزيد من المظاهرات والإضرابات مع تفاقم أزمة تكلفة المعيشة، الأمر الذي يمثل أحد أهم التهديدات لهيمنة الجمهورية الإسلامية على مدى 43 عاما.
يرفض كبار القادة -علنا على الأقل- فكرة أن الاحتجاجات المناهضة للنظام هي نقطة تحول تاريخية ولا يبدون أي علامات على تقديم أي تنازلات هيكلية أو دستورية. ولا يتوقع المحللون أن يعيد النظام التفكير في المرشد الأعلى باعتباره السلطة المطلقة، أو في عدائه للولايات المتحدة، أو استعراض عضلاته في الشرق الأوسط، أو توسيع البرنامج النووي.
يقول المتظاهرون الذين لديهم طموحات راديكالية لمستقبل بلادهم، إن زمن المبادرات السياسية العفوية قد ولى. لقد أثار هذا المأزق قلق عديد من الإيرانيين بشأن الأيام الصعبة المقبلة.
للمواجهة تداعيات على استقرار البلاد على المدى الطويل. ففي بيان مشترك، شبه خمسة اقتصاديين بارزين الصوت المتنامي من أجل التغيير بـ"فيضان كان يهدر لكنه واجه بوابات سدت طريقه". ويقولون إن الخيار الذي أمام القادة السياسيين هو إما فتح الطريق وإما انفجار البوابات وإطلاق سيل من الاضطراب.
يلاحظ الاقتصاديون أن انتشار الفقر وفساد أولئك المرتبطين بالنظام وتراجع المشاركة السياسية في الأعوام الأخيرة أضعف الوضع الاجتماعي الأساسي وعزز الشعور باليأس. إضافة إلى ذلك، انخفض مستوى رفاهية العائلات الإيرانية في المتوسط بـ37 في المائة خلال العقد الماضي، ما أدى إلى تقلص الطبقة الوسطى.
ترى نرجس (27 ربيعا) أن هذه الصورة القاتمة هي التي تجعل معركة جيلها حتمية، المستقبل المزدهر الذي تحلم به، المليء بالمرح والبهجة، لا يمكن تحقيقه في ظل حكم الملالي.
تقول، "إنني أثمن الخروج دون حجاب وقوات النظام تتجاهلني تماما بينما يقول المارة برافو لنساء مثلي. لكن هذا النظام ألحق بنا ضررا لا يمكن إصلاحه منذ طفولتنا. وانهياره فقط يمكن أن يساعدنا على إنهاء عدم المساواة بين الرجال والنساء والحصول على الحرية لمزاولة أبسط الأشياء العادية ".
جيل الاضطرابات
لطالما كانت إيران تتمتع بثقافة احتجاجية قوية، وهذه أحد أعراض الصراع الداخلي في البلد للانتقال من مجتمع تقليدي إلى مجتمع عصري.
لقد تم تشكيل تاريخها المعاصر من خلال جيوب الاضطرابات الاجتماعية المنتظمة وعديد من الانتفاضات من بينها ثورتان -واحدة دستورية منذ أكثر من قرن وثورة 1979.
لقد أصبح التحول البطيء نحو مزيد من الحداثة ومزيد من التقدم للمرأة أكثر إلحاحا مع نفاد صبر الجيل الجديد. فقد أظهر آخر إحصاء وطني قبل ستة أعوام أن أولئك الذين تراوح أعمارهم بين عشرة و24 عاما يشكلون نحو 22 في المائة من السكان البالغ عددهم 80 مليون نسمة. وتتناقض قيمهم بشكل حاد مع قيم قادة إيران المتقدمين في السن ـ بعضهم في التسعينيات من عمرهم.
زيادة عدد السكان المتعلمين بشكل متزايد، بمن فيهم النساء اللائي يشغلن نحو 60 في المائة من المقاعد الجامعية، والتنمية الحضرية سريعة الخطا، والوصول الأوسع إلى الإنترنت والهواتف الذكية، رفعت من سقف توقعات الجمهور.
الشباب يريدون حكومة عادلة تتمتع بالشفافية، ورفاهية أفضل، ووظائف لائقة، فضلا عن القدرة على السفر إلى خارج البلد والتمتع بعلاقات صحية.
يقول جيل ما بعد الألفية الإيراني، الذي نشأ على الإنترنت والتلفزيونات الفضائية، إن الأشياء التي يقاتلون من أجلها لا تتوافق مع نظام يطالب بنمط حياة يشمل الزواج المبكر وزيادة عدد الأبناء. لكن حماية النمط الذي يطالب به النظام أمر ضروري لإرضاء الملايين من الموالين المتحمسين الذين يمثلون إحدى ركائز قوته الرئيسة.
حذر اللواء محمد باقري، رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، قادته العسكريين من أن "الأساليب التقليدية لن تنجح بعد الآن" إذا أرادت السلطة إحباط التهديدات كتلك التي تغذيها وسائل التواصل الاجتماعي، واضعا حركة الاحتجاج كجزء من معركة أوسع ضد النفوذ الأجنبي.
قال، "إننا نواجه اليوم تهديدات متعددة، عسكرية وثقافية، ظهرت حديثا وأحيانا غير معروفة من العدو الذي يستهدفنا إما بشكل متزامن وإما في توليفات مدروسة. علينا أن نكون مستعدين لحرب هجينة وهي عمل ثقيل ومعقد بشكل غير عادي لنا ولقادة القوات المسلحة".
أحمد زيد أبادي، محلل سياسي إصلاحي وسجين سياسي سابق، قال في مقابلة مع وكالة أنباء "إيلنا" شبه الرسمية، "إن جزءا من النظام يعتقد أن السلطة والكرامة والثروة ملك للأشخاص داخل النظام والموالين له (...) بينما ليس لدى باقي الناس حقوق كتأسيس أحزاب سياسية أو الترشح للانتخابات أو المشاركة في صنع القرار وبالتالي ليس لديهم الحق في الاحتجاج".
هذا هو النظام السياسي الذي يحاول المتظاهرون مقاومته، وكثير منهم ينتمون إلى الطبقة الوسطى المدنية حيث كان ينظر إليهم، حتى عهد قريب، على نطاق واسع على جميع مستويات المجتمع على أنهم مدللون ورغباتهم مشبعة من قبل عائلاتهم المحظوظة والمتعلمة.
وهم يقفون الآن أمام شرطة مكافحة الشغب غير خائفين من التعرض للقتل. فعلى مدار الشهر الماضي، لقي أكثر من 40 متظاهرا حتفهم، وفقا للتلفزيون الرسمي، فيما تقول منظمة العفو الدولية، إن 144 رجلا وامرأة وطفلا فقدوا حياتهم، بينهم 20 مراهقا وثلاث فتيات.
بحسب بيجان عبد الكريمي، أستاذ الفلسفة في جامعة آزاد الإسلامية، الفشل في فهم شباب هذا البلد هو أحد الأخطاء. قال لصحيفة "اعتماد" الإصلاحية، "هذا الجيل متمرد ولا يقبل سلطة الآخر سواء أكان الأب في المنزل أو المعلمين في المدرسة أو الجامعة. إنه جيل لا يقبل سلطة الرجال على النساء ويحارب التقاليد ويشكك في جميع مبادئه (...) ومن أسوأ الطرق للتعامل معه هي تلك التي تستخدم الأساليب البوليسية والعسكرية والأمنية".
تراكم الشعور بالغضب
مع ذلك، المعارضة لا تقتصر على جيل الشباب. وقعت على الأقل ثلاثة احتجاجات كبرى أخرى منذ 2009 تقودها الطبقات الوسطى والعاملة قتل فيها المئات من الناس. وقد تكررت الاحتجاجات من قبل المزارعين، والمدرسين، والمتقاعدين، والعمال.
جاءت الأزمة الأخيرة بعد عقود من الشعور بخيبة الأمل في أن يحدث القادة السياسيون التغيير. قوبلت الإصلاحات السياسية التي بدأها محمد خاتمي في 1997، رئيس الجمهورية آنذاك، بمقاومة من المتشددين. وبعدها، جاء الرئيس الوسطي حسن روحاني مع وعده باقتصاد أكثر فاعلية بموجب الاتفاق النووي الذي وقعته حكومته مع القوى العالمية في 2015. لكن الاتفاق انهار في 2018 عندما انسحبت منه الولايات المتحدة، تحت إدارة ترمب.
وجاء انتخاب الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي العام الماضي بمنزلة السقوط إلى مستوى جديد، إذ بلغت نسبة المشاركة 48.8 في المائة، وهي واحدة من أقل المشاركات التي تم تسجيلها بعد أن منع المنافسون الرئيسون من الترشح. وكانت هذه هي اللحظة التي قالت فيها الجماعات المؤيدة للديمقراطية إن الطريق إلى أي إصلاحات وصل إلى نهاية مسدودة.
قال مهدي بهبادي، رئيس وكالة استطلاع رأي الطلاب الإيرانيين شبه الرسمية "آي إس بي أيه"، إن الأغلبية العظمى من الإيرانيين تضمر "الغضب" تجاه الجمهورية الإسلامية، وهو يرى أنه "من العوامل التي بلغت مستويات خطيرة". أضاف أن متوسط عمر المتظاهرين آخذ في الصغر أيضا، ويشمل من هم دون الـ20 عاما، في حين أن عدد النساء المتظاهرات "قريب جدا" من عدد الرجال. "في كل مرة تندلع فيها الاحتجاجات على نطاق واسع، فإنها تهدأ في الظاهر فقط بينما يتراكم الغضب ويزداد مستوى العنف في المرات التالية".
