الغش الدوائي

الغش في أي أمر وفي أي مجال يعد أمرا غير مقبول، وهو مرفوض شرعا وعقلا فكيف إذا كان يستهدف أغلى ما يملك الإنسان وهو صحته. الإنسان حال مرضه يكون في أضعف حالاته وتكون مقاومته للأمراض ومستوى مناعته متدنيين إلى حد كبير، فكيف إذا تناول دواء مغشوشا، فسيكون تأثيره فيه أشد وقعا وأكثر ضررا.
الصناعة الدوائية تعد من أكثر الأنشطة مبيعا، إذ تتجاوز مبيعاتها 1.2 تريليون دولار خلال العام الواحد، وهذا ما يغري أصحاب الضمائر الميتة الذين أفقدهم الجشع حسهم الإنساني. الدواء المغشوش يعرف علميا بأنه أي دواء يتم تصنيعه في غير شركته الأصلية، وكل دواء لا يوجد عليه اسم الشركة المصنعة وبلد المنشأ، وأي دواء لا يحتوي على المادة الفاعلة أو يحوي مواد غير فاعلة، كما أن أي دواء منتهي الصلاحية يعد دواء مغشوشا.
حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، بلغ إجمالي مبيعات الأدوية المغشوشة خلال 2018 أكثر من 90 مليار دولار. الغش في الأدوية يشكل خطرا على الاقتصاد الوطني فضلا عن تأثيره في صحة الإنسان، إذ يقدر أن أكثر من مليون شخص يموتون سنويا بسبب هذا النوع من الأدوية. وتقدر الإحصائيات أن الغش يشمل دواء واحدا من بين كل عشرة أدوية تباع في الدول النامية. وقد أسهم انتشار مواقع الإنترنت التي تبيع الأدوية في زيادة مبيعات الأدوية المغشوشة بشكل كبير، وذلك لسهولة الوصول إليها وعدم وجود ضوابط تحكم الحصول عليها.
تقدر منظمة الصحة العالمية أن 50 في المائة من الأدوية التي تباع عبر الإنترنت مزيفة وخطيرة، موضحة أن عمليات التزييف تستهدف الأدوية ذات القيمة العالية أو ذات معدل استهلاك مرتفع مثل أدوية الأمراض السرطانية والمضادات الحيوية وأدوية الأمراض المزمنة كالسكري وارتفاع ضغط الدم. وقد تطور الأمر لتصل عمليات الغش الدوائي إلى العقاقير الأكثر استخداما مثل أدوية مكافحة الشيخوخة والمكملات الغذائية وعقاقير التجميل.
في المملكة تبذل هيئة الغذاء والدواء جهودا جبارة ومستمرة في محاربة هذه الظاهرة تماشيا مع برنامج التحول الوطني ضمن رؤية 2030، وذلك من خلال نظام تتبع الدواء البشري مستخدمة أحدث الوسائل التقنية في ذلك. إن تجارة الدواء المغشوش تعد بحق تجارة الموت ويجب على الجميع الحرص الشديد على التصدي لها واتخاذ الإجراءات النظامية الرادعة بحق من يثبت تورطه فيها بأي شكل من الأشكال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي