قناة الحوار .. الفكرة الرائدة!
ابتهجت كثيراً وأنا أقرأ ما جاء في ورقة العمل التي قدمها معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة، خلال افتتاح ملتقى المدربين المعتمدين لنشر ثقافة الحوار السبت الماضي، حيث تحدث معاليه بألسنتنا جميعاً عندما أكد أن الرحلة الأبدية للمعرفة الإنسانية تعيد علينا حيناً بعد حين التذكير بجهل الإنسان بما ظن أنه عرفه، ولو جرب كل شخص في حالة من حالات التأمل والتفكير في المفاهيم والكلمات سيصل إلى لب ما يدعو إليه القرآن الكريم بأن يكون الإنسان كائناً متدبراً, مشيراً إلى أن الملتقى يريد أن يخرج الحوار من التصور الفلسفي إلى الثقافة المجتمعية، ومن أبراج المثقفين إلى الشارع حتى يكون للحياة معنى وللحوار قيمة، فالكلمة ليس لها من أثر إذا ظلت سجينة المعجم اللغوي، بل سيكون تأثيرها قوياً عندما يتداولها الناس ويتأملونها ويتدبرون ما فيها.
ولا أظن أن هناك مَن يختلف مع هذا الكلام, فقد ظللنا لسنوات طويلة نضع النظريات عن الحوار وأهميته والفوائد المترتبة عليه دون أن نمارسه بالشكل المطلوب, ولهذا كان إنشاء مركز الحوار الوطني خطوة عظيمة ونقلة نوعية بتوجيه مباشر من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، راعي الحوار الأول على مستوى العالم.
وطالما أننا وصلنا إلى هذه المرحلة المتقدمة من مشروع الحوار فيجب أن ندرك أن المرحلة القادمة تستلزم العمل على إيجاد وتطوير «قنوات عصرية» للحوار الوطني بعيداً عن الصالات المغلقة التي لا يتمكن أغلب الناس من الاستفادة مما يدور تحت أسقفها بشكل حقيقي, وأشيد هنا بالفكرة الرائدة التي تم طرحها في الملتقى والمتمثلة في إنشاء قناة تلفزيونية للحوار تدخل كل بيت دون استئذان وتضع المواطن السعودي في قلب مشروع الحوار الوطني, وآمل أن يتم العمل على إنجازها سريعاً, فالوقت لا ينتظر أحداً, هذا مع الأخذ في الاعتبار أن القناة التي تُدرس فكرة إنشائها حالياً في وزارة الثقافة والإعلام تمهيداً لرفعها للمقام السامي لابد أن تخرج عن الأطر التقليدية لتكون قناة «تفاعلية» بمعنى الكلمة بحيث يشعر كل مواطن أنه عنصر فاعل ومهم في مشروع الحوار الوطني.
كما لابد أن أشير إلى أن فكرة إيجاد وتطوير القنوات العصرية للحوار لا تتوقف عند «قناة تلفزيونية» فقط بل نحن بحاجة إلى الاستفادة من جميع وسائط المعلومات والتقنية لإشاعة ثقافة الحوار الوطني المتزن بأهدافه السامية, وأنا هنا أتقدم باقتراح لمركز الحوار الوطني ووزارة الثقافة والإعلام للبدء بالعمل على إنشاء ملتقى حواري إلكتروني على شبكة الإنترنت وأعتقد أن كثيراً من المهتمين يؤيدون هذا الاقتراح, نظراً لكون الملتقى الحواري سيعمل بشكل فاعل على تحقيق أهداف مشروع الحوار الوطني, بجانب أنه سيوفر كثيراً في سبيل الوصول إلى فئات المجتمع كافة وخصوصاً أولئك الذين هم في أمس الحاجة إلى إسماع الوطن صوتهم والاستماع إلى غيرهم, وهذا تحديداً من أهم ما يمكن أن يقدمه لنا الحوار الوطني اليوم.