يعتقد بهبادي أيضا أن عدد المتظاهرين في الأعوام الأخيرة لم يمثل سوى "نسبة ضئيلة من الغاضبين"، لأن كثيرين يعتقدون أن التاريخ أظهر أن خطر المشاركة في المظاهرات يفوق المنفعة المترتبة عليها.
أيلا، طالبة هندسة حاسوب تبلغ من العمر 19 عاما، تشعر بالتعاطف لكنها اختارت عدم الانضمام إلى الاحتجاجات في جامعتها. قالت، "أود أن أرى زوال الجمهورية الإسلامية لأنني لا أرى لنفسي مستقبلا في وطني وسط كل هذا الظلم والتمييز بين الجنسين والمنظور الاقتصادي الكئيب والمواهب الضائعة. لكنني لا أرى خيارا جيدا في وريث الحكم، وبالتأكيد لا أريد أن أرى انعدام الأمن الذي يمكن أن يجلبه غياب حكومة راسخة".
وما يشجع قادة إيران أن الاحتجاجات لم تتحول بعد إلى مظاهرات حاشدة. نظم العمال بعض الإضرابات المتفرقة، لكن المعلمين والمزارعين ورجال الأعمال والجماهير المتدينة، بمن فيهم رجال الدين من الرتب المتوسطة، في حالة انتظار وترقب إلى حد كبير.
في غضون ذلك، يحث الإيرانيون في الخارج المؤيدين الصامتين على الانتفاض، وينظمون المظاهرات في العواصم الغربية ويضغطون من أجل حشد الدعم الدولي. لكن لا ينظر إلى هذه المعارضة المتفاوتة على أنها بديل قابل للاستمرار للنظام الموجود حاليا، ويرجع ذلك نسبيا لأنهم أبعد ما يكون عن الوحدة.
ولهذا السبب قال أحد المطلعين على النظام والقريب من القوى المتشددة، إن الاحتجاجات لا تشكل أي تهديد مباشر للجمهورية الإسلامية. "المحتجون لا ينتمون إلى أي حزب سياسي وليس لديهم زعيم. وليست عندهم دوافع أيديولوجية للموت في سبيل قضاياهم. وبمجرد القبض عليهم، فإنهم يبدون أسفهم. المعارضة الإيرانية في الخارج لا تشكل تهديدا. هل يمكن أن يجتمعوا كلهم على زعيم واحد له كاريزما (...) والسير بملايين المؤيدين في الشوارع؟ لا".
بحسب الشخص المطلع نفسه، لن تكون هناك تنازلات كبيرة تتجاوز الإجراءات الحالية مثل اتباع النهج غير المعلن والمتساهل لارتداء الحجاب في الأماكن العامة.
لكن مع الاضطرابات والحملات القمعية الوحشية، ومع استخدام منصات مثل إنستجرام وتطبيق واتساب بفضل المتظاهرين البارعين في التكنولوجيا الذين يستخدمون الشبكات الافتراضية الخاصة للتحايل على الحظر المفروض على وسائل التواصل الاجتماعي، يقول المحللون إن الجمهورية بدأت تخسر الحرب الإعلامية وأن مصداقيتها مشوهة في الداخل والخارج.
تستخدم المعارضة في الخارج أيضا القنوات الفضائية الأجنبية والممولة من الخارج لإقناع الإيرانيين بأن الثورة في طور التكوين وأن الجبهة الموحدة يمكنها أخيرا إنهاء 43 عاما من حكم الجمهورية الإسلامية.
لكن المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي، المستهدف بشعارات مثل "الموت للديكتاتور"، ينفي أن المعارضة محلية المنشأ وألقى باللوم على أطراف خارجية مثل الولايات المتحدة وإسرائيل، عادا أن "الحل الوحيد هو المقاومة".
بالنسبة إلى كثير من الإيرانيين، يوضح رده مدى انفصال النظام عن الواقع. تقول شهلا، وهي ربة منزل وأم لطفلين مراهقين، إن السبب الرئيس وراء احتجاجها هو أن النظام السياسي يظهر القليل من التساهل تجاه الناس العاديين.
تضيف، "أكثر ما أكرهه هو أن الجمهورية الإسلامية تحمي أصغر الأعضاء الموالين لها لكنها قاسية جدا معنا. لماذا تعد مشكلة إذا قالوا إن أحد الأفراد أخطأ في قضية أميني وتقديم الاعتذار عن ذلك؟".
نظام تحت الضغط
على الرغم من أن المحللين يقولون إن القائمين على النظام السياسي الإيراني ما زالوا متوحدين في كيفية التعامل مع الاستياء العام، قال أحد المطلعين على النظام إن المسؤولين في المستوى المتوسط غير راضين عن مقتل المتظاهرين الشباب ويعتقدون أنهم تمادوا في ردهم. يضيف أنهم يرون أن على النظام أن يصغي إلى المحتجين وأن يبادر باتخاذ الإجراءات بينما لا يزال آية الله خامنئي البالغ من العمر 83 عاما على قيد الحياة، لأن وفاته -والشائعات عن خلافة ابنه الثاني مجتبى- يمكن أن تجعل أي إصلاحات أكثر تعقيدا أو شبه مستحيلة، لأن المحتجين أوضحوا أنهم لن يقبلوا به.
في الوقت نفسه، لا يرى المتظاهرون أي فائدة من الحديث مع السلطات. يقول معين، وهو طالب تاريخ يبلغ من العمر 23 عاما، إن الجمهورية الإسلامية ليست لديها نية لتغيير هياكل السلطة. "لقد وصل الناس، من عمال التوصيل على الدراجات النارية إلى الأطباء، إلى مرحلة لا يريدون فيها التخلي عن مطالبهم المتمثلة في تساوي الحقوق بين الرجال والنساء والحرية". حتى في حال تم قمع هذه الاحتجاجات "سنرى احتجاجات أكبر في المستقبل لأن تلك المطالب لن تختفي".
يتفق المحللون مع ذلك. يقول سعيد حجاريان، وهو خبير استراتيجي ينتمي إلى الإصلاحيين، "المطالب السياسية المكبوتة (...) تتجلى الآن في شعارات شاملة غير مثيرة للجدل مثل، المرأة، الحياة، والحرية، وهذا يوضح أن مركز ثقل مطالب المجتمع قد تحول من السياسة إلى حقوق المواطنين (...) لجميع الطبقات الاجتماعية وليست فقط الطبقة الوسطى المدنية".
ويحذر المتشددون من الإيرانيين من أن استمرار الاحتجاجات يعرض وحدة أراضي إيران للخطر ويمكن أن يشجع الانفصاليين على محاربة الحكومة المركزية في بلد يضم أعراقا متعددة مثل العرب والأكراد والبلوش والأتراك والمسلمين السنة.
بينما كانت الاحتجاجات تشتد في كردستان الإيرانية منذ وفاة أميني، اشتبك المواطنون في مدينة زاهدان، موطن البلوش والسنة، في شأن منفصل مع السلطات بعد أن اغتصب مسؤول كبير في الشرطة فتاة تبلغ من العمر 15 عاما. وتقدر منظمة العفو الدولية أن 82 شخصا على الأقل قتلوا، لكن المسؤولين قالوا إن عدد القتلى 19.
وتتزامن المعارضة ضد الاحتجاجات على النظام أيضا مع دعوات متجددة من السياسيين لتوقيع اتفاق نووي مع إدارة بايدن ووضع حد للعقوبات الأمريكية على قطاعي النفط والبنوك في إيران. وقد أدى عدم التحرك نحو الاتفاق إلى تأجيج الشعور بالإحباط لدى الشعب مع وصول التضخم إلى 42.1 في المائة وصعود معدل البطالة بين الشباب إلى 23 في المائة.
ولا تزال المحادثات النووية متوقفة بعد أن فشلت كل من واشنطن وطهران في الموافقة على أحدث مسودة اقترحها الاتحاد الأوروبي، الذي يلعب دور الوسيط في المفاوضات. ولا يتوقع الدبلوماسيون والمحللون أي تقدم إلا بعد الانتخابات النصفية للولايات المتحدة في تشرين الثاني (نوفمبر).
ويرى بعض السياسيين أن إبرام الصفقة أصبح أمرا مهما للمساعدة على تهدئة الاستياءات. يقول علي لاريجاني، رئيس مجلس النواب المحافظ السابق، "كلما كان حل هذه المشكلة مبكرا، كان ذلك لمصلحة الجمهورية الإسلامية. يجب ألا يتعرض الناس لهذا القدر من الضغط".
نرجس، مهندسة مدربة في تكنولوجيا المعلومات، تعمل محاسبة وتتقاضى راتبا شهريا يبلغ نحو 250 دولارا، وهو بالكاد يغطي نفقاتها اليومية. إنها تشعر بالغبطة تجاه الحياة التي يعيشها الشباب والمراهقون في الدول الأخرى التي تتابعها لدرجة الهوس على يوتيوب.
تقول، "أشعر أنني لا أفتقد مباهج الشباب في الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا فحسب، بل لا أستطيع أيضا استخدام موهبتي وإبداعي في الحصول على راتب لائق وأن يكون لي أمل بشأن مستقبلي".
الخيار الوحيد، كما تقول، هو الاستمرار في الاحتجاج "إلى أن نهزم الجمهورية الإسلامية، على الرغم من إدراكي أن النظام مرعوب وانتقامي".