«وادي التقنية».. بوابة المملكة لاقتصاد المعرفة ومركز لتطوير الصناعات
تثبت جامعة الملك سعود في كل يوم أنها النموذج الذي يمكن أن يحتذى به لعكس الطفرة الكبيرة التي تعيشها البلاد إلى واقع علمي وعملي معاش، حيث ظلت الجامعة ومنذ فترة طويلة في حالة نشاط مطرد على الأصعدة والميادين كافة أثبتت من خلاله قدرتها الفائقة على التحدي وتحمل المسؤولية في سبيل الوصول للأهداف المنشودة وهو ما مكنها من (التحكُر) بين كبريات الجامعات العالمية والرائدة، ولم تنحصر نهضة الجامعة التطويرية في التركيز على الجوانب المعرفية والبحثية لطلابها فقط بل تعدتها للإسهام في تنمية جميع مقدرات الوطن والمواطن الاقتصادية والعلمية وكل ما من شأنه أن ينعكس تطوراً وتقدما على البلاد واتخذت في سبيل ذلك عدة خطوات جادة وحاسمة تمثلت في عديد من المشاريع العملاقة التي تصب في هذا المنحى، ويأتي مشروع وادي الرياض للتقنية Riyadh Techno Valley في مقدمة هذه المشاريع لما يمثله من مستقبل واعد في كل ما يتعلق بالتنمية المستدامة وتقنيات المدن الذكية وهو ما جعل الجامعة محط أنظار المسؤولين والمتابعين باعتبار أن المشروع يمثل نقلة حضارية كبيرة ليس للجامعة فحسب ولكن لكل الوطن.
نهضة تقنية
حرصت إدارة الجامعة على إشراك القطاع الخاص في إنشاء المشروع فكان أن بادرت الشركة العقارية السعودية بالمساهمة متولية تصميم المخطط الرئيسي للمشروع وأوكلت لمعهد ستانفورد للبحوث SRI إعداد وتقديم دراسات الجدوى الاقتصادية والخدمات الاستشارية لتصميم المخطط العام.
قيمة اقتصادية مضافة
يضطلع الوادي بتحويل المخزون المعرفي في الجامعة إلى منتجات ذات قيمة اقتصادية مضافة تعزز شراكة الجامعة مع الصناعة في البحث والتطوير وتكون نافذة للإبداع والابتكار والتميز إضافة إلى إسهامه في المحافظة على استدامة توازن العلاقة بين الصناعة من جهة ومراكز البحث والجامعة من جهة أخرى حتى يسهم في جذب العقول المتخصصة من جميع أنحاء العالم وأن يشكل إضافة متميزة في نطاق مدينة الرياض العمراني ومحفزا لتفاعل المجتمع مع المراكز العلمية والبحثية ورفع مستوى التعاون والتفاعل بين الجامعة والشركات الصناعية والتجارية في المملكة وإيجاد فرص وظيفية متميزة للخريجين وطلاب الدراسات العليا وتكوين موقع مناسب لاستقطاب المستثمرين الدوليين الراغبين في الاستثمار في شركات التقنية وتعزيز وتقوية صورة الجامعة كمركز تعليمي بحثي متميز في نظر شركات الصناعة والتجارة وإيجاد مصدر دخل مستقل للجامعة من ممتلكاتها الفكرية والعقارية وإيجاد البيئة المناسبة لتطوير مناهج الجامعة لتتماشى مع احتياجات اقتصاد المعرفة.
بوابة العالمية
أوضح الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن العثمان مدير الجامعة أن المشروع يهدف للإسهام في إنشاء مجتمع المعرفة وتحقيق التنمية المستدامة وتسويق كفاءات الجامعة لتحقيق عائدات تساعدها على التميز وتوجيه أعمال البحث بما يتناسب مع احتياجات وأولويات المجتمع وتقليص الهوة بين مخرجات الجامعة ومتطلبات سوق العمل واكتساب التقنية وتوظيفها وتوطينها بما يخدم التنمية المستدامة والتعاون مع مختلف قطاعات المجتمع كشركاء في إنجازات الجامعة ومستفيدين من مخرجاتها إضافة إلى تحسين مستوى الدراسات و برامج التدريب والاستشارات العلمية بما يتلاءم مع أفضل الممارسات العالمية، وأضاف سيسهم المشروع في تخصيص خمسة آلاف وظيفة للطلاب وتوفير أكثر من ألفي وظيفة تدريبية، وسيكون الوادي أحد بوابات المملكة نحو اقتصاد المعرفة على اعتبار انه سيسهم في نقل التقنية وتوطينهاوتعزيز التعاون بين الجامعة ومراكز البحث العالمية، لافتا إلى إن مدينة الرياض بحاجة إلى أكثر من واد للتقنية، واستطرد: من يعتقد أن الجامعة قادرة على عمل كل شيء لوحدها فهو مخطئ وسنتعاون مع القطاع العام والخاص في سبيل نقل المملكة نحو الاقتصاد المبني على المعرفة.
شراكة نموذجية
من جانبه أوضح الدكتور علي بن سعيد الغامدي وكيل الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي، أنه تم الاتفاق على إنشاء المشروع في مختلف مراحله التأسيسية بالشراكة بين الجامعة والقطاعين العام والخاص متوقعا أن يحقق المشروع بعد تشغيله عائدات كافية لا لتمويله الذاتي فحسب وإنما لتحقيق موارد مهمة ومستقرة للجامعة تساعدها على إنجاز مخططاتها الرامية إلى التميز والريادة، مشيرا إلى أن رؤية المشروع ستتجسد في إقامة واحة علمية رائدة في مجال البحث العلمي والتطوير التقني واقتصاديات المعرفة وتهيئة البيئة المناسبة لتشجيع الابتكار وتلبية احتياجات الصناعة المعرفية عن طريق تسويق منتجات البحث الجامعية وتعزيز التعاون بين مراكز البحث والتطوير والصناعة، واستطرد تهدف الجامعة من وراء هذا البرنامج على مساعدة خريجيها على اكتساب روح المبادرة وترجمة أفكارهم ومشاريع تخرجهم إلى استثمارات ذات مردود اقتصادي وإنشاء شبكات تعاون بين المؤسسات الموجودة فيما بينها ومع عدد من المؤسسات الاقتصادية والبحثية في الداخل والخارج خدمة للتنمية وتوظيفا للمعرفة في مختلف النواحي الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
استثمار العقول
وأوضح الدكتور خالد الظافر مسؤول التطوير في المشروع، أن الوادي الذي تم تدشينه في 2007م، ويتوقع الانتهاء منه في آب (أغسطس) 2009 على مساحة إجمالية تقارب 12 ألف متر مربع، وضع عددا من الأهداف لتحقيقها على المدى الطويل، أهمها تحويل مخزون الجامعة المعرفي إلى منتجات ذات قيمة اقتصادية مضافة تعزز شراكتها مع الصناعة في البحث والتطوير وتكون نافذة للإبداع والابتكار والتميز وبالتالي جذب العقول المتخصصة من جميع أنحاء العالم، وأضاف أسسنا عددا من الشراكات مع القطاع الخاص في هذا المشروع كان آخرها مجموعة «الزامل وشركاؤه» بخصوص تطوير منطقة الكيماويات والأحياء داخل الوادي لتنفيذ ما أعلن عنه مسبقا فيما يتعلق بتوفير خمسة آلاف وظيفة، وأضاف البداية كانت من خلال تدريب الكوادر الوطنية البشرية من خلال التعامل مع كليات الجامعة في مجال الطب والهندسة وعلوم الصيدلة وطب الأسنان والاتفاق مع عديد من الجهات، مثل اتفاقية تأسيس المركز الوطني للتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد ضمن قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في الوادي والتي يمكن أن تسهم في إنشاء مجتمع المعرفة وتحقيق التنمية المستدامة وتسويق كفاءات الجامعة لتحقيق عائدات تساعدها على التميز وتوجيه أعمال البحث بما يتناسب مع احتياجات وأولويات المجتمع وتقليص الهوة بين مخرجات الجامعة ومتطلبات سوق العمل واكتساب التقنية وتوظيفها وتوطينها بما يخدم التنمية المستدامة والتعاون مع مختلف قطاعات المجتمع كشركاء للجامعة في إنجازاتها وكمستفيدين من مخرجاتها إضافة إلى تحسين مستوى الدراسات وبرامج التدريب والاستشارات العلمية بما يرقى إلى التطلعات ويتلاءم مع أفضل الممارسات العالمية.
مدن ذكية وتنمية مستدامة
يقع الوادي الذي وضع حجر أساسه الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية نيابة عن ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز نهاية عام 2007 في قلب مدينة الرياض على شارع الأمير تركي بن عبد العزيز (الأول) وداخل الحرم الجامعي بمساحة تقارب 1.7 مليون متر مربع، وتعتزم الجامعة تطويره ليكون مثالاً حياً على تقنيات التنمية المستدامة والمدن الذكية خاصة أنه يأتي كواحد من إسهاماتها المتعددة في بناء شراكة مع القطاعين الخاص والعام في مجال اقتصاديات المعرفة مستفيدة في ذلك من مواردها البحثية وسمعتها العالية وشبكة اتصالاتها الواسعة إضافةً إلى تلبية احتياجات الشركات التي تعمل في مجالات صناعة المعرفة، وتتطلع الجامعة من خلال هذا المشروع على استقطاب الشركات المحلية والعالمية المرموقة للاستثمار داخله وإحداث ديناميكية بحثية داخل الجامعة توظف الكفاءات العالية لديها لتسهم في تيسير إنماء المؤسسات الاقتصادية المبنية على الابتكار من خلال آليات التحصين وتوفير مساحات وتجهيزات عالية الجودة وخدمات ذات قيمة مضافة وتوليد واكتساب التقنية ونقلها إلى المؤسسات المستثمرة داخل الوادي بما يساعد على إرساء اقتصاد المعرفة داخل المشروع، ويتكون المشروع من خمس مناطق رئيسة هي (منطقة الجامعة وهي وحدة من الجامعة تتولى أمر الأعمال والخدمات البحثية والملكية الفكرية إضافة إلى مختبرات لخدمة السوق المحلي و مركز رواد الأعمال ومنطقة البحث والتطوير وهي معاهد أبحاث حكومية وخاصة ومراكز أبحاث متخصصة ومنطقة شركات التقنية وهي منطقة تجتمع فيها الشركات التجارية المتخصصة في مجالات الوادي المختلفة والقرية العلمية وهي المنطقة السكنية والترفيهية للمشروع والتي ستعكس مستوى المعيشة الراقي للعاملين بجانب الزوار من داخل وخارج مدينة الرياض ومنطقة المركز وهي قلب الواحة النابض وتحتوي على الحاضنات ومكتب الخدمات والمساندة ).
لماذا جامعة الملك سعود؟
يعد وادي الرياض للتقنية بوابة المملكة لاقتصاد المعرفة ومركز لتطوير الصناعات القائمة على الإبداع والابتكار بمشاركة القطاع الخاص بل هو واحة علمية تسعى لاستثمار مخرجات الأبحاث والتقنيات المطورة لتأسيس شركات معرفية وتوفير وظائف نوعية عالية الدخل، ويستهدف المشروع تعزيز دور الجامعة في النهضة الوطنية ودعم التنمية نحو اقتصاد المعرفة كتوجه استراتيجي للدولة.
ويعد موقع جامعة الملك سعود الاستراتيجي والمتميز في العاصمة الرياض وقربها من حركة النهضة والاقتصاد من أهم الأسباب الذي جعل هذا الوادي جزءا منها بجانب وجود المعاهد المتخصصة مثل معهد الملك عبد الله لتقنية النانو ومعهد الأمير سلطان للتقنية والتقنية المتقدمة فيها، فضلا عن أن الجامعة تحتل حاليا المرتبة الأولى عربيا من حيث براءات الاختراع إلى جانب احتوائها على أكثر من 4500 عضو هيئة تدريس من خريجي أفضل جامعات العالم وامتلاكها بنية تحتية تصل قيمتها لأكثر من 70 مليار ريال، وامتلاكها شبكة تحالفات مع أفضل الجامعات ومراكز البحث العالمية واحتضانها عددا من البرامج التطويرية الداعمة للوادي ومنها برنامج كراسي البحث وبرنامج مراكز التميز البحثي وبرنامج الاستقطاب لعلماء نوبل والباحثين، خاصة أن الوادي يعتمد في تحقيق أهدافه على عدة عناصر تتمثل في البحوث التطبيقية والحاضنات المتخصصة والذراع التمويلية الاستثمارية والكوادر البشرية المؤهلة والعلاقات والتحالفات المحلية والدولية وثقافة العمل الاحترافي والبيئة المكانية المتميزة، وهي كلها عناصر موجودة داخل جامعة الملك سعود.
ويستهدف الوادي قطاعات (التقنية الكيماوية، والتقنية الحيوية والزراعية وتقنية المعلومات والاتصالات ) وينتظر تنفيذه على ثلاث مراحل تمتد الأولى بين ثلاث إلى خمس سنوات وتشمل 20 في المائة من مساحة الأرض، وبناء القدرات البحثية والإبداعية للباحثين والطلبة وتوفير فرص عمل دائمة وجزئية، فيما تمتد الثانية من خمس إلى سبع سنوات وتشمل 40 في المائة من مساحة الأرض، وإنجاز أبحاث علمية وتطويرية ذات قيمة مضافة وتخريج شركات تقنية تسهم في توليد فرص وظيفية عالية الدخل، إضافة إلى استثمار خمسة مليارات ريال، أما المرحلة الثالثة والتي تمتد من 15 إلى 20 سنة فتشمل 40 في المائة من مساحة الأرض وإدارة عقود البحث والتطوير للشركات المقيمة والاستفادة من التجمعات التقنية للشركات وإيجاد التكامل فيما بينها، إضافة إلى استثمار 17 مليار ريال.
الجدير بالذكر أن وادي الرياض استحوذ على اهتمام عالمي حيث استضافت قناة سي بي إس – دبل يو آر إيه إل (CBS- WRAL) الإخبارية الأمريكية الشهر الماضي المدير التنفيذي لحاضنة الرياض للتقنية الدكتور مزيد بن مشهور التركاوي والخبير الدولي جيري شوب مستشار وادي الرياض للتقنية في لقاء تلفزيوني، وذلك في مدينة رالي- ولاية شمال كارولينا- الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد لفت انتباه الإعلام الأمريكي ما تقوم به جامعة الملك سعود من تفعيل حقيقي في تحويل الاقتصاد السعودي إلى اقتصاد قائم على المعرفة من خلال شراكة مجتمعية حقيقية.
وأكد الدكتور التركاوي خلال حديثه للفضائية الأمريكية على أن ذلك الحراك يأتي في ضوء رؤى خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - ودعمه الكبير للجامعة وحكومته الرشيدة في اعتماد منهجٍ اقتصاديٍ يضمن للأجيال القادمة حياة كريمة ويضع المملكة العربية السعودية في مقدمة دول المنطقة وضمن المنافسة العالمية نحو الارتقاء بالعلم والمعرفة.