حزم الدعم الضخمة لا تكفي لزيادة الاستثمار الأخضر في الاتحاد الأوروبي
لماذا ترفض أي شركة دعما ماليا إذا كان مقدما؟ من المؤكد أن عددا قليلا، إن وجد، من شركات الاتحاد الأوروبي ستعترف صراحة بأنها لا تحتاج إلى الإعانات الجديدة التي تقدمها أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية، على أنها أداة لضمان مستقبل التحول الأخضر للكتلة.
تأتي دعوتها إلى جمع الأموال بعد أن قدمت واشنطن حزمة وفيرة من الإعانات الخضراء مع قانون خفض التضخم، تضم 369 مليار دولار في إعفاءات ضريبية فيدرالية وحوافز لتطوير أو اعتماد التكنولوجيا النظيفة بمحتوى أمريكية.
أثار ذلك غضب الساسة الأوروبيين الذين اشتكوا من أن ربط حزمة الدعم بالمحتويات المحلية ينتهك قواعد التجارة العالمية.
دفع نهج "شراء المنتجات الأمريكية" الشركات في جميع أنحاء الكتلة - التي تكافح أصلا مع أسعار طاقة مرتفعة مقارنة بمنافساتها الأمريكية - إلى التهديد بتحويل الاستثمار في التكنولوجيا النظيفة من الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة.
لكن الحقيقة هي أن أوروبا تنفق بالفعل أكثر كثيرا مما تنفقه الولايات المتحدة على التحول الأخضر.
يقدر دانيال جروس، عضو مجلس إدارة مركز دراسات السياسة الأوروبية وخبير اقتصادي سابق في صندوق النقد الدولي، أن الإجمالي السنوي الذي يقترب من 40 مليار دولار المقدم بموجب قانون خفض التضخم "أقل من نصف القيمة التي تنفقها دول الاتحاد الأوروبي على مصادر الطاقة المتجددة وحدها" - أو 84.5 مليار دولار من تمويل الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء
لـ2021. بمقارنة القيم بالناتج المحلي الإجمالي فهي نحو 0.5 في المائة للاتحاد الأوروبي، و0.2 في المائة متوقعة للولايات المتحدة، كما يجادل.
كما تشير حسابات وكالة الطاقة الدولية أنه منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2021، تم تخصيص نحو ثلاثة أرباع الإنفاق العام على الطاقة النظيفة في أوروبا.
يخصص نحو نصف برنامج "نكست جينيريشن يوروب" الذي تبلغ قيمته 800 مليار يورو - المبادرة الرئيسة لضمان التعافي المستدام من الجائحة - في مراعاة الاعتبارات البيئية في البنى التحتية والخدمات العامة والإسكان وغيرها. كل هذا العمل يجب أن تنفذه الشركات.
علاوة على ذلك، تتعهد خطة أوروبا لضبط الاستثمار الأخضر، بأن توفر ميزانية الاتحاد الأوروبي أكثر من 500 مليار يورو على مدى عشرة أعوام لتمويل مشاريع المناخ والبيئة. وتستهدف على وجه التحديد "ظهور صناعات جديدة للطاقة النظيفة والاقتصاد الدائري" مع تمويل مشاريع مثل تركيب محطات شحن السيارات الكهربائية أو التدفئة السكنية، وهي موضوعات يعالجها قانون خفض التضخم.
الحجة المؤيدة لجمع أموال جديدة من ديون مشتركة ليست منطقية - ولا سيما أن الشركات ربما تضطر في النهاية إلى سداد الفاتورة بضرائب أعلى.
لكن هذا لا يترك الاتحاد الأوروبي يفلت من المسؤولية. ما زالت توجد أمور كثيرة يمكن تنفيذها لتحسين بيئة الاستثمار للتحول إلى الطاقة المستدامة في الاتحاد الأوروبي. يمتاز قانون التضخم الأمريكي بأنه سهل الفهم والتطبيق. إذا كان الاستثمار يفي بالمعايير، فإن الإعفاء الضريبي للشركات مستمر لمدة تصل إلى عشرة أعوام. إذا احتوى منتج ما قدرا معينا من المحتويات الأمريكية، فيمكن منحه ائتمانات ضريبية أكبر. معظم حزم الدعم ستديرها جهة واحدة - وزارة الخزانة الأمريكية.
من الصعب تنظيم مثل هذه الحزمة البسيطة المشتركة من الحوافز في سوق تضم 27 دولة من الدول الأعضاء تحتفظ بسيادتها في الشؤون الضريبية. كما أن وضع الاتحاد الأوروبي شرط "شراء المنتجات الأوروبية" صعب، نظرا إلى التزام الكتلة بنظام تجاري عالمي مفتوح تحكمه قواعد. في الواقع، لا تريد قطاعات كثيرة - مثل صناعة السيارات - مثل هذا الشرط لأنه قد يأتي بنتائج عكسية في الأسواق الأخرى.
لكن يمكن لأوروبا معالجة التناقضات الواضحة وتداخل مساعي بعض خطط السياسات في الاتحاد الأوروبي. الثقل المتزايد والمتغير باستمرار للتنظيم، مثل التنقيحات المتعددة لتوجيهات الانبعاثات الصناعية أو استراتيجية المواد الكيميائية المستدامة، يوجد حالة من عدم اليقين.
ثانيا، أشارت دراسة أجراها قانون التضخم الأمريكي للمفوضية هذا الشهر إلى أن دعم الاتحاد الأوروبي للتحول الأخضر يمتد عبر "مجموعة واسعة من مبادرات السياسة رفيعة المستوى مثل الصفقة الخضراء الأوروبية، والخطط الوطنية للطاقة والمناخ، وخطة "ري باور أي يو"، ومرفق التعافي والمرونة، ومبادرة "هورايزن أوروبا"، وبرنامج "لايف"، و"إنفست أي يو"، وصندوق الابتكار، وصناديق التماسك الأوروبية ". تخيل محاولة التعامل مع هذا التعقيد.
تحدثت فون دير لاين عن تبسيط قواعد الإعانات الحكومية. وقد بسطوها بالفعل عدة مرات في الأعوام الأخيرة وسرعت من تقديم حزم دعم الدولة. مع ذلك، لم يبذل سوى جهد بسيط لتوضيح الشبكة المعقدة من آليات التمويل واللوائح التي توسعت على مدى العامين الماضيين من الأزمة أو تبسيطها. يجب أن تعطى هذه المسألة الأولوية. إذا كان من الأسهل فهم مكان وجود الدعم، فقد تصبح الشركات أكثر ميلا للاستثمار.