«تحداني؟»
في صغرنا كنا نستمتع كثيرا باللعب خارج المنزل إلى تلك الدرجة التي ننسى فيها وقت العودة، وندفع ثمنه باهظا "بجلدة" محترمة من أحد الوالدين، ورغم ذلك نعاود الكرة حين يكون هناك شيء ممتع في اللعب، والمتعة تكون أكبر حين يقول أحدهم "تحداني؟" لحظتها تشعر أن الأدرينالين يضخ الإثارة في عروقك وعقلك يفكر في لحظة الانتصار وكبرياؤك يبحث عن مخرج يجعلك على قدر التحدي الذي قبلت به.
في لحظة التحدي أمامك خياران لا ثالث لهما الأول أن تبرهن لنفسك قبل الآخر أنك "كفو وتقدر تسويها"، وبذلك ستحظى بشعور الانتصار، والثاني أن تنهزم وتكف عن المحاولة فتعتقد للأبد بأنك غير قادر على تحقيق أي نتيجة لأنك أقل من غيرك، وبالتالي هم أفضل منك وستصل إلى قانون تقنع نفسك به داخليا بأنك مهما حاولت ستهزم، وهذا الشعور بالهزيمة ستظل مرارته عالقة في روحك خصوصا إن طبقته على أمورك في الحياة كلها.
لا شيء مثل التحدي يوقظ الهمم والعزائم وينفخ الرماد عن جذوة الأمل فتشتعل معها أحلامك وخططك وأهدافك، وتدفعك لأن تكون شخصا أفضل يؤمن بذاته وقدراته وأنه لا يقل قدرا عن غيره. التحدي يوقظك من سباتك ويهزك بعنف لتتساقط عن روحك أوراق الإحباط اليابسة وغصون الفشل الذابلة، لا تقبل إطلاقا أن يصنفك الآخرون بالمهزوم الذي لا يستحق الأفضل. جراح الأعصاب الأشهر في العالم بن كارسون عاش في حي معزول في ولاية ميتشجان على أساس عنصري، وكان والده مدمن كحول ووالدته أمية تعمل عاملة نظافة في بيوت الأثرياء تخرج من الخامسة صباحا إلى منتصف الليل، في المدرسة كان أصدقاؤه يلقبونه بالأسود الفاشل الغبي كما كانوا يلقبونه بشبكة الأمان، نظرا إلى أنه كان يحظى دوما بالمركز الأخير بسبب درجاته المتدنية وبالتالي هم يضمنون أنهم لن يحصلوا على المركز الأخير، نتيجة لهذه الظروف تحول إلى عدواني يظن أنه لا يستحق حتى مجرد التفكير في النجاح.
هنا وضعت له والدته بصرامه برنامج التحدي ليكون الأفضل ويؤمن بذاته وذلك بأن يقرأ كتابين في الأسبوع ويلخصهما لها، وقبل بن التحدي الذي كان له الأثر العظيم في تغيير حياته للأبد ووصوله إلى هذا المركز العظيم بالطب على مستوى العالم، وفي 2016 أعلن ترشحه لرئاسة أمريكا.
وخزة:
"جراح قلب مصري شهير قال له أقرب الناس إليه، (عمرك ما حتوصل لأنك مش نبيه)، لكنه قبل التحدي وانتصر. قانون التحدي يصنع العظماء الذين لا يقبلون سوى بالانتصار، لذلك إذا قال لك أحدهم (تحداني؟)، اقبل التحدي."