سباق الذكاء الاصطناعي التوليدي .. كنز في انتظار الفائز
تتعلق حمى الذهب الأخيرة في كاليفورنيا بتدافع جنوني على الذكاء الاصطناعي التوليدي. شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى، مثل جوجل ومايكروسوفت وميتا وبالانتير، إضافة إلى مجموعة من شركات رأس المال المغامر، جميعها تبحث بشكل جنوني عن طبقات جديدة من الكنز الرقمي. لكن الأسئلة الكبيرة، التي لا تزال دون إجابة حتى الآن، هي: من سينتهي به الأمر بالخسارة ومن سيأخذ الحصة الأكبر؟
التخمين الواضح هو أن الشركات الكبرى التي تطور نماذج إنشاء النصوص، والصور، ومقاطع الفيديو، والصوت ستهيمن على المجال. وكما كتبت لينا خان، رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية، يبدو أن حفنة من الشركات القوية تتحكم في جميع المواد الخام الضرورية: مخازن ضخمة من البيانات، وقوة الحوسبة، والخدمات السحابية. ولعلها كانت ستضيف إلى القائمة: لديها أيضا كثيرا من كبار الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي في العالم ومبالغ طائلة من الأموال.
كتبت خان أخيرا في صحيفة نيويورك تايمز: "التوسع في تبني الذكاء الاصطناعي يهدد بمزيد من الهيمنة على السوق من قبل شركات التكنولوجيا الكبرى القائمة". توفر مثل هذه النظرة العالمية قوة جذب أكبر لحملة خان لمكافحة الاحتكار.
لكن بالحكم بناء على مذكرة مسربة من أحد المسؤولين التنفيذيين في شركة جوجل بعنوان "ليس لدينا ميزة تنافسية"، العالم لا ينظر إلى من هم داخل بعض شركات التكنولوجيا الكبرى بهذه الطريقة. فقد أشار المسؤول التنفيذي في نيسان (أبريل) إلى أن شركتي جوجل وأوبن أيه آي، المدعومة بشكل كبير من قبل شركة مايكروسوفت، ربما طورتا نماذج الذكاء الاصطناعي الأكثر قدرة، مثل بارد وجي بي تي-4. لكنهما كانتا بالفعل في خطر أن يتفوق عليهما المنافسون الأكثر رشاقة الذين كانوا يبنون نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر، وأرخص، وأكثر قابلية للتخصيص وجذب بعض أفضل الباحثين من شركة جوجل. كتب المسؤول التنفيذي: "الحقيقة غير المريحة هي أننا لسنا في وضع يسمح لنا بالفوز في سباق التسلح هذا ولا يمكن لشركة أوبن أيه آي أن تفوز. من الذي سيدفع مقابل أحد منتجات جوجل مع قيود الاستخدام إذا كان هناك بديل مجاني وعالي الجودة دون قيود؟"
هذا الأسبوع، حاولت شركة جوجل تعزيز جهودها عبر الإعلان أنها ستدمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في نطاق واسع من الخدمات، في محاولة منها للحاق بشركة مايكروسوفت. لكن وفقا لمذكرة جوجل، فإن المستفيد الرئيس من الاتجاه نحو النماذج مفتوحة المصدر قد يكون شركة ميتا، التي كانت أيضا تتجه نحو مجال الذكاء الاصطناعي. فبعد أن أطلقت نموذج لاما LLaMA مفتوح المصدر الخاص بها في شباط (فبراير)، تهدف شركة ميتا الآن إلى بناء منصة يمكن للآخرين اللعب عليها. تماما كما أنشأت شركة جوجل نظاما بيئيا جديدا للتطبيقات حول برمجية الهاتف المحمول الذي يعمل بنظام أندرويد مفتوح المصدر الخاص بها، يمكن أن تظهر شركة ميتا بوصفها المنصة التي يتم الابتكار عبرها. كتب المسؤول التنفيذي من شركة جوجل: "الفائز الوحيد الواضح في كل هذا هو شركة ميتا".
في الوقت نفسه، يراهن مستثمرو رأس المال المغامر على أن موجة جديدة من الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، من بينها شركات أنثروبيك، وكوهير، وستابليتي أيه آي، وإنفلكشين، وأيه آي 21 لابس، يمكنها التنقيب عن الذهب بنجاح أيضا. يكمن منطقهم في أن بعض هذه الشركات الناشئة على الأقل يمكن أن تتحرك بشكل أسرع من الشركات الكبرى، وتهيمن على مجالات محددة في السوق وتتجاهل إلى حد كبير ضوابط السلامة المكلفة "أمر ينبغي أن يثير قلق الجهات التنظيمية".
المستقبل سيكون لنماذج الذكاء الاصطناعي الأصغر والمختصة والأقل تكلفة في التدريب، والأسرع في التشغيل وتخدم حالة استخدام محددة، كما يقول يوآف شوهام، المؤسس المشارك لشركة أيه آي 21 لابس الناشئة. أخبرني شوهام: "الخندق ليس التكنولوجيا، بل العلاقة مع المستهلك. أعتقد أنها ستكون سوقا يستحوذ فيها قليل على كثير، وليست سوق الفائز يأخذ كل شيء". سيفشل كثير من الشركات الناشئة الأخرى، التي تقدم خدمة عامة فقط وليس لها أي جاذبية لدى العملاء.
من المرجح أيضا أن تزدهر الشركات الحالية القائمة في معظم الصناعات التي يمكنها تغذية بيانات الملكية الخاصة بها في نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية وضبط المخرجات. التحدي بالنسبة لها هو إعادة هندسة هياكلها التنظيمية لاستغلال التكنولوجيا الجديدة. والفائزون الآخرون المؤكدون هم شركات "الاستثمار المغامر" التي توفر الأدوات لهذا التحول التكنولوجي. وستستفيد شركات الحوسبة السحابية الكبيرة، أيه دبليو إس، وجوجل ومايكروسوفت، من الطلب الشره على نماذج قوة الحوسبة. لكن شركة نفيديا، المهيمنة على وحدات معالجة الرسوم التي تدعم معظم نماذج الذكاء الاصطناعي، تبرز أيضا. يقول جنسن هوانج، الرئيس التنفيذي للشركة: "إننا نعيش في عصر الآيفون الذهبي بالنسبة للذكاء الاصطناعي".
هذه هي السرعة التي يتطور بها القطاع، ومع ذلك، فإن أفضل تخمينات اليوم قد تتحول إلى قسائم رهان ممزقة غدا. يشير تاريخ تكنولوجيات الأغراض العامة الأخرى، مثل الكهرباء، والسيارات، والإنترنت إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيوجد أسواقا ونماذج أعمال جديدة لا يمكن لأحد أن يتخيلها اليوم. قد تكون الشركة التي لم يتم تأسيسها بعد هي من سيستخرج معظم الذهب.