جاك دورسي: كل شيء في «تويتر» سار على نحو خاطئ
كانت هناك لحظة وصف فيها جاك دورسي صديقه إيلون ماسك بأنه "الحل الوحيد" لمنصة التواصل الاجتماعي التي شارك في تأسيسها. نشر دورسي في نيسان (أبريل) الماضي على الموقع "أثق برسالته لتمديد نور الوعي".
كانت هذه التصريحات الحماسية تتويجا لصداقة استمرت أعواما بين اثنين من أصحاب المليارات في وادي السيليكون وغيرت مستقبل تويتر بشكل كبير. دورسي، وفقا لوثائق المحكمة وأشخاص مطلعين، كان له دور أساسي في تسهيل بيع المنصة بمبلغ 44 مليار دولار لماسك، الذي سرح منذ ذلك الحين 90 في المائة من قوته العاملة وخفف بشكل كبير من سياسات الرقابة على التغريدات.
الآن، يبدو أن هذا التحالف قد انتهى.
هذا الأسبوع، تحدث دورسي علنا ضد ماسك، قائلا "إنه لا يعتقد أن رئيس تسلا تصرف بشكل صحيح في تعامله مع تويتر". كتب الرجل الذي يبلغ من العمر 46 عاما "لقد سار كل شيء على نحو خاطئ"، مضيفا "لكن هذا ما حدث وكل ما يمكننا فعله الآن هو بناء شيء ما لتجنب حدوث ذلك مرة أخرى".
في الواقع، كان دورسي -الذي كانت شخصيته الشبيهة بالمعلم الروحي قد أكسبته في السابق موالين مخلصين داخل تويتر- يقود زمام المبادرة لإيجاد بدائل لها. فعلى مدار الأسبوع الماضي، احتل موقع بلو سكاي الذي يشبه تويتر، الذي موله دورسي في البداية في عام 2019 بينما كان لا يزال على رأس تويتر، عناوين الصحف، حيث اجتذب الصحافيين بأعداد كبيرة إلى جانب بعض السياسيين والمشاهير. ولا يزال عضوا في مجلس إدارته وأدلى بتعليقاته حول ماسك على المنصة.
يوم الخميس، تبرع دورسي بخمسة ملايين دولار "لتطوير النظام البيئي الجديد والمتنامي" الخاص بـ"نوستر"، وهو مشروع لامركزي آخر لوسائل التواصل الاجتماعي، بعد إعطاء 14 بيتكوينا، بقيمة تزيد على 200 ألف دولار، لمؤسسه في كانون الأول (ديسمبر).
يقول المقربون من دورسي "إن (نوستر) كان محور تركيزه أخيرا. دورسي، المشهور بلحيته الرمادية الطويلة وميله إلى صرعات الرفاهية الصحية، حضر مؤتمر نوستر في آذار (مارس) في معتكف لليوجا في كوستاريكا، وتحدث في النهاية مانحا مباركته للمشروع". قال جريج كيد، أحد المستثمرين الأوائل في تويتر الذي كان حاضراً أيضا "إن هذا ذنبه، إنه يتحمل مسؤوليته عما انتهى إليه الأمر في تويتر".
لقد ندم دورسي على اعتماد تويتر على المعلنين والمستثمرين، وكيف أجبر المنصة على محاولة جذب المشاركة لتحقيق النتائج الفصلية كما قال كيد. "في الكرة الثانية، قد لا يكرر تلك الأخطاء (...) إنه يعود إلى عمله الأساسي".
ساعد دورسي، المولود في سانت لويس في ولاية ميزوري، وهو معالج تدليك مرخص أيضا، على إنشاء موقع تويتر في عام 2006. وشغل منصب الرئيس التنفيذي لفترتين، آخرهما من 2015 حتى نهاية 2021. يقول المقربون منه "إنه كان دائما مدفوعا بالرغبة في إضفاء الطابع اللامركزي على الخدمات. في حالة تويتر، سعى إلى جعل وسائط الإعلام متاحة للجميع. وفي الأعوام الأخيرة، أصبح أيضا مهووساً بعملة البيتكوين والمدفوعات اللامركزية".
امتد هذا النهج إلى الطريقة التي كان يدير بها موقع تويتر. ففي كل مرة اضطر فيها إلى اتخاذ قرار كان يفضل السماح للموظفين بطرح الأفكار بأنفسهم. ويجادل منتقدوه بأن "الافتقار إلى الثبات وما نتج عنه من تردد، ابتلى تويتر ببطء الابتكار. وتحداه لفترة وجيزة صندوق الاستثمار الناشط إليوت مانيجمنت، لينتهي الأمر بتويتر في يد ماسك".
في غضون ذلك، الرجل الذي جنى ثروة تبلغ ملايين الدولارات عبر طرح تويتر للاكتتاب العام، انقلب أيضا على وول ستريت، بحجة أن تويتر لم يكن ينبغي له أن يكون شركة تستجيب للمساهمين المتعطشين للربح على الإطلاق، بل "بروتوكولا" لا تملكه أي شركة أو دولة.
في الوقت الذي تنحى فيه، شعر الموظفون وحتى أعضاء مجلس الإدارة بأن دورسي أصبح "المالك الغائب" الذي توقف بالفعل عن الاهتمام بالمنصة. لكن خيانته الكبرى، وفقا لعديد من موظفي تويتر السابقين، "كانت تمهيده الطريق لاستيلاء ماسك على الموقع".
بحسب المدافعين عنه، من الطبيعي أن يركز دورسي، وهو مؤمن بحرية التعبير، الآن على تطوير نماذج لوسائل إعلام اجتماعية لامركزية لمنصتي بلو سكاي ونوستر، لأن الهدف هو بناء نظام قابل للتشغيل البيني لا توجد فيه سلطة مركزية مسيطرة.
"يعتقد كثير من الناس أن المبلغ الذي دفعه لكي يتولى إيلون المسؤولية قد قوض شرعيته"، كما قال إيفان هنشو-بلاث، أحد معارف دورسي وزميل سابق له، مضيفا أنه يعتقد أن هذا النقد غير عادل. لكن الآن، كما يقول هنشو-بلاث "أعتقد أن هناك قليلا من الرغبة في أن يكون نشطا في تمويل هذه البدائل كإزعاج لكل من وول ستريت وإيلون ماسك".
بالنسبة إلى موظفي تويتر القدماء، الذين شعروا بالخيانة الشديدة من قبل دورسي، انتقاداته الأخيرة لماسك كانت متوقعة منذ فترة طويلة. ويتوقع بعضهم عودة أتباعه السابقين مع مرور الوقت. قال أحد كبار موظفي تويتر السابقين "أعتقد أن لدى موظفي تويتر القدماء ذاكرة قصيرة وسيتقدمون بسرعة بمجرد حصولهم على وظائف جديدة".
لكن كي ينقذ دورسي سمعته رائد أعمال في وسائل التواصل الاجتماعي، فإن الكثير يعتمد على ما إذا كانت مبادراته الجديدة ستكتسب زخما أم أنها مجرد موضة أخرى زائلة. قال أحد موظفي تويتر الحاليين "سيحدد الوقت ما إذا كانت هذه فكرة أخرى من أفكار جاك الكبيرة غير المثمرة قبل أن ينتقل إلى الشيء اللامع التالي".