حظر المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة «2 من 2»

بشأن ضبط معايير الحوكمة في البيئة الاجتماعية، فالواقع أن ديسانتيس هو الحاكم ذاته الذي استخدم سلطة حكومة الولاية في 2021 لمنع خطوط الرحلات البحرية المملوكة للقطاع الخاص من سؤال العملاء حول ما إذا كانوا مطعمين ضد مرض فيروس كورونا كوفيد - 19. ورغم أن الحزب الجمهوري دأب على ادعاء الإخلاص للأسواق الحرة، فقد بات من الواضح على نحو متزايد أن ديسانتيس وبقية أعضاء حزبه لديهم أولويات أخرى.
يرجع الجدال حول مسؤولية الشركات على المستوى الاجتماعي إلى ثلاثينيات القرن الـ20، عندما ناقش مهندس "الصفقة الجديدة" أدولف بيرلي وأستاذ القانون ميريك دود هذه القضية لأول مرة في نشرة مراجعة القانون التي تصدرها جامعة هارفارد. في مقال نشرته مجلة "نيويورك تايمز" في 1970، زعم ميلتون فريدمان أن المسؤولية الاجتماعية الوحيدة التي تتحملها الشركات تتلخص في تعظيم عائدات المساهمين. وعلى مدار العقود الخمسة التالية، كانت الغلبة لعقيدة فريدمان.
ثم جاءت المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة. يسوق أنصار هذه الحركة نوعين من الحجج: الأول يتمثل في الحجة الأخلاقية، يجب على الشركات أن تنظر إلى ما هو أبعد من رعاية مصالح المساهمين الاقتصادية، وأن تفكر مليا في التأثير الذي قد تخلفه قراراتها في مصالح أصحاب المصلحة الآخرين، بما في ذلك العمال، والموردين، والمجتمعات المحلية. هنا أترك الحكم على المسألة الأخلاقية لعلماء الأخلاق.
الحجة الأخرى أقرب إلى المعاملات، تـكافأ المواطنة الصالحة من جانب الشركات ماليا في الأمد البعيد، من خلال زيادة حماس المستهلك وتحسن الروح المعنوية بين الموظفين.
هل من الصحيح أن الشركات والمستثمرين يمكنهم تحقيق "الأداء الجيد من خلال عمل الخير"؟ ربما يكون الأمر كذلك. إذ يشير بعض الأدلة إلى أن الأداء في مجال حوكمة الشركات قد يكون مجزيا حقا من الناحية المالية. على سبيل المثال، أظهرت الدراسات في دول عديدة أن الشركات تتمتع بعائدات أعلى وأسعار أسهم أعلى إذا عملت على تقييد تعويضات المسؤولين التنفيذيين من خلال المطالبة بوضع مديرين من الخارج في عضوية لجان التعويض والسماح للمساهمين "بالإدلاء برأيهم في الأجور".
تصبح الحجة أضعف عندما يتعلق الأمر بالمعايير البيئية. لا يخلو الأمر بطبيعة الحال من مكافآت محتملة هائلة للمستثمرين والشركات التي تقفز إلى عربة الطاقة النظيفة. لكني أشك في أن حماية البيئة بدرجة أكبر من تلك التي يتطلبها القانون التي ترغب الحكومة في تحفيزها قد تفضي بالضرورة إلى تحسين الربحية.
لكن مسألة تحديد القيمة الاقتصادية يجب أن تترك للأسواق المالية. فمن الممكن أن يكتشف العملاء بأنفسهم ما إذا كانوا راغبين في شراء منتجات الشركات ذات الضمير البيئي. ومن الممكن أن يختار العمال أن يعملوا بقدر أكبر من الجدية لمصلحة أصحاب العمل الواعين اجتماعيا. ومن الممكن أيضا أن يقرر المستثمرون ما إذا كان التمسك بالممارسات البيئية والاجتماعية ومعاير الحوكمة مربحا في الأمد البعيد.
في النهاية، المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة ليست بديلا للتنظيم الحكومي المصمم بذكاء وعن اطلاع. في هذا الصدد، كان فريدمان على حق. من ناحية أخرى، إذا قرر المستثمرون من القطاع الخاص أو الشركات الخاصة أنهم يريدون ملاحقة الأهداف البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة، فليس من حق الساسة أن يتدخلوا. لهذا السبب تـسمى السوق الحرة. ربما ينبغي لديسانتيس ورفاقه الجمهوريين أن يراجعوا معلوماتهم حول معلمهم فريدمان.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي