الملابس تتراكم في مستودعات بنجلادش.. الغرب خفض وارداته
تتراكم الملابس في مستودعات بنجلادش في الوقت الذي يشد فيه المستهلكون الأحزمة في الولايات المتحدة وأوروبا والأسواق الكبرى الأخرى، وفقا لشركات تصنيع ومسؤولين حكوميين.
قال مصنعون، إن الطلبيات في أكبر بلد مصدر للملابس في العالم بعد الصين تشهد تباطؤا منذ تموز (يوليو) بسبب الحرب في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا وتأثيرهما في التضخم وأسعار الفائدة والرهون العقارية في جميع أنحاء العالم.
"لقد ارتفعت تكلفة كل شيء، لذا تقلصت ميزانية الملابس. هذا هو السبب في أن بعض العلامات التجارية وبعض المستوردين أبطأوا طلبياتهم"، حسبما قال فاروق حسن، رئيس اتحاد مصنعي ومصدري الملابس في بنجلادش لـ"فاينانشال تايمز".
أضاف حسن أن بعض تجار التجزئة طلبوا من الموردين البنغاليين التوقف عن تصنيع الملابس أو تأخير الشحنات لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر.
"إن لهذا تأثيرا كبيرا لأن جميع مصانعنا اشترت أقمشة لإنتاج الملابس وهي تواجه الآن أزمة خطيرة".
يأتي التراجع في الطلب العالمي على الملابس في وقت تكافح فيه حكومة بنجلادش برئاسة شيخة حسينة وازيد، التي تواجه انتخابات العام المقبل، مع ارتفاع أسعار الغاز المستورد، ما أدى إلى انقطاعات في التيار الكهربائي الذي أضر ببعض منتجي الملابس.
نظم حزب بنجلادش الوطني المعارض تجمعات كبيرة في الأسابيع الأخيرة في محاولة للاستفادة من حالة الاستياء من ضعف الاقتصاد قبل الانتخابات.
هذا الشهر، لجأت بنجلادش إلى صندوق النقد الدولي للمساعدة، وحصلت على تسهيلات ائتمانية بقيمة 2.3 مليار دولار و1.3 مليار دولار أخرى من تسهيلات المرونة والاستدامة للصندوق، بهدف مساعدة الدول الفقيرة على مواجهة تغير المناخ والتحديات الأخرى طويلة المدى.
على عكس جارتيها الإقليميتين سريلانكا وباكستان، لم تواجه بنجلادش أزمة سيولة كاملة. لكن احتياطياتها من العملات الأجنبية تراجعت هذا العام على خلفية ارتفاع الدولار والضغوط على الأسعار وطلب المستهلكين.
إن إنتاج الملابس والمنسوجات يعد أكبر صناعة في بنجلادش إلى حد بعيد، حيث استفادت من ارتفاع المبيعات عندما خفت إغلاقات كوفيد- 19 وانغمس المستهلكون في "الشراء الانتقامي" -مصطلح يشير إلى الإفراط في الشراء بعد الطلب المكبوت أثناء الأزمات.
لقد صدرت الدولة الواقعة في جنوب آسيا ملابس بقيمة 42.6 مليار دولار ومنسوجات بقيمة 2.6 مليار دولار في الـ12 شهرا حتى نهاية حزيران (يونيو)، ما يمثل نحو 85 في المائة من إجمالي الصادرات، وفقا لاتحاد مصنعي ومصدري الملابس في بنجلادش.
إن صناعة الملابس لشركة وولمارت و"برايمارك" و"إتش آند إم" و"تارجت" وغيرها من السلاسل العالمية هي صناعة أساسية ساعدت على انتشال كثير من سكانها الذين يزيد عددهم على 160 مليون شخص، خاصة النساء، من براثن الفقر.
وفقا لرانجان ماهتاني، الرئيس التنفيذي لمجموعة إيبيك، التي تمتلك مصنعا في بنجلادش وشركة كبيرة في الولايات المتحدة، فإن مبيعات الملابس "ارتفعت حقا بعد كوفيد نظرا إلى وجود كثير من المدفوعات التحفيزية الحكومية للأفراد"، لكنها عادت الآن إلى الانخفاض مرة أخرى، ما أدى إلى "تكدس" المخزونات لدى تجار التجزئة.
في الأشهر الأولى من الجائحة، تضرر صانعو الملابس في بنجلادش بشدة عندما ألغى كثير من تجار التجزئة طلباتهم. فاستجاب بعض بالتحول إلى صنع الكمامات وأدوات الحماية الشخصية حيث ارتفع الطلب على هذه المنتجات بسرعة.
تقول فيديا أمريت خان، مديرة شركة ديش جارمنتس العائلية التي تزود العلامات التجارية بما فيها "كالفن كلاين" و"تومي هيلفجر" في الولايات المتحدة، و"كرو كلوثينج" في المملكة المتحدة، "في بلد يبدو فوضويا من الخارج، كان الجميع مركز حقا. هذا لأنه كان علينا الصمود".
من جانبه، قال حسن، رئيس اتحاد مصنعي ومصدري الملابس في بنجلادش، إنه في التباطؤ الأخير، لم يلغ تجار التجزئة الطلبيات على الفور. بل بدلا من ذلك، كانوا يطلبون تخفيضات أو يحسبون رسوم المستودعات فيما يدفعونه للمصنعين الذين لم يتمكنوا من بيع ملابسهم على الفور.
أضاف أن الصناعة طلبت من بنك بنجلادش المركزي في البلد، الضغط على المقرضين لتأجيل مدفوعات قروض الموردين حتى تتمكن المصانع من إعطاء الأولوية لدفع الأجور وفواتير الخدمات.
تسبب انقطاع التيار الكهربائي في مزيد من المشكلات في الشركات المصنعة. قال سيد نافيد حسين، الرئيس التنفيذي لشركة بيكسمكو، إحدى أكبر الشركات في بنجلادش، التي من بين عملائها شركة إنديتكس، مالكة محال زارا للملابس، "إن الطاقة مشكلة، ولهذا السبب، يمر قسم كبير جدا من الصناعة بأشهر مروعة".
أضاف حسين أنه يعتقد أن الصناعة يجب أن "تشتري الطاقة بالتكلفة المتاحة لها"، حتى لو كان ذلك يعني ارتفاع تكلفة الملابس.
في صناعة شديدة التنافس مع هوامش ربح ضئيلة، يكون منتجو الملابس في بنجلادش عرضة بشكل خاص للتغيرات في أذواق المستهلكين العالميين وطلبهم.
نظرا إلى أن سلاسل الملابس تستجيب لضغوط المتسوقين والمساهمين لتحسين ممارسات الاستدامة لديهم، فقد استثمر صانعو الملابس في الآلات والمعدات بهدف الحد من استخدام المياه والطاقة والموارد الأخرى.
قال حسين، الذي ركبت شركته الألواح الشمسية ومعدات أخرى، "ما يحدث الآن هو أن الموضة تتعرض للهجوم".
أكد تيبو مونشي، وزير التجارة البنغالي، التباطؤ في صادرات الملابس، لكنه أشار إلى أن الناس "سيظلون مضطرين لارتداء الملابس"، حتى في أصعب الأوقات الاقتصادية.
"ربما تشتري اثنين من أصل أربعة ألبسة، لكن لا يزال يتعين عليك شراؤها. ولا يمكن لأحد أن يتفوق على سعرنا".