هل ستنتعش الأسواق في 2023؟ ليس رهانا أكيدا
ما ينخفض يجب أن يرتفع.. وكذلك الحال هذا العام. على الأقل، هذا اعتقاد من شأنه أن يبرر مكانة العام الماضي باعتباره ثاني أفضل عام في التاريخ للتدفقات الداخلة إلى صناديق المؤشرات المتداولة، التي تركز على الأسهم.
حتى مع مرور الأسهم بأسوأ أداء لها منذ الأزمة المالية لعام 2008 مع خسارة الأسهم الممتازة الأمريكية خمس قيمتها، ضخ المستثمرون نحو 510 مليارات دولار في صناديق المؤشرات المتداولة في الأسهم، وفقا لبيانات "بنك أوف أمريكا". تم توجيه أكبر التدفقات إلى الصناديق العملاقة التي تتبع المؤشرات والصناديق السلبية التي تستثمر في أسهم الشركات ذات رؤوس الأموال الكبيرة التي تحملت وطأة خسائر العام الماضي.
لدى المتفائلين حجة مقنعة، لأن الأسهم تكسب في المتوسط 20 في المائة في الشهور الـ12 التي تلي وصولها إلى قاع سوق هابطة، وفقا لشركة الوساطة "إل بي إل فاينانشيال". تضيف "إل بي إل" أنه "في مدة عام واحد تقريبا، أصبحت السوق الهابطة الحالية أطول من متوسط مدة الأسواق الهابطة منذ الحرب العالمية الثانية، الذي يعادل 11 شهرا. هناك أيضا أربع مرات فقط عانى فيها مؤشر ستاندرد آند بورز 500 خسائر متتالية في السنة التقويمية في تاريخ يعود إلى ما يقارب قرن".
ماذا لو كان 2023 عاما يمثل مرة خامسة من النحس، وأن هذا ليس القاع بعد؟
في مقابلة صوتية على بودكاست "أول-إن"، فكر إيلون ماسك مؤسس "تسلا"، الأسبوع الماضي في احتمال حدوث "ذعر جماعي" بين المستثمرين. وحذر المستمعين من استخدام الأسهم ضمانا للقروض في سوق متقلبة، ونصح بالاحتفاظ بالنقد في متناول اليد.
وأضاف رائد الأعمال "قد ترى أمورا متطرفة جدا تحدث في سوق هابطة"، كما توقع في "أفضل تخمين" له أن تستمر الأوقات العصيبة 18 شهرا أخرى. بلا شك من السهل أن تصبح كئيبا خصوصا عندما يهبط سهم شركتك أكثر من الثلثين في عام وتواجه فاتورة بقيمة 44 مليار دولار في استحواذ المثير للجدل على تويتر.
مع ذلك، ماسك ليس الوحيد المتوتر بشأن التوقعات، خاصة بالنظر إلى أن محافظي البنوك المركزية أوضحوا أنهم سيواصلون محاربة التضخم بأسعار فائدة أعلى، على الرغم من توقعات تشير -في أحسن الأحوال- إلى حدوث تباطؤ اقتصادي.
كان هناك تركيز شديد ينصب على احتمال حدوث انهيارات في عالم السندات، إما من مقترضي المبالغ الطائلة الذين ينهارون مع ارتفاع أسعار الفائدة، أو لأن بعض الزوايا المهملة إلى حد كبير تتسبب في عرقلة غير متوقعة للنظام الأوسع، مثلما حدث لسندات حكومة المملكة المتحدة في أيلول (سبتمبر)، ما أدى إلى الإطاحة برئيسة وزراء الدولة في تلك الأثناء. لكن أسواق الأسهم المضطربة تلحق نوعا من الألم أيضا.
ينعكس عدم اليقين في مجموعة واسعة من توقعات المحللين لعام 2023.
