حديثو النعمة

حسب تعريف "ويكيبديا" لحديثي النعمة فإنهم هم الأثرياء الجدد الذين تحصلوا على ثروتهم خلال جيلهم، من ناحية اجتماعية، يشير المصطلح إلى رجل أو امرأة كان إلى فترة قريبة ينتمي إلى طبقة اجتماعية فقيرة، سمح له المال الجديد بصعود سلم الحراك الاجتماعي ووفرت له وسائل الاستهلاك شراء السلع والخدمات التي تميز الطبقة الثرية. حديثو النعمة هو مصطلح ساخر يستخدم لوصف أولئك الذين يبالغون في الابتذال والتفاخر بغناهم الجديد.
هذا التعريف ينطبق حاليا على ما يمارسه مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي رجالا أو نساء، فالتغير المادي المفاجئ الذي حدث لهم كان بمنزلة الصدمة التي لم يتمكنوا من التعامل معها واستيعابها، فبالأمس القريب كانوا مجرد أشخاص عاديين لا يمتلك معظمهم المقومات الاجتماعية للشخص الناجح من أفكار وعلم وثقافة، ثم فجأة حدثت لهم هذه القفزة المادية في عالم الشهرة بسبب مقطع فارغ اشتهر بسرعة البرق، أو كلمة تافهة قالها أحدهم وتداولها الناس فسرت كسريان النار في الهشيم أو لأي سبب كان. من السهل التعرف على حديثي النعمة فهم دوما يتحدثون عن سياراتهم الفارهة وأسعارها الفلكية، ومجوهراتهم الباذخة التي تم تصميمها لأجلهم ولا توجد منها نسخة ثانية، وعن أكلهم في مطاعم أسعار أطباقها "مدبلة" عشر مرات، وعن سفراتهم اللندنية والباريسية وتكلفتها العالية، يتباهون بأرصدتهم البنكية والهدايا الباذخة التي تصلهم وأثاث منازلهم والخدم والحشم ويصورون تجمعات الرعاع والإمعات الذين يلهثون خلفهم في الأماكن العامة، لأن الأنا عندهم مرتفعة والنرجسية في أعلى مستوياتها وكأنهم بذلك ينتقمون من أيام الفقر والحاجة التي عاشوها من قبل، لا يمتلكون فكرا ولا محتوى ولا رسالة ولا هدفا، هم داخليا متخمون بالهشاشة والتفاهة والخواء الفكري، لا يقدمون أي مشاركات مجتمعية ولا مبادرات إنسانية ولا زيارة دور أيتام ومسنين ولا دعم للأسر المنتجة، أما هداياهم المتواضعة التي يمنون فيها على متابعيهم فيشترطون عليهم أن يضغطوا زر المتابعة و"اللايك" وإرسال حساباتهم ليزداد المتابعون وترتفع المشاهدات فيكسبوا ماديا أكثر، وعلى عكسهم تماما الذين ولدوا أغنياء لا يتباهون بما يملكون ولا يهمهم إظهار ما لديهم.
وخزة
حديثو النعمة يتناسون دائما أن كسب محبة الناس ليست ورثا ولا بضاعة يشترونها بأموالهم، بل هي قول وفعل ومصداقية وحين تفقد أحدها فستخسر كل شيء بغض النظر إن كنت فقيرا أو غنيا. حديثو النعمة إن لم يتوقفوا عن الاستعراض و"المهايط" وإفساد حياة البسطاء الذين يقارنون بين حياتهم وحياة حديثي النعمة، ويشتغلوا جيدا على الفكر والمحتوى المجتمعي فسيأتي يوم ويتبخرون كفقاعة صابون!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي