كيف نجعل الأسر مستعدة للدفع دائما؟ «2 من 2»

إضافة إلى كل ما سبق ذكره في مقالتنا الماضية، يستخدم الاقتصاديون أرقام الدخل المتاح والدخل التقديري لتحديد مقدار عبء الضرائب ودعم رعاية الأطفال في بعض الدول، وفي تصميم منتجات تأمينية خاصة بالأفراد، كما أن الحكومات في أوقات الأزمات تراجع هذين الرقمين لمعرفة مقدار الدعم الملائم للأسر المتضررة من آثار التضخم أو من سياسات الإصلاح الاقتصادي، وفي الوقت نفسه يمكن الاستدلال بالدخل التقديري منفردا في معرفة مدى قدرة الأسر على الدفع في الإجازات ونهاية الأسبوع للترفيه، وشراء أي سلع كمالية أو خدمات غير أساسية، وهو، أي الدخل التقديري كما ذكرنا، أنه ما تبقى من الراتب بعد دفع الضرائب وتكاليف المسكن والفواتير والغذاء والصحة والضروريات بما فيها الرهن العقاري، ويسهم الدخل المتبقي المرتفع في تحفيز الشركات على زيادة استثماراتها في القطاع الخدمي، إضافة إلى أن بقاءه، أي الدخل التقديري، مرتفعا سيمكن الأفراد من مضاعفة أصولهم.
وقد كتبت مقالتين في الثالث والسابع من كانون الثاني (يناير) 2023 بعنوان، "خطة مضاعفة الأصول للأفراد خليجيا"، ووضعت بعض الآراء الاقتصادية في المقالتين حول مضاعفة أصول الأفراد عبر الأسواق المالية، وكلها في نهاية المطاف تؤدي إلى استعدادية الأسر للدفع دائما، وفي السياق نفسه يمكن مقارنة الدخل المتبقي بمعدلات الفقر لمعرفة وضع رفاهية عائلاتنا الوطني، الذي يميل في الأغلب إلى النسبية بين الدول، كما أن مؤسسات معاشات التقاعد يمكنها تعديل نسب الاستقطاع التقاعدي وفق رقمي الدخل المتاح والمتبقي لحماية الأسرة من فقر ما بعد التقاعد، كما أن الأجانب لهم نصيب من الأهمية في تصميم خدمات ومنتجات تستهدف الدخل المتبقي الخاص بهم من قبل البرامج الحكومية والقطاع الخاص، يشمل تقدير تكلفة الخدمات الاحتكارية التي تقدمها الشركات الحكومية أو الشركات التي تحصل على رخص احتكارية طويلة الأمد من الحكومات، والأمر ينطبق على برامج التخصيص التي فيها عبء مالي مؤقت على القطاع العائلي أو العقوبات والغرامات القانونية.
وقبل الوصول إلى الختام تجدر الإشارة إلى أن تقدير تحمل الديون للأفراد عبر الرافعة المالية للمستهلكين، أي عند تمويل الضروريات أو الكماليات، يمكن قياسها من هذين الرقمين التي بدورها ستحد من حالات تعثر المدينين، ولا سيما أن خيارات معالجة إفلاس الأفراد محدودة.
خلاصة القول، أولا، الاقتصاد السليم يمتع أفراده بقدر وافر من الأموال المتبقية بعد خصم كل التكاليف الضرورية، وهناك نجاعة استراتيجية واقتصادية من وضع نسب مئوية وطنية لهذين الرقمين، "الدخل المتاح والتقديري" يمنع تخطيها سواء من المنظمين غير الاقتصاديين أو التنفيذيين الحكوميين، لجعل الميل الاستهلاكي والاستثماري دائما مرتفعين لدى الأسرة. ثانيا، تماشيا مع رؤية 2030 أرى أهمية وجود مسوحات مماثلة تماما لما يقوم به مكتب التعداد في أمريكا، الذي يصل إلى 128 مسحا للأسر في العام الواحد، بحيث نجمع بين الحوكمة الاقتصادية ووفرة البيانات وترقية بياناتنا الإحصائية والاقتصادية عند صناع السياسات الاقتصادية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي