التبغ إلى بدائل "أكثر أمانا".. هل تنجح محاولات شركات السجائر في المواصلة؟
أدى الاعتراف بآثار دخان التبغ المدمرة للصحة إلى تقليل القبول الاجتماعي للتدخين، وإلى فرض قيود واسعة النطاق على التدخين في الأماكن العامة، وحظر إعلانات الدعاية للتبغ، وإلى تنظيم حملات مناهضة للتدخين، وفرض ضرائب أعلى على السجائر. لذلك تحولت شركات تصنيع التبغ إلى بدائل "أكثر أمانا" وخالية من دخان التبغ، مثل السجائر الإلكترونية ومنتجات التبغ المسخن وأكياس النيكوتين.
ويتم حاليا الضغط على شركات تصنيع التبغ من هذه الجبهة أيضا. ففي ألمانيا، على سبيل المثال، بدأ في الأول من يناير حظر إعلانات منتجات التبغ المسخن في الأماكن العامة، ما أدى إلى إزالة اللوحات الإعلانية وأعمدة الإعلانات الخاصة بمنتجات "أيكوس" التابعة لشركة صناعة السجائر الأمريكية العملاقة "فيليب موريس إنترناشونال"،ومنتجات "جلو" التابعة لشركة التبغ البريطانية الأمريكية.
من ناحية أخرى، من المقرر أن يتم حظر إعلانات الدعاية للسجائر الإلكترونية في الأماكن العامة اعتبارا من 2024 ومع ذلك، هناك مقاومة حاليا من جانب شركات تصنيع التبغ ويقول ألكسندر نوسباوم، رئيس الشؤون العلمية والطبية في شركة "فيليب موريس إنترناشونال" بألمانيا، إنه نظرا لأن هناك العديد من المدخنين غير القادرين أو غير الراغبين في الإقلاع عن التدخين تماما، فمن الأفضل أن يتحولوا إلى البدائل الخالية من دخان التبغ، مثل منتجات التبغ المسخن.
لذلك فإنه من الضروري نشر معلومات عامة واسعة النطاق عن هذه المنتجات ويقول نوسباوم "إن استخدام السجائر الإلكترونية أو منتجات التبغ المسخن له احتمالية ضرر أقل من الاستمرار في التدخين"، مضيفا أنه "مازال لا يوجد وعي بهذا الأمر على نطاق واسع حتى الآن".
ويشار إلى أن شركة "فيليب موريس إنترناشونال" لديها مصلحة اقتصادية كبيرة في المنتجات التي تعتمد على تقنية "تسخين التبغ دون احتراقه"،
التي تعد إلى جانب السجائر الإلكترونية وأكياس النيكوتين، جزءا من إجراءات التغيير باهظ الثمن من جانب الشركة التي استثمرت خلال الأعوام الأخيرة، 9 مليارات دولار على "المنتجات منخفضة المخاطر"، من أجل تأمين خط مربح من المنتجات في المستقبل، بينما تواجه مبيعات السجائر العادية قيودا قانونية أكثر صرامة.
وتهدف الإعلانات المكثفة المنتشرة في الشوارع لمنتجات "أيكوس" الخالية من دخان التبغ، إلى المساعدة في جعلها علامة تجارية واسعة الانتشار في الأسواق.
من ناحية أخرى، تعرب الجمعية الألمانية لصناعة التبغ والمنتجات الجديدة، عن يقينها بأن الحصة السوقية لتلك المنتجات ستستمر في النمو. والسؤال الوحيد هو "إلى أي مدى سيكون النمو سريعا"، بحسب ما يتساءل عنه يان موكه، المدير العام للجمعية، الذي وصف الحظر المفروض على الإعلانات في الأماكن العامة لمنتجات التبغ المسخن بأنه "خطأ سياسي كبير".
ويشار إلى أن صناعة التبغ لديها أهداف طموحة لمنتجاتها من التبغ المسخن. وتأمل شركة "فيليب موريس إنترناشونال" أن يكون لديها أكثر من 40 مليون مستخدم لمنتجات "أيكوس" في جميع أنحاء العالم بحلول 2025، أي أكثر من ضعف العدد الحالي. ويوجد في ألمانيا حاليا 670 ألف مستخدم، بحسب ما تقوله شركة صناعة السجائر الأمريكية العملاقة، ما يجعل حصة العلامة التجارية في سوق التبغ الألماني 3.7 في المائة، بزيادة نسبتها 0.9 في المائة عن خريف 2021.
وتروج شركة التبغ البريطانية الأمريكية المنافسة لشركة بـ "فيليب موريس إنترناشونال" من أجل "التحول" أيضا، وتهدف إلى زيادة مبيعات "حلو".
وتقول متحدثة باسم الشركة: "تستمر وتيرة تحول المدخنين البالغين إلى هذه البدائل في الارتفاع".
وتستخدم شركة "فيليب موريس إنترناشونال" في ألمانيا دراسة استقصائية حديثة طلبت من معهد "جي إف كيه" لأبحاث السوق ومقره نورمبرج، أن يجريها، لدعم حجتها بأن المدخنين يجب أن يتم تثقيفهم بقدر أكبر بشأن "دور احتراق التبغ باعتباره السبب الرئيس للأمراض المرتبطة بالتدخين".
وتوصل الاستطلاع الذي شمل 1000 شخص من مدخني السجائر البالغين في ألمانيا، إلى أن 54 في المائة منهم لم يرغبوا في الإقلاع عن التدخين، بينما يرغب 17 في المائة منهم في الإقلاع عن التدخين من حيث المبدأ ولكنهم لم يعرفوا متى سيحاولون ذلك، فيما أراد 11 في المائة منهم الإقلاع عن التدخين مهما كلفهم الامر، ولكن لم يفكروا في توقيت ذلك.وكلما كان المدخنون أكبر سنا، كلما كان دافعهم للإقلاع عن التدخين أقل.