تعزيز الاستدامة المالية في العالم العربي «3 من 3»
العامل الأساسي الآخر لزيادة الإيرادات هو تحديث الإدارة الضريبية، كما يمكن أن يساعد استخدام الأدوات الرقمية في هذا الصدد. وهذا ما قامت به الأردن بالفعل، كما اتخذت وزارة المالية الفلسطينية إجراءات مماثلة. وتعكف الصومال أيضا على إصلاح السياسات والإدارة لإعادة بناء القدرات الضريبية. ويتوقع أن تسهم مثل هذه الإجراءات في زيادة الإيرادات من خلال تحسين الامتثال، كما يمكن أن يساعد الصندوق من خلال برامج تنمية القدرات على تصميم هذه الإجراءات وتنفيذها.
وحول تعميق التعاون الدولي فغير أن بعض الدول في الوقت الحالي لا تتيح سياساتها المحلية ببساطة حلا كافيا لمواجهة تحد عاجل آخر، ألا وهو عدم استمرارية القدرة على تحمل الدين.
فأعباء الدين الساحقة يصعب معها الإنفاق على الصحة والتعليم والبنية التحتية، ويقع ضررها الأكبر على الفئات الأكثر عرضة للمخاطر، لكنها تمثل أيضا مشكلة مشتركة تواجه المنطقة والعالم أجمع.
وهنا تتجلى أهمية العمل الجماعي. فوجود عديد من دائني القطاعين العام والخاص يعني أن مشكلة عدم استمرارية القدرة على تحمل الدين يكمن حلها الأوحد في التعاون متعدد الأطراف.
واستجابة لأزمة كوفيد، أطلقت مجموعة العشرين برئاسة السعودية مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين عام 2020. وتلى ذلك إعلان الإطار المشترك لمعالجة الديون. لكن مهمتنا لم تنته بعد رغم مرور ثلاثة أعوام. فلا يزال علينا بذل مزيد من الجهود لجعل عملية معالجة الديون أكثر سرعة ووضوحا، وضمان استفادة جميع الدول منها عند الحاجة.
وعلينا الآن دفع الكرة إلى الأمام صوب الهدف، ليس على صعيد الدين السيادي فحسب.
ولديكم بالفعل تاريخ قوي من التعاون داخل العالم العربي. فعلى مدار الخمسة أعوام الماضية على سبيل المثال، أتاحت دول مجلس التعاون الخليجي 54 مليار دولار لتمويل احتياجات الميزانية وميزان المدفوعات. وقدمت الدعم إلى الدول منخفضة الدخل، والدول الهشة والمتأثرة بالصراعات في المنطقة، من خلال تخفيض الديون ودعم أمن الغذاء. ويتضمن ذلك الدعم الذي أعلنته مجموعة التنسيق العربية العام الماضي بقيمة عشرة مليارات دولار. ويمكن للدول المانحة مواصلة دعم الاستقرار الاقتصادي والنمو على مستوى المنطقة من خلال المبادرات متعددة الأطراف.
وقدم الصندوق ما يقرب من 20 مليار دولار في صورة دعم مالي لدوله الأعضاء في المنطقة منذ بداية الجائحة. وتلقى العالم العربي أكثر من 37 مليار دولار كجزء من عملية تخصيص حقوق السحب الخاصة الأكبر في تاريخ الصندوق عام 2021، التي بلغت قيمتها 650 مليار دولار.
ونعمل حاليا مع الدول ذات الاحتياطيات الأكبر لتحويل هذه الأصول إلى الدول الأكثر احتياجا. ويعني ذلك أيضا تحويل حقوق سحب خاصة إلى الصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر لضمان استمراره في توفير قروض بسعر فائدة صفرية للدول منخفضة الدخل.
ويفتخر الصندوق بشراكته مع دوله الأعضاء في المنطقة العربية. وسيسهم مكتبنا الجديد في الرياض في تعزيز مشاركتنا الإقليمية لمصلحة جميع شعوب العالم العربي، وهو مثال آخر على أوجه التعاون مع المنطقة ودورها القيادي.