أظهر استطلاع أجرته "رويترز" شمل 41 توقعا في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) أن متوسط التوقعات لإغلاق مؤشر ستاندرد آند بورز سيكون عند 4200 نقطة، بزيادة نحو 3 في المائة عن المستويات المسجلة حينها، وبارتفاع بمقدار العشر تقريبا عن المستويات الحالية.
في حين إن المقاييس الكلاسيكية للتقلبات المتوقعة مثل مؤشر فيكس لا تومض بالأحمر اليوم، فإن بعضها الآخر يظهر جوا أكثر اضطرابا. الأسبوع ما قبل الماضي، شهد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 رقما قياسيا غير مسبوق على مدى 16 جمعة العام الماضي، حيث أغلق على انخفاض 1 في المائة على الأقل، وفقا لإحصاء تحتفظ به مجموعة بيسبوك إنفستمنت جروب. كما تمتع بإغلاقات على مدى 15 أسبوعا ارتفع فيها على الأقل بهذا القدر، تواتر لم يتم بلوغه منذ الاندفاع اللاعقلاني في 1999.
أيام الجمعة مهمة لأنها يمكن أن تحدد الحالة المزاجية للأسبوع المقبل، باستثناء أحداث نهاية الأسبوع الكبيرة، ولأنها عادة ما تكون أياما لجني الأرباح وتقليل المخاطر، وليس للإقدام على مراهنات جريئة.
يقدم التاريخ أيضا تذكيرا بأن الأمر قد يستغرق وقتا طويلا حتى تتعافى أسواق الأسهم من نوع الضربات التي تعرضت لها العام الماضي. إذا كان المتشائمون على صواب، ربما سيبدو السيناريو القاتم أشبه بأعقاب فقاعة الدوت كوم.
بعد انفجار تلك الفقاعة، استغرق الأمر سبعة أعوام حتى يتعافى مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ثم تجاوز الارتفاعات التي سجلها في تلك الطفرة. استغرق مجرد الوصول إلى القاع بعض الوقت أيضا. انخفاض مؤشر ستاندرد آند بورز 49 في المائة من القمة إلى القاع استغرق عامين ونصف عندما خفت الضجة حول تقييمات أسهم التكنولوجيا.
ما مدى تشابه ظروف السوق الحالية بتلك الأوقات؟ تعد نسبة السعر/الأرباح المعدلة دوريا التي وضعها روبرت شيلر من جامعة ييل أحد المعايير المعروفة. يحسب هذا المقياس متوسط الأرباح المعدلة حسب التضخم على مدى عشرة أعوام لتسهيل الدورة الاقتصادية.
نسبة السعر إلى الأرباح الحالية المعدلة دوريا "كيب" للأسهم الأمريكية من "باركليز" البالغة 29، استنادا إلى مؤشرات إم إس سي آي للأسواق الناشئة، هي أقل بكثير من الذروة البالغة 47 التي وصلتها في جنون فقاعة الدوت كوم وانخفضت من ذروة 39 العام ما قبل الماضي. مع ذلك، لا تزال النسبة أعلى بكثير من المتوسط طويل الأجل للمؤشر البالغ نحو 16. أيضا لا تزال أعلى من المستوى 25 المسجل في الأول من كانون الثاني (يناير) في 2008 قبل أن تؤدي الأزمة المالية إلى انخفاض سنوي قدره 38 في المائة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500.
بالتأكيد، ربما فهم مؤيدو صناديق المؤشرات المتداولة المتفائلون الأمر بصورة صحيحة. يمكن لنهاية الحرب في أوكرانيا أو إعادة فتح الاقتصاد الصيني بسلاسة بعد الجائحة أن يحسن التوقعات بشكل هائل. من الجدير دائما التفكير في سيناريوهات التطورات السلبية - ولا سيما أن أكبر تدفقات داخلة إلى صناديق المؤشرات المتداولة على الإطلاق حدثت في 2021، وهذه الرهانات لم تظهر نتائج جيدة بعد.