عدم اليقين بشأن بنك اليابان يلقي بظلاله على الأسواق
مع بقاء ثلاثة أشهر قبل أن يتنحى عن منصبه، يحمل هاروهيكو كورودا بالفعل الرقم القياسي باعتباره المحافظ الأطول خدمة في بنك اليابان، وهي فترة ولاية قوية استمرت أكثر من 3500 يوم. أو بعبارة أخرى، فترة طويلة بالنسبة إلى الحكومة لعدم إيجادها خليفة له.
يبدو أن الفترة الطويلة المثيرة للشكوك التي استغرقها مثل هذا التعيين، "على الرغم من أنه لا يزال يعتقد أن هناك أربعة مرشحين موثوقين في السباق"، يضمن للأسواق اليابانية على الأقل، بداية متقلبة لهذا العام. اختبار القابلية للتأثر والتناقض في طبيعة الأسواق، وكل من عوائد الحكومة اليابانية والين يبدو بشكل متزايد كمقاييس رئيسة لكليهما.
يشير المتداولون إلى أن حجم تأثير اليابان في الأسواق العالمية في الأغلب ما يتم تذكره في وقت متأخر من أي دورة. إذا بدأ محافظ جديد، كما يبدو الآن مرجحا بشكل متزايد، في توجيه بنك اليابان نحو تطبيع بطيء للسياسة النقدية من حقبة التراخي الفائق غير العادي، فقد تكون اهتزازات السوق كبيرة وعالمية. سيحتاج المستثمرون، دون الاعتماد على عناد كورودا أو الين المقيد إلى حد كبير، إلى إيلاء اهتمام أكبر بكثير لرمزية بنك اليابان أكثر مما احتاجوا إليه في الأعوام الأخيرة.
مع ذلك، تصعب قراءة الإشارات أصلا. خلال الأسبوعين الماضيين، شهدت الأسواق ما يكفي لإقناعها بحدوث شيء غريب داخل وحول بنك اليابان. في 20 كانون الأول (ديسمبر)، عندما أعلن البنك المركزي أنه سيوسع النطاق الذي سيسمح لأسعار الفائدة على سندات الحكومة اليابانية لأجل عشرة أعوام بالتداول بموجب سياسته التي تقضي بالتحكم في منحنى العوائد، كان رد الفعل مفاجئا للغاية. والمعلومات اللاحقة عمقت ذلك فقط.
على الرغم من إصرار كورودا بشدة على أن هذه الخطوة لا تمثل أي تحيز تجاه التشديد النقدي، فقد تم تفسيرها على نطاق واسع على أنها نقطة تحول.
خلص البعض إلى أن التحول كان متعمدا، والبعض الآخر استنتج أنه كان نتيجة عرضية لمحاولة بنك اليابان المركزي تهدئة التقلبات والتخلي عن بعض السيولة التي تشتد الحاجة إليها لسوق سندات الحكومة اليابانية التي يمتلك نصفها تقريبا. لكن ناكا ماتسوزاوا، كبير الخبراء الاستراتيجيين في مصرف نومورا، أشار إلى أن كورودا "تسبب في كثير من المتاعب والمشكلات عن غير قصد"، التي ستؤدي في النهاية إلى التخلي عن سياسة التحكم في منحنى العوائد.
منذ 20 ديسمبر العام الماضي، كان هناك بيانان يوضحان كل شيء. في 23 ديسمبر العام الماضي، نشر بنك اليابان محضر اجتماع السياسة النقدية لتشرين الأول (أكتوبر)، الذي تم البحث فيه بشكل طبيعي عن أي تلميح إلى تعديل سياسة بنك اليابان المركزي في التحكم بمنحنى العوائد. لم يكن هناك أي منها. أشار كييتشي موراشيما، الخبير الاقتصادي في "سيتي بنك"، إلى أنه عندما كان هناك نقاش حول الآثار الجانبية السلبية لسياسة التحكم في منحنى العوائد، كانت اللهجة "ضعيفة". أضاف أنه بناء على تلك المحاضر، كان الاستنتاج المنطقي أنه في وقت ما بين اجتماعات أكتوبر وديسمبر، تعرض كورودا لضغوط من إدارة رئيس الوزراء فوميو كيشيدا.
إذا صح ذلك، فإن الاستنتاج بأن بنك اليابان عرضة للضغط الخارجي من شأنه أن يربك توقعات السياسة النقدية. يجب على السوق الآن أن تأخذ في الحسبان أجندة إدارة وقائد لم يكونا حتى الآن واضحين بشأن كيفية تحقيق سياسته الأساسية لتقديم "رأسمالية جديدة" لليابان. قابلية بنك اليابان للتأثر بضغوط السوق ستكون محورية بعد عقد من مقاومة كورودا لذلك. كما يشير ماتسوزاوا من مصرف نومورا، إذا كان من المعروف أن بنك اليابان يمكنه فجأة ودون تواصل، تغيير السياسة عندما تكون ظروف معينة للسوق، "ضعف الين، والارتفاع السريع للتضخم في اليابان، وارتفاع عوائد السندات العالمية"، موجودة وتدعو إلى مواجهة تحديات أكثر شراسة من أي وقت مضى لسياسة التحكم بمنحنى العوائد من جانب المضاربين.
في 28 ديسمبر، أصدر بنك اليابان ملخصه للآراء من اجتماع السياسة في وقت سابق من هذا الشهر - وهو اجتماع تم عقده وسط إشارات على ضغوط أولية من إدارة كيشيدا لمراجعة الاتفاقية المشتركة بين الحكومة وبنك اليابان التي استمرت عقدا من الزمن وتركز على تحقيق معدل تضخم 2 في المائة. المحللون الذين يبحثون عن مزيد من الوضوح حول الجدل الذي سبق تعديل سياسة التحكم في معدل العوائد مرة أخرى لم يجدوا شيئا يذكر - وهي إشارة يمكن أن تدعو المضاربين إلى المراهنة على أن سياسة التيسير لا تزال دون تغيير والبدء في دفع الين لمزيد من الانخفاض مرة أخرى.
إلى حد ما، علمت السوق أن شيئا كهذا مقبل، بالنظر إلى المدى الذي دفع فيه بنك اليابان بتجربته مع التسهيل الكمي والنوعي، لن يكون هناك أي شيء "طبيعي" بعيدا عن تطبيعه في نهاية المطاف.
على الرغم من ذلك، فإن التحدي المركزي للأسواق التي تتجه إلى 2023 هو قراءة اختيار الحكومة لخليفة كورودا - محافظ جديد يجب أن يجعل هذه العملية بطريقة ما سلسة قدر الإمكان في زمن الركود العالمي المحتمل، ومفاوضات الأجور المحلية المحورية، واحتمالية ارتفاع التضخم إلى مستويات أعلى.
الطريقة الأكثر منطقية لحدوث ذلك هي أن يتم تقديم تعيين المحافظ الجديد على أنه عمل حازم لا يتزعزع من قبل حكومة تعرف ما تريد، بل لديها الثقة للسماح للبنك المركزي بالتصرف دون أي مظهر من مظاهر النفوذ. وحقيقة أن كثيرا من الأسماء المحتملة لا تزال عائمة تزود هذه المعلومات الأسواق بمصدر غير مرحب به من عدم اليقين في وقت قاس بالفعل.