آفاق صناعة السيارات الكهربائية

تأتي الصين الأولى في السيطرة على أسواق السيارات الكهربائية بحصة 60 في المائة، والاقتصادات الأوروبية ثانيا، أما أمريكا ففي المرتبة الثالثة من حيث الحصة السوقية. وكانت القفزة والبداية الحقيقية لبيع كميات تجارية للأسواق في 2021، وتشير التوقعات إلى أن الاقتصادين الصيني والأوروبي أول ما سيقودان اعتماد الناس على السيارات الكهربائية بدلا من السيارات التي تعمل بالوقود، من خلال سياسات التحفيز في الصين وحظر استخدام المركبات التقليدية في أوروبا. وأعتقد أننا لن نرى نفاذ تلك السياسات واضحا إلا بعد 2030، لأن البنية التحتية للسيارات الكهربائية لن تكون متاحة بشكل كاف قبل ذلك، على سبيل المثال فرنسا وإنجلترا تعملان على حظر بيع المركبات التي تعمل بالوقود في 2040، أما الصين حاليا فتقدم دعما تحفيزيا سخيا بلغ متوسطه 15 ألف دولار لكل سيارة، وعليه يمكننا التنبؤ بأن سياسات الحكومات ستكون متباينة، فالصين ستكون سياساتها اقتصادية، أما في أوروبا فتنظيمية لتحفيز استخدام السيارات الكهربائية، وتعزى هذه النظرة إلى أن الاقتصاد الصيني لديه سلاسل إمداد تجعل من منافستها أمرا بالغ الصعوبة حتى من عمالقة الصناعة الأوروبية والأمريكية، وسنرى المصانع الأوروبية معتمدة على الصين في صناعة الأجزاء الرئيسة للسيارات الكهربائية، لأنها الأقل تكلفة، ولن يستطيع الأوروبيون منافسة الصين في هذه الصناعة.
ومن زاوية أخرى، يؤدي الطلب المتزايد على السيارات الكهربائية إلى زيادة الطلب على البطاريات والمعادن النادرة التي تدخل في عمليات التصنيع للسيارات الكهربائية، وجميعها متوافرة في الاقتصاد الصيني وفي سلسلة الإمداد التي سيطرت عليها خارجيا وبتكاليف أقل، أي: إن الاقتصاد الصيني وفي وقت مبكر وسع من سلاسل عملياته التصنيعية لهذا النوع من المعادن وفي عدد من الدول على المستويين الاستخراجي والتصنيعي، وهي بمنزلة خطوات استباقية لمستقبل الاقتصاد العالمي، ولا سيما أن جميع مولدات الطاقة المتجددة والموفرة للطاقة تعتمد على سلسلة إمداد تعدين وصناعة المعادن النادرة.
من المرجح أن الصين في صناعة السيارات الكهربائية وبقدراتها في سلاسل الإمداد التنافسية التي وصلت إليها حتى اليوم، ستكرر تجربة نجاح اليابان في الثمانينيات الميلادية في صناعة الإلكترونيات التي سيطرت آنذاك على العالم بجودتها وموثوقيتها وتنافسيتها العالية وبأسعار تصعب منافستها. وستجعل الصين الأسواق الأوروبية والأمريكية تعيد استراتيجياتها في صناعة السيارات، ولا سيما مع تنامي طلب الدول للسيارات الكهربائية بعد اكتمال البنية التحتية لتزويد السيارات بالكهرباء على الطرق عالميا، بمعنى آخر، مع تسارع الطلب على السيارات والشاحنات الكهربائية سيقل الطلب على السيارات التي تعتمد على الوقود.
أخيرا، شركة لوسيد Lucid Motors المختصة في تصنيع السيارات الكهربائية الفاخرة جاء قرارها بتأسيس مصنع في السعودية من أهم نجاحات صندوق الاستثمارات العامة الاستراتيجية بسبب استثماراته في الشركة، وبالتالي دخل الاقتصاد السعودي في تصنيع الجيل الجديد من السيارات وعلى قدم المساواة مع عمالقة التكنولوجيا وصانعي السيارات الكهربائية في العالